قال تعالى: وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ صدق الله العظيم
معاناةٌ مستمرةٌ منذ سنين وأوجاعٌ لمرضٍ ينهش أجسام المستضعفين وبالإضافة إلى تلك الآلام، يتناسي الساسة لمرضى الأورام فهُم ليسوا من الأولويات، بل أحياناً يستعرضون مشقاتهم كهوايات .
في ظل غياب أجهزة الدولة الرقابية وغض البصر عن ما يحدث من تلاعب بأرواح المرضى من الذين سولت لهم أنفسهم الاتجار بالأدوية والجرعات الكيمياوي بطرق غير شرعية يتحكمون في أسعارها كيفما شاؤوا، ويحتكرون بيعها متي ارادو، ناهيك عن جلب جرعات مجهولة المصدر تم تهريبها إلى البلاد من قبل مايسموا بتجار الشنطة .
ورغم العدد الكبير من المرضى المصابين بالسرطان في ليبيا، وصرف ملايين الدولارات في الخارج والتي كانت من المفترض أن يتم تخصيصها لتوفير الأدوية بالداخل ، ومع ذلك يستمر نزيف الأموال وضخها لمنابع الفساد لكي يبقى المواطن رهين هذه التجارة أو ينتظر عطف رجال الأعمال والجمعيات الخيرية وأصحاب الخير ليتم توفير الجرعات للمستشفيات العامة بالداخل في ظل عجز الدولة عن توفيره أو رُبما عدم اهتمامها بتوفيره !! .
وفي ذات السياق تواصلت صحيفة صدى الاقتصادية مع إحدى المرضى لمعرفة أوضاعهم عن قرب، حيث قال بأن أسعار الجرعات تختلف إختلاف كبير من صيدلية إلى أخرى ناهيك عن عدم وجود رقابة على أسعار الجرعات .
وأوضح أيضًا بأن الصيدليات تقوم ببيع جرعات من دول مختلفة دون وجود أي دليل على سلامة هذه الجرعات وبفارق أسعار كبير .
وأضاف: بأن سوق الأدوية الليبي به العديد من جرعات الكيماوي المهربة من العديد من الدول والمسروقة من مستشفيات كمستشفيات دولة العراق .
وأشار إلى أن المستشفيات العامة لا توفر الجرعات إلا عن طريق مساهمات رجال الأعمال وأصحاب الخير والجمعيات الخيرية .
كما أوضح أحد الموظفين بإحدى الشركات الطبية في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية بأن عملية توريد جرعات الكيماوي للمستشفيات العام في الغالب تكون عن طريق توفير رجال الأعمال والجمعيات الخيرية، وأصحاب الخير هم من يتكفلون بتوفير الجرعات وذلك بسبب عدم قدرة الدولة على التوفير ، ويقتصر توريد وزارة الصحة للأدوية العلاجية التي تقدمها بعد تلقي المرضى جرعات الكيماوي ، إضافة إلى فرض الدولة لقيود كبيرة على الشركات الموردة .
وصرح أيضًا بأن الشركات هي المساهم الرئيسي في زيادة أسعار الجرعات وذلك عن طريق تخزين كميات من جرعات الكيماوي بعد جس نبض سوق الأدوية لمعرفة ما هي الأدوية التي عليها طلب وباقي الشركات لم توفرها .
وأشار إلى أن هذه الشركات تقوم بتخرين الأدوية المحتكرة وبيعها لرجال الأعمال والجمعيات الخيرية عندما يقترب إنتهاء موعد صلاحية الأدوية بمكسب يصل إلى 100% .
كذلك صرح مصدر بسوق الأدوية “الدريبي” حصريًا لصحيفة صدى الاقتصادية بأن بعض من اصناف الأدوية الخاصة بأمراض السرطان تأتي للسوق عن طريق التهريب وبكميات كبيرة، عن طريق طبرق ومصر وتركيا .
وأضاف “المصدر” خلال حديثه بأن المستشفى في الوقت الحالي لا توفر الجرعات للمرضى .
وفيما يخص الأسعار أكد بأنها مرتفعة حاليًا ، وهناك بعض من الجرعات تصل إلى قيمة 35 ألف دينار ليبي للجرعة الواحدة ، وأسعارهم تتراوح بين 2000 دينار إلى 35 ألف دينار .
أيضًا تحدث صاحب إحدى شركات توريد الأدوية في تصريح له لصحيفة صدى الاقتصادية عن آلية توريد وتسويق أدوية الأورام بليبيا حيث قال: كيفية توريد أدوية الأورام تتم من خلال عقود توريد مباشرة من شركات اجنبية ( أوروبية ) معينة، وذلك بتحديد كميات وصلاحيات معينه وشحنها عن طريق شركات شحن معروفة سواء كان جوي أو بحري ، تبريد أو عادي ، ويتم بعد ذلك الإفراج عنها بعد وصولها ودخولها للجمارك الليبية والتأكد من سلامتها .
أوضح كذلك بأن تسويق الأدوية يعتمد التسويق على الشركة ذاتها، وذلك عن طريق مندوب طبي طبعًا بعد تسعيرها ، وتوزع على الصيدليات أو مراكز العلاج الخاص بأسعار الجملة ومن ثم يتم بيعها للمريض بعد تحديد سعر البيع للجمهور ، أما إذا كان لجهات عامة يتم ذلك عن طريق عرض توريد من أي مستشفى عام يتوفر فيه أقسام علاج الأورام وهذا من القليل النادر حدوثه لأن الدولة لا تسدد المستحقات للشركة الموردة إلا (بالواسطة).
وأستطرد “المصدر” أيضًا فيما يخص أسباب تذبذب الأسعار: يعتمد ذلك أولاً على سعر الصرف وسعر الشحن وسعر السلعة من مكانها بحيث أنه مؤخراً هناك زيادة ف أسعار التكلفة من الشركة الأم وهذا بطبيعة الحال يزيد في سعر بيعه عند الوصول لليبيا .
وخلال حديثه أكد “المصدر” بأن دخول بعض أصناف الأدوية الخاصة بأمراض الأورام بطرق غير شرعية من قبل (تجار الشنطة) عن طريق مصر أو تركيا يشكل خطر كبير من ناحية سلامة الجرعة نفسها وذلك من قبل مايمكن تسميته (سمسار) وليس تاجر أدوية، فمنها ما يحتاج إلى الشحن بالتبريد وهذا في بعض الأحيان لايؤخذ بعين الاعتبار، وطبعًا دخوله عن طريق التهريب لا يترتب عليه تكلفه شحن وجمارك وغيرها، فهذا يسبب ربكة في السوق وتضارب مع أسعار الشركات الشرعية .
وقال رئيس وحدة سوق الجمعة للرقابة على الأغذية والأدوية أبوبكر مروان في تصريح له لصحيفة صدى الاقتصادية فيما يخص تهريب الأدوية الخاصة بأمراض السرطان: الآن نادر جدًا حدوث تهريب للأدوية حيث أنه يمكن ضبط هذه الأشياء عن طريق السُبل الضبطية المختلفة والجيدة التي تتخذها المطارات الآن .
أما بخصوص إرتفاع الأسعار في هذه الأصناف قال بأنه بسبب نقص تهريبها هذه الفترة، فالعملية الاقتصادية مربوطة بالعرض والطلب وكل ماقل العرض زاد الطلب وارتفع السعر .
وأضاف “مروان” بالقول: يوجد مشكلة في الموانىء ولا يوجد مشكلة في المطارات وعلى سبيل المثال دخول الأدوية الهندية والأدوية الغير مسجلة في الفترة الأخيرة ، فالموانئ الليبية يجب ضبطها وإن لم يتم ضبطها ستعاني البلاد الكثير وليس من الأدوية فقط بل من الغذائيات والألوان المحضورة والكثير من الأشياء التي تجلب الأمراض وبعضها تحتوي على المواد المسرطنة .
اختتم حديثه قائلًا: بعض المواد التي تدخل البلاد وهي غير مطابقة للمواصفات أعتقد أن المقصود بها ليبيا .
وفي لقاء حصري لصحيفة صدى الاقتصادية تحدث مدير عام المعهد القومي للأورام مصراتة “محمد الفقيه” بخصوص ملف الأورام في ليبيا، وقال بخصوص إحصائية عدد المصابين بأمراض سرطانية: إلى حد الآن لا توجد قاعدة بيانات مشتركة لاحصاء مرضى السرطان بدولة ليبيا، لكن كل جهة لديها احصائية خاصة بها والعدد الكلي لمرضى السرطان بليبيا لا يتجاوز 25 ألف حالة عدم وجود قاعدة البيانات سببه الدولة ووزارة الصحة فمراكز الأورام مجتمعة ميزانيتها لا تتجاوز 40 أو 30 مليون في حين إن عدد الحوالات التي يتم تحويلها لمركز الحسين أو المراكز الأخرى من 150 إلى 200 مليون دولار كل ربع سنة وهذا يعتبر كديون على دولة ليبيا، وعند مناقشة وزارة المالية أو الوزارات الأخرى لا نجد سوى الأعذار وأسباب كثيرة جداً عدم إهتمام الدولة بمراكز الأورام هو سبب رئيسي لتدني مستوى هذه المراكز على تأذية عملها ولاشك .
أما فيما يخص الآثار السلبية الناتجة عن عدم توفر قاعدة بيانات دقيقة للمرضى: إن عدم وجود قاعدة بيانات مشتركة يسبب رداءة الخدمات الصحية ونحن نقوم بتحويل قاعدة البيانات إلى وزارة الصحة ولكن لا يؤخذ بها لعدم وجود المؤهلين.
كما تحدث “الفقية ” بخصوص توفير أدوية العلاج الكيميائي والمشغلات للمركز قائلاً: بالنسبة لأدوية الكيماوي فهي غير متوفرة في دولة ليبيا لعدم وجود دائرة مستندية متكاملة ، فالدائرة المستندية تبدأ من مراكز الأورام وتتحول إلى وزارة الصحة ومن بعد إلى البرنامج الذي يقوم بالشراء المباشر (الإمداد الطبي) للأسف الدولة الليبية دائمًا بها أجسام مخترقة أو أفكار غريبة فتنفيذ الدائرة المستندية بعدم وجود الثقة بين المراكز وإدارة الصيدلة والإمداد ومصرف ليبيا المركزي وإدارات الرقابية سواء ديوان المحاسبة أو الرقابة الإدارية ، وهي كلها حلقات يشوبها الفساد من الأشخاص الموجودين بها سواء مسترزقين أو متسلطين ودائمًا هذه الدوائر تسبب عارض كبير لعدم استكمال الدائرة المستندية لكافة شركات الأدوية ، إن كانت الدولة الليبية تشتري كل الأدوية من الشركات المصنعة الرئيسية دون اللجوء إلى الشركات الغير أصلية فليس المعقول أن يكون عدد الحالات بسيط جدًا لدينا ونشتري أدوية غير أصلية وهذا بسبب وجود إختراق، كما أن لجنة شراء أدوية الكيماوي تم بها تكليف أشخاص من الأمن الداخلي وبالتالي كل مراكز الأورام تركت التعامل معهم وذلك بسبب أنه من غير الممكن النقاش مع رجل أمن على أدوية الكيماوي وهذا يعتبر قمة المهزلة والاستهتار بمرضى الأورام.
وأوضح السبب الرئيسي وراء عدم توطين علاج الأورام بالداخل ، حيث قال بأن المعضلة الصحية الكبيرة في دولة ليبيا أو في الأورام بشكل خاص هو التمريض وعدم وجود كفاءات تمريض جيدة على مستوى دولة ليبيا سبب الالتجاء إلى الدورات التمريضية بفترة 3 إلى 6 أشهر وهذا سبب عدم وجود كفاءات لتقديم الخدمات الصحية في كافة المراكز الصحية جميعها التمريض بها سيء، وهذا أحد أسبابه الرئيسية تدني الأجور لأن الدولار يساوي 4 دينار ونصف والقانون الليبي لازال بقيمة 700 دينار للتمريض والأجانب كذلك إن ضلت القيمة تساوي 100 أو 150 دولار أن يأتي أحدٍ والليبيات جميعهن يردن العمل بجانب بيوتهن ولمركز صحي وليوم واحد في الشهر وينتهي الدوام في الساعة الثانية عشر لكي يرجعن بيوتهن مبكرًا ، وفي الليل ممنوع بحكم عدم ثقتنا في الإجراءات الأمنية الموجودة داخل المستشفيات، الحل الرئيسي هو توفير خدمات طبية عن طريق التمريض والعناصر الطبية والطبية المساعدة وبأجور مناسبة ويجب أن تجلب الدولة عدد كافي من التمريض والمرتبات من 800 دولار .
وتحدث”الفقية” عن البرنامج الوطني لمكافحة السرطان قائلا: الكثير من القرارات العبثية تسبب الإرباك في خدمة مايُسمى البرنامج الوطني لمكافحة السرطان والقرارات تشمل إنشاء المراكز في مناطق عديدة كالخمس والزنتان والبيضاء وغربان والكفرة وسبها وأوباري هي مراكز وهمية وبعثت الاستهتار بامكانيات الدولة والأدوية الخاصة بالدولة فالبرنامج الوطني لمرضى السرطان فقط اعتمد 5 مراكز سرطان على مستوى ليبيا ولكن للأسف تم إنشاء مراكز وهمية سببت إرباك وإهدار للمال العام وللقدرات الخاصة بالدولة الليبية في التأثير على مراكز الأورام من خلال بعثة أرصدة الدولة ووزارة الصحة لهذه المراكز الغير قادرة حتى على العمل الإداري وكل هذا سببه الوساطة والبرلمان والجهوية والمناطقية وإنشاء مراكز وهمية وفاشلة .
وفي سياق متصل أوضح “الفقية” أسباب تدني الخدمات الصحية بمراكز علاج ومن أسباب التدني في الخدمات الصحية بليبيا أيضًا هو عدم وجود مركز جامع لمراكز أورام طرابلس وبنغازي فجزء منهم في طرابلس بشارع الزاوية بوحدة لعلاج الأورام في قسم الباطنة في مشفي طرابلس المركزي ووحدة أشعة ومشفى طرابلس كذلك كل قسم على حدى في حين يعاني مركز الأورام طرابلس من الشتات الحاصل ويحتاج إلى قرار دموي إلى تجميع خدمات الأورام في مركز واحد .
كما ذكرت منظمة حقوق أطفال الأورام عبر صفحتها الرسمية بأنه في ضل تخاذل وتخلي الحكومة الليبية على مرضي الأورام الليبين في الأردن ترتب عليه إيقاف العلاج عليهم من قبل مركز الحسين للسرطان وبسبب هذا توفي حوالي ثالثة عشر مريض بعد قرار إيقاف العلاج.
قرارات عبثية دون حسبان للنتائج ، وقرارت صرفٍ بدون دراسة للأولويات ، حكومة تهب المليارات لكل هذا وذاك ، ومرضى الأورام ينتظرون الالتفات.