بعد اعتراف الجمعية العمومية للأمم المتحدة باستقلال ليبيا في 21 نوفمبر سنة 1949، اتخذت عدة تدابير اقتصادية لتحقيق السيادة الليبية، ومنها توحيد العملة الليبية، وإعداد إطار قانوني لإقتصاد الدولة الجديدة، ففي سنة 1951 عقدت مجموعة من الاجتماعات في لندن وجنيف، تكونت من لجنة من الخبراء المحليين، و بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، والتي كانت تضم ممثلين من مصر وفرنسا وايطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، وممثلا من الحكومة الليبية المؤقتة.
كما تقدم صندوق النقد الدولي بتقرير فني شامل، يعالج مسالة توحيد العملة الليبية، يتكون من شقين، الأول يعالج التوصيات الرئيسية الخاصة بتوحيد ونوع العملة الجديدة، وتركيبتها والجهاز اللازم لإدارة إصدارها.
والجزء الثاني من التقرير تكون من دراسة عامة للحالة الاقتصادية للبلاد قبل الاستقلال، وكان ملخص التقرير ان الأقاليم الثلاثة يتسم اقتصادها بالتركيز علي قطاعي الزراعة والرعي، أما القطاع التبادلي الذي يستخدم النقود، كانت تملكه وتدبره مؤسسات أجنبية، والتصدير كان مقتصر علي بعض المنتجات الزراعية والمواشي فقط.
وكان إجمالي العملة المتداولة في طرابلس سنة 1950 حوالي بليون (مال)، اي يزيد بقليل عن المليونين جنيه إسترليني،وكانت الودائع المصرفية تحت الطلب للعملات مليون جنيه إسترليني، أما في برقة فكانت العملة المتداولة نحو مليون جنيه مصري، والودائع المصرفية بلغت حوالي ربع مليون جنيه مصري، وفي فزان كانت مايعادل مائة ألف جنيه هي العملة المتداولة، وكانت في نطاق محدود.
وقد أوصي صندوق النقد الدولي ان تكون العملة الجديدة تساوي في قيمتها( 4 شلن إسترليني) او (0.56 دولار أمريكي)، وأن تتكون العملة الجديدة من مائة جزء، وتصدر أوراقها بالفئات التالية:-
( 500 وحدة_100 وحدة_50وحدة _10وحدات _ 5وحدات _ ووحدة واحدة) وتتكون الوحدة الواحدة في فئاتها المعدنية من(0.50_0.10_0.05_0.01)، وتضمنت التوصية أن يكون غطاء للعملة الجديدة بنسبة 100% بالعملة الأجنبية، وترك موضوع تحديد اسم العملة للحكومة الليبية المؤقتة.
وفي نهاية الاجتماعات أبلغت الحكومة المؤقتة لجنة الخبراء قرارها بالانتساب لمنطقة الإسترليني، وإصدار عملة ليبية جديدة اسمها (الجنيه)، تتكون من (100قرش) وكل قرش يتكون من (عشرة مليمات)، وقررت إنشاء لجنة تمهيدية للنقد لغرض اتخاذ جميع الترتيبات الأمنية اللازمة لإصدار أول عملة ليبية،كما قررت إنشاء لجنة النقد الليبية،لتقوم بادارة النقد بعد الاستقلال، واتفق علي أن تكون اللجنة التمهيدية برئاسة شخص بريطاني وعضوية ممثلين ليبين، وممثل واحد عن كل من فرنسا وايطاليا، وثلاثة بريطانيين،.
وكان أول تشكيل للجنة، يتكون من البريطاني ريدر بولارد، والليبيين هم الدكتور علي نور الدين العنيزي،وسالم شرميط، وفي 31 مايو سنة 1951بدأت اللجنة في اجتماعاتها في لندن حتي 15 ديسمبر من نفس السنة، وقد أصدرت في 24 أكتوبر 1951، قوانين لفئات العملة في المادة 12 وهي:-
( عشرة جنيهات، وخمسة جنيهات، وجنيه واحد، ونصف جنيه، وربع جنيه، وعشرة قروش، وخمسة قروش)، اما العملات المعدنية فكانت ( قرشين، وقرش، وخمسة مليمات، ومليمان، ومليم واحد.
كما نصت المادة 12 أيضا علي سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات القديمة، حيث يساوي الجنيه الليبي 480 مال، ويساوي أيضا 98.5 قرش مصري، 980فرنك جزائري.
وكانت شركة (براد بوري ويلكنسون) من قامت بطباعة الأوراق النقدية للجنيه الليبي من فئة (عشرة جنيه، وخمسة جنيهات، وجنيه، ونصف جنيه)، بينما شركة ( توماس دي لاريو) من طبعت فئة الربع الجنيه، والعشرة قروش، والخمسة قروش).
أما العملة المعدنية صنعت من النيكل والبرونز، فقد جرى سكها في دار السك الملكية، وقد قدمت المملكة البريطانية قرضا قدره 150000 جنيه إسترليني، بفائدة 2% سنويا لتمويل أعمال لجنة النقد التمهيدية .
وقد أصدرت اللجنة أول عملة في 24 مارس سنة 1952، وانتهت العملات القديمة رسميا في24 يوليو سنة 1952،وسلمت العملة القديمة الي المملكة البريطانية ،مقابل تقديما غطاء 100% للإصدار الأول من العملة الليبية.
وكانت كمية العملة المتداولة سنة1952 حوالي 7.2 مليون جنيه سنة 1952، ووصلت سنة 1955 الي 9.9 مليون جنيه.