حبارات: بيان المركزي بشأن الإيراد والإنفاق واستخدامات النقد الأجنبي مخيب للأمال وقد يبرر رفض المحافظ لقرار مجلس الإدارة بشأن تخفيض قيمة الدولار

375

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

أصدر المركزي أمس بيانه الشهري عن الإيراد والإنفاق وعن إستخدامات النقد الأجنبي وذلك عن الفترة من 1/1 حتى 30:11/2022 ( مرفق صورة ) .

هذا وقد أظهر البيان أرقام مخيبة للأمال بل إنه يبرر وللأسف رفض المحافظ لقرار مجلس إدارة المركزي بشأن تخفيض سعر الدولار الأمريكي عند 4.26 دينار وذلك للأسباب والمبررات التالية .

1- لم تتجاوز حصيلة الإيرادات النفطية عن الفترة ما قيمته 19.000 مليار دولار فقط ، ما نسبته ‎%‎25 أي ما قيمته 5.000 مليار دولار تمثل أتاوات وضرائب نفطية عن سنوات سابقة رغم إن متوسط الإنتاج النفطي اليومي على مدار العام أستقر فوق حاجز 1.000 مليون برميل والأسعار أستقرت فوق حاجز 85 دولار للبرميل حتى نهاية نوفمبر الماضي .

و السؤال هو ، ما سبب إنخفاض حصيلة الإيرادات النفطية في ظل تزايد الإنتاج وإرتفاع الأسعار ؟.

مع ملاحظة إن إيرادات النفط عن أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر لم تورد بعد لحسابات الحكومة لدى المركزي .

2- لم تتجاوز حصيلة الإيرادات السيادية من ضرائب وجمارك ورسوم وفوائض شركات عامة ما قيمته 2.000 مليار دينار أي ما نسبته ‎%‎02 من إجمالي إيرادات الفترة ، وهذا ليس تدني كما وصفه المركزي بل هبوط حاد يعكس مدى إعتماد الحكومة المفرط على إيرادات النفط كوسيلة وحيدة في تمويل الإنفاق العام وفي توفير كافة إحتياجات البلاد وفشلها في القيام بأهم مهامها الأساسية المتمثلة في جباية الضرائب والأتاوات وسائر الإيرادات الأخرى.

3- تزايد وتيرة الإنفاق العام حيث ناهز من 87.000 مليار دينار وفق لبيان المركزي في حين قارب من 89 مليار دينار وفق لبيان وزارة المالية ويتوقع أن يقارب من 98.000 مليار دينار مع نهاية العام مع ملاحظة إنه لم يتضمن المبلغ المذكور الإنفاق على البرامج والمشروعات التنموية حتى نهاية نوفمبر المنصرم في حين تضمن الإنفاق على المؤسسة الوطنية للنفط بما قيمته 19.200 مليار دينار .

4- بلغت الزيادة في قيمة المرتبات وفق الجدول الموحدة لبعض الجهات قرابة 2.300 مليار دينار وفق لبيان وزارة المالية وذلك عن شهري أكتوبر ونوفمبر ويتوقع أن تتزايد أكثر خلال العام 2023 م مع إستكمال صرف الزيادة لكافة الجهات .

والسؤال هو ، هل قامت الحكومة بتأمين مصادر تمويل مستدامة تضمن صرف الزيادة في قيمة المرتبات دون توقف ، وما هي مصادرها ؟.

5- بلغ قيمة ايرادات النقد الأجنبي 19.000 مليار دولار ( جلها ايرادات نفطية )في حين بلغت المدفوعات 21.500 مليار دولار أي أن هناك عجز قدره 2.500 مليار دولار وهذا العجز يعكس تزايد الطلب على النقد الأجنبي والضغوط أكثر على سعر الدينار .

مع ملاحظة إن قيمة إيرادات النقد الأجنبي البالغة 19.000 مليار دولار لا تتضمن قيمة الإيرادات النفطية عن أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ، كما يبدو لا يتضمن جانب المدفوعات قيمة الإلتزامات الخارجية كالمتعلقة بفاتورة المحروقات وغيرها من إلتزامات رغم إن المركزي والحكومة لم يبديان أي توضيح بخصوص ذلك .

6- بلغت قيمة أجمالي إستخدامات المصارف من الإعتمادات المستندية والحوالات المالية والأغراض الشخصية ما قيمته 14.615 مليار دولار ما يعني إن جل الإيرادات النفطية تهدر في أغراض إستهلاكية ما يشكل عبء وإستنزاف لإحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي .

والسؤال هو ، كم تحتاج دول كمصر وتونس ولبنان من قروض خارجية لإصلاح اقتصادياتها ؟ وما هي الشروط والإملاءات التي يفرضها صندوق النقد الدولي على تلك الدول في سبيل حصولها على تلك القروض والمستعدة لقبولها ؟.

في الختام يبدو إن الوضع الاقتصادي مرشح لمزيد من التأزم خاصةً في ظل إستمرار حالة الإنقسام السياسي والتشظي لمؤسسات الدولة مع غياب رؤية اقتصادية وخطط إستراتيجية وحكومة كفاءات قادرة على إنتشال البلاد من أزماتها .

كما إنه يجب التذكير بإن رفض المحافظ لقرار مجلس إدارة المركزي بشأن تخفيض سعر الدولار عند 4.26 قد يبدو اقتصادياً له ما يبرره ، فسعر الصرف عبر مبيعات النقد الأجنبي هو مصدر الحكومة الوحيد في تمويل الإنفاق العام المتزايد ، فتخفيض بقيمة 220 درهم يعني للحكومة خسارتها لقرابة 6.000 مليار دينار وهذا الرقم قد يكون لها كافي لتغطية أي عجز محتمل في ميزانيتها ، كما إن أسعار النفط متقلبة ومن الصعب التنبؤ بها والتعويل عليها فيه نوع من المجازفة ، هذا بالطبع ناهيك عن حالة عدم اليقين أو ما يعرف ب Uncertainly Situation التي تغيم على المشهد منذ أكثر من تماني سنوات والتي قد تلقي بظلالها مجدداً على إنتاج النفط وذلك بعد أن تحول إلى ورقة في الصراع .