Skip to main content
"أبوسنينة": إصدار العملة وسحبها من التداول قراءة في القانون رقم (1) لسنة 2005 بشأن المصارف وتعديله
|

“أبوسنينة”: إصدار العملة وسحبها من التداول قراءة في القانون رقم (1) لسنة 2005 بشأن المصارف وتعديله

كتب: الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة” مقالاً

العملة الوطنية تعتبر رمز للسيادة الوطنية، لا ينبغي التشكيك فيها أو أن تخضع عمليات إصدارها وتداولها أو سحبها لإجراءات غير نظامية أو بالمخالفة للقانون الذي أعطى للنقود الورقية قوة إبراء غير محدودة، وجعلها صالحة للدفع في مواجهة أية إلتزام لحاملها، فهي حق يمكن استعماله في مواجهة كافة الحقوق الأخرى .

ولا ينبغي تقييم العملة الوطنية فقط من خلال ما تساويه أو تعادله من النقد الأجنبي ( الدولار مثلاً )، في إطار مايعرف بنظرية تعادل القوة الشرائية، وإنما من خلال درجة الموثوقية فيها وأفاق توظيفها لأغراض الاستثمار المحلي ( استثمار مباشر وغير مباشر ) وكمخزن للقيمة .

وقد أفرد قانون المصارف الفصل الرابع منه لإصدار النقد، حيث نصت المادة ( 30 ) من القانون على أن يكون للمصرف وحده امتياز إصدار النقد ( النقود الورقية والنقود المعدنية ) ويتولى مجلس إدارة المصرف تنظيم وتحديد وأسس إصداره ووضع مواصفاته وفئاته ويجب أن تحمل النقود الورقية توقيع المحافظ، ولهذا سُمِّيت legal tender .

وتتولى إصدار النقود إدارة مختصة بمصرف ليبيا المركزي تسمى إدارة الإصدار وفقاً لأحكام المادة ( 38 ) من قانون المصارف، ولها حسابات منفصلة عن حسابات وعمليات المصرف الأخرى، وتحسب جميع المصروفات الناشئة عن إعداد وإصدار وطرح وسحب وإعدام النقود الورقية والمعدنية خصماً على أصول إدارة الاصدار .

وتعتبر مجموع العملة المصدرة التزاماً على إدارة الإصدار ( أي تسجل في جانب الخصوم في حسابات إدارة الإصدار ) ويقابلها في جانب الأصول غطاء العملة، الذي ينبغي أن يكون مجموعه مساوياً لمجموع العملة في التداول مضافاً إليها العملة بخزائن المصارف العاملة .

وقد أصدر مصرف ليبيا المركزي حتى تاريخه ما مجموعه 46 مليار دينار ( ويجب عدم الخلط بين العملة المصدرة عن مصرف ليبيا المركزي من جهة، والعملة التي تخلقها المصارف التجارية، أي ما يعرف بالنقود المصرفية أؤ الإئتمانية، من خلال عمليات الائتمان التي تقوم بها وماتحتفظ به من ودائع تحت الطلب، التي تشكل مع العملة في التداول مايعرف بعرض النقود ) .

ونحن هنا بصدد الحديت عن النقود التي يحتكر إصدارها المصرف المركزي أي مبلغ 46 مليار دينار فقط، الذي يمثل إجمالي ماتم إصداره من النقود، والجدير بالذكر أن أصول والتزامات إدارة الإصدار تتغير على نحو مستمر، يكاد يكون يومياً، حيث كلما سحبت المصارف التجارية نقود ورقية أو معدنية من خزائن إدارة الإصدار، خصماً على حساباتها طرف مصرف ليبيا المركزي، كلما ترتب على ذلك زيادة التزامات إدارة الإصدار مما يضطرها إلى تعلية أصولها بقيمة غطاء العملة الواجب تكوينه والمساوي لقيمة العملة التي سحبتها المصارف، وتعتبر هذه العملية إصداراً للنقد .

وفي المقابل إذا قامت المصارف بإيداع عملة لدى إدارة الإصدار بالمصرف المركزي، والتي يتم قيدها في حساباتها التي تديرها لدى المصرف المركزي، فان هذه العملية ترتب إجراء قيود عكسية بسجلات إدارة الاصدار، حيت يتم تخفيض التزامات إدارة الإصدار بقيمة النقود التي ورّدتها المصارف إليها، وفي المقابل يتم تسريح جزء من غطاء العملة ( تخفيض أصول ادارة الاصدار ) بقيمة العملة التي تم توريدها، والتي تعتبر عملية سحب من العملة في التداول .

والمصرف المركزي لايستطيع أن يصدر النقود بدون قيود، وإنما عليه الثتبت من حاجة الاقتصاد للسيولة ومدى توفر ادوات غطاء العملة بمكوناته المختلفة وفقاً للنسب التي حددها القانون، ولذلك منع القانون المصرف المركزي من القيام بإقراض الحكومة، واكتفى بالسماح له بمنح سلف مؤقتة للحكومة والتي ينبغي أن تُسوّى في نهاية كل سنة مالية ولايسمح بتراكمها حفاظاً على استقرار المستوى العام للأسعار .

وهنا يجب التفريق بين طباعة العملة الورقية التي يقوم بها المصرف المركزي من جهة وإصدار العملة من جهة أخرى، حيث عندما تتم طباعة العملة وتوريدها لخزائن المصرف المركزي تعتبر مجرد قرطاسية لا تتجاوز قيمتها تكلفة طباعتها، وبمجرد مايتم سحبها من الخزائن وتسليمها للمصارف التجارية أو فروع مصرف ليبيا المركزي تكتسب مزايا وخصائص العملة المصدرة وقوة الإبراء والتي تستوجب توفير الغطاء القانوني اللازم لها من الذهب والعملات الأجنبية وسندات الخزانة الأجنبية ووحدات حقوق السحب الخاصة وفقاً لما حدده القانون رقم ( 1 ) لسنة 2005 وتعديلاته .

وسوف نتناول في الجزء التاني من هذا الإدراج تفاصيل غطاء النقد الليبي ومكوناته وقيمته والأهمية النسبية لكل بند من بنود غطاء العملة، وعلى النحو الذي حدده قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وما يجري تطبيقه على أرض الواقع .

حددت المادة ( 36 ) من القانون رقم ( 1) لسنة 2005 بشأن المصارف وتعديلاته؛ أن يقابل مجموع قيمة النقود الورقية والمعدنية المتداولة، بصفة دائمة، أصول مكونة من الآتي :
1- ” سندات أو نقود ذهبية، أو عملات أجنبية قابلة للتحويل، أو حقوق السحب الخاصة، بحيث لايقل كل ذلك عن 30 % من مجموع أصول الإصدار .
2- أدوات وسندات الخزانة، التي تصدرها الخزانة العامة في ليبيا، ولا تتجاوز مدة استحقاقها خمسة عشرة سنة من تاريخ حيازة المصرف لها، ولاتزيد قيمتها عن 20% من مجموع أصول الاصدار .
3- سندات مالية تصدرها أو تضمنها مؤسسات مالية دولية أو حكومات أجنبية يمكن الاحتفاظ بعملاتها، وتستحق الدفع خلال مدة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ حيازة المصرف لها، وبحيث لاتزيد قيمتها عن نسبة 50% من مجموع أصول الاصدار، ويجوز لمجلس الإدارة أن يقرر الاحتفاظ، ضمن هذه النسبة ، بسندات أجنبية، تستحق الدفع خلال مدة لاتتجاوز خمس عشرة سنة، من تاريخ حيازة المصرف لها، على إلا تزيد قيمتها على نسبة 10% من مجموع أصول الاصدار .
4- السندات الأخرى التي يحددها مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، والتي تصدرها المصارف والمؤسسات المالية الدولية، وتكون بعملات قابلة للتحويل، وقابلة للتداول في الأسواق المالية الدولية، ولا تزيد مدّة استحقاقها على عشر سنوات من تاريخ حيازة المصرف لها “.

وكما أوضحنا في الجزء الأول من هذا الإدراج أن مجموع ما أصدره مصرف ليبيا المركزي من النقود الورقية والمعدنية تبلغ قيمته 887. 46 مليار دينار، أي أن مجموع أصول إدارة الإصدار بمصرف ليبيا المركزي تبلغ 46.887 دينار، وهذا يعني أنه لايوجد دينار واحد صدر عن مصرف ليبيا المركزي، وفقاً لأحكام قانون المصارف، ولا يقابله غطاء ضمن أصول إدارة الإصدار .

وقد جرى العمل بهذا الأسلوب منذ تأسيس مصرف ليبيا المركزي في خمسينيات القرن العشرين، ويقابل العملة المتداولة لدى الجمهور وفي خزائن المصارف والتي تبلغ 46.887 دينار الأصول الآتية ( غطاء العملة ) لدى ادارة الإصدار بمصرف ليبيا المركزي :.
1- حقوق السحب الخاصة بمبلغ 10.653,670,690 مليار دينار بنسبة22.7% .
2- نقدية وأرصدة بالعملة الأجنبية بمبلغ 4.661695 مليار دينار، بنسبة 10% .
3- ودائع زمنية بالعملات الأجنبية بمبلغ 6.618059 مليار دينار، بنسبة 14 % .
4- سندات مالية أجنبية بمبلغ 15.638485 مليار دينار ، بنسبة 33.4% .
5- الذهب النقدي بمبلغ 9.316053 مليار دينار بنسبة 19.9% .

وهذه المبالغ التي تشكل غطاء العملة المصدرة تعتبر جزءاً من احتياطيات المصرف المركزي ، وتحسب ضمنه .

وعلى سبيل المثال والتوضيح، لو أخدنا ورقة واحدة من فئة 50 دينار ( غير مزيفة ) نجد أن مصرف ليبيا المركزي يحتفظ مقابلها كغطاء لها ( التزام على المصرف المركزي ) المبالغ التالية:

  • حقوق سحب خاصة 11.35 دينار
  • عملة أجنبية نقداً 5 دينار
  • ودائع بالعملة الأجنبية دينار
  • سندات مالية أجنبية 17.6 دينار
  • ذهب نقدي 9.95 دينار
    وهكذا بالنسبة لكل فئة من إصدارات فئآت العملة الأخرى .

وتنص المادة ( 37 ) من القانون رقم (1) بشأن المصارف على إيداع الذهب والنقد الاجنبي والأصول الأجنبية، المكونة لغطاء الإصدار، في خزائن المصرف، أو في أي من المصارف المعتمدة في الخارج، ويكون الإيداع باسم مصرف ليبيا المركزي ولحسابه .

وحيث أنّ قراراً قد اتخذ لسحب الإصدارين الأول والتاني من الورقة النقدية من فئة الخمسين دينار، ويجرى الأن ايداعها لدى المصارف التجارية، والتي يقدّر مجموع ما صدر منها 13 مليار دينار ، فمن المتوقع أن تورد المصارف إلى خزائن ادارة الاصدار بمصرف ليبيا المركزي، بنهاية شهر أغسطس 2024 ، مبلغاً وقدره 13 مليار دينار ، وهذا الإجراء سيؤدي إلى تخفيض التزامات إدارة الإصدار، ومن تم غطاء العملة، بمبلغ 13 مليار دينار ، تستطيع إدارة الإصدار استخدامه في توفير الغطاء القانوني لمبلغ مماثل من العملة يمكن لمصرف ليبيا المركزي إصداره .

غير أن المصارف التجارية، في الاثناء ، لن تتوقف عن سحب المزيد من النقود، من مختلف الفئات الأخرى، وفقاً لما يوفره مصرف ليبيا المركزي، لمواجهة طلبات المودعين في ظل أزمة السيولة الحالية، وهذا يعني أن إصدار النقود يعتبر اجراءً مستمراً معتاداً ما استمرت المصارف التجارية في مزاولة أعمالها .

ووفقا لاحكام المادة ( 34 ) من قانون المصارف، لمجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي أن يسحب من التداول أيً فئة من النقود الورقية أو المعدنية التي أصدرها، وأن يبطل مفعول أية فئة منها، مقابل دفع قيمتها الإسمية …..الخ

شريطة الإلتزام بالإجراءات والمدة التي حددها القانون، ولا يشترط أن تكون النقود التي يتم سحبها من التداول أو إبطال مفعولها ، نقوداً مزيفة، وفي ذات الوقت إذا تبت للمصرف المركزي أن هناك عملة ورقية مزيّفة وبمبالغ كبيرة نسبياً، يجري تداولها، فعليه، في هذه الحالة، سحبها من التداول وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون المصارف .

مشاركة الخبر