حبارات يكتب: توضيح مهم جداً حول إنخفاض أسعار النفط

286

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

هبطت أسعار النفط لمزيج برنت مساء أمس إلى قرابة 86 دولار للبرميل.

أخبار كهذه بالتأكيد سارة للدول التي تستورد الطاقة وغير منتجة لها بشكل كافي كمصر وتونس والأردن والمغرب وغيرها ، فجميع هذه الدول عانت من إرتفاع فاتورة الوقود خلال الأشهر الماضية عندما أرتفعت أسعار النفط بشكل متزايد حتى قاربت من 130 دولار للبرميل خلال مارس الماضي وذلك قبل أن تستقر عند حاجز 120 دولار للبرميل لفترة ما حدا بحكومات بتلك الدول السعي للاقتراض من الخارج لرفد احتياطياتها من العملات الاجنبية و دعم عملاتها المحلية التي خسرت جزء لا بأس به من قيمتها أمام الدولار ، فالحرب الروسية الاوكرانية أثرت عليها سلباً حتى فيما يتعلق بفاتورة الغذاء أنداك .

كما أن الدول الصناعية الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والصين ودول أخرى مستفيدة من انخفاض اسعار النفط وهذا من شأنه أن يبعد شبح إنزلاق الاقتصاد العالمي في مستنقع الركود ، فإنخفاض أسعار النفط ستؤثر إيجاباً على معدلات التضخم المرتفعة حالياً ، فالوفود سلعة إستراتيجية وسيطة تدخل في إنتاج وتصنيع معظم السلع وتشغيل وتسيير كافة الخدمات بما فيها الإستهلاك المنزلي.

وصحيح الدول الخليجية متضررة أيضاً من إنخفاض أسعار النفط لكن ليس كثيراً فجميع هذه الدول أستفادت من الطفرة النفطية التي شهدتها الأسواق خلال الأشهر الماضية ولديها موارد بديلة لتمويل أي عجوزات تطراء على ميزانياتها ولو أضطرها للسحب من إحتياطياتها الضخمة ، كما إن روسيا التي تخوض حالياً حرب والتي تعاني من وطأة العقوبات الاقتصادية الغربية الأمريكية متضررة كثيراً من إنخفاض أسعار النفط فهي تعتمد بشكل كبير على أيرادات النفط والغاز في تمويل قرابة ‎%‎60 من ميزانيتها وفي توفير العديد من إحتياجاتها عبر الخارج .

لكن للأسف تبقى ليبيا المتضرر الأكبر خاصة في حال ما أستمر التراجع في الأسعار وذلك لأسباب عدة لعل أبرزها .
1- ليبيا ليس لديها مصادر بديلة غير النفط لتمويل أي عجز محتمل في ( ميزانيتها ) كما إن إحتياطياتها المالية ضيئلة وغير كافية ولا خيار أمام حكومتها إلا اللجؤ إلى المركزي بهدف الإقتراض ومفاقمة الدين العام المصرفي .

2- إرتفاع الإنفاق الحكومي لهذا العام والذي يتوقع أن يناهز حاجز 86 مليار دينار في حال ما تم تسييل الأموال المتعلقة بباب التنمية ما يعني قد تجد الحكومة نفسها غير قادرة حتى على تنفيذ جدول المرتبات الموحد الذي سيترتب على تنفيذه تدبير مخصصات مالية إضافية لا تقل عن 15 مليار دينار دينار سنوباً .

3- إنخفاض أسعار النفط و إستمرار تراجعها بالتأكيد سيفاقم العجز في ميزان المدفوعات وتأكل أكثر لرصيد الإحتياطي الأجنبي ما يعني زيادة الضغوط على سعر الصرف وقطع أي أمال لإعادة النظر في تخفيض سعر الدولار كما كان يأمل ويطمح جميع المواطنين .

لكن وللأسف كان بإمكان تفادي كل ذلك لولا تعنت السياسيين وإقحامهم للنفط في صراعاتهم السياسية ، فالتعطيل الجزئي لإنتاج و تصدير النفط خلال الاشهر الماضية ناهيك عن الفساد والهدر في المال العام أضاع على البلاد إيرادات نفطية بقيمة تصل إلى ما يقارب من 8 مليار دولار على أقل تقدير أي ما يعادل 36 مليار دينار .

وفي الختام تبقى إحتمالية إرتفاع أسعار النفط مجدداً واردة خاصةً مع قرب حلول فصل الشتاء و تصاعد التوتر بين روسيا والغرب بسبب الحرب الروسية الاوكرانية وإنعكاسات ذلك على الاقتصاد العالمي، فالنفط أسعاره متقلبة ومن الصعب جداً التكهن والتنبؤ بها .