كتب: الخبير والمهتم بالشأن الاقتصادي “عبد الحكيم التليب”
حسب المسموع فإن صورة جلسة الصالون المرفقة هي اجتماع اعتماد الميزانية العامة للدولة!
في الأحوال الطبيعية عند البشر السوية فإن عملية اعتماد الميزانية هي مهمة (السلطة التشريعية) المنتخبة من المواطنين!!
أما (السلطة التنفيذية) المتمثلة في رئيس الحكومة ومجلس الوزراء فإن مهمتها تقتصر على إعداد مقترح الميزانية وعرضه على السلطة التشريعية المنتخبة من المواطنين لاعتماده والموافقة عليه، ولا تصبح الميزانية قانونية وسارية المفعول إلا بقانون رسمي يصدر عن السلطة التشريعية (البرلمان)، وبدون ذلك فإن الميزانية لا تعتبر قانونية ولا شرعية.
(السلطة التشريعية) تتكون بدورها من النواب الذين انتخبهم واختارهم المواطنون، وكل نائب يمثل دائرته الانتخابية، وكل نائب مسئول أمام مواطني دائرته الانتخابية، وهو مسئول عن خدمة هؤلاء المواطنين ورعاية مصالحهم وحل مشاكلهم، بالإضافة إلى مسؤوليته التضامنية مع باقي النواب في رعاية مصالح الدولة بشكل عام، والنائب مُلزم قانونيا بأن يكون له عنوان رسمي معروف ومحدد وثابت داخل دائرته، وملزم أن يكون له دوام رسمي معروف ومحدد، وأن يتواجد في دائرته على الأقل نصف الوقت، ومن حق أي مواطن في الدائرة طلب مقابلته، ومن حق المواطنين في الدائرة محاسبة نائبهم وسحب الثقة منه وإسقاطه واستبداله بشخص آخر إذا اتضح لهم أنه ليس قادرًا أو مؤهلا على القيام بمهامه، وهناك وسائل وإجراءات قانونية عملية محددة لتمكين المواطنين من القيام بذلك، رغم أنه في أغلب الديمقراطيات العريقة فإن النائب الذي يحترم نفسه ويمتلك بعض الخجل والإنسانية فإنه يبادر بالانسحاب من تلقاء نفسه إذا شعر أنه غير قادر على خدمة مواطنيه دون الحاجة إلى إجراءات قانونية لطرده.
هذا الكلام ينطبق على الديمقراطيات الحقيقية في دول المواطنة التي تحترم نفسها والتي بنتها وشيدتها شعوب واعية تعرف ماذا تريد وتعرف كيف تفرض إرادتها، أما في إقطاعيات التخلف فإن اعتماد الميزانية يتم في جلسة صالون خفيفة بين بعض الأفراد كأنهم في مقهي، والذي يتولى تسديد الفاتورة الباهظة هم الملايين المرميين على الرصيف الذين هم الأصحاب الشرعيين والقانونيين لأموال الميزانية، ولكنهم تنازلوا عن حقهم في هذه الأموال ووضعوها تحت تصرف حفنة من الأفراد يسمونهم الحكومة، وكل حكومة وأنتم بخير.