كتب خبير ريادة الأعمال “د.ياسين أبوسريويل” مقالاً بعنوان :الاقتصاد الليبي بين الإيقافات والسياسات .
توقف إنتاج النفط الليبي أو إنخفاض مستوى إنتاجه هو شئ متوقّع، ولكنه دافع لتنويع الاقتصاد الليبي من خلال تطوير القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى .
إجمالاً إن نشاط القطاع الخاص في ليبيا قائم بشدّة على الاستهلاك وبالأخص المشاريع التي تموّلها الحكومة والتي تتأتى من عوائد بيع المنتجات الهيدركربونية وهي النفط والغاز.
بالتالي وجب على صانعي السياسات في ليبيا تخطّي هذه العوائق أو بالأحرى الشوائب التي تعيق جهود تنوع مصادر الدخل وذلك من خلال تحفيز أنشطة التنمية الاقتصادية الحقيقية من خلال مصادر أخرى غير النفط والغاز، وذلك من خلال سياسات وآليات مباشرة أو غير مباشرة، ويعتبر التوجه إلى التجارة الدولية عبر حدود ليبيا البرية والبحرية والجوية هو أحد السياسات الممكنة ويتم ذلك بالتوازي مع التحول إلى الإنتاج الصناعي، وتفادي المشاريع التي تتطلّب تمويلاً حكومياً واشراك المواطنين في تمويل هذه المشاريع بالجهد والتمويل، كما أن خلق الشركات الناشئة بنوعيها الصغرى والمتوسطة سيساهم هو الآخر في تنويع مصادر الدخل القومي من خلال تنويع مصادر الاقتصاد نفسه.
يعتبر البعض أن المشكلة هي من أين نبدأ؟ في الحقيقة هو سؤال قد تصعب الإجابة عنه دون الخوض في التجارب ودون المرور ببعض الأخطاء ويرى البعض أنه من المستبعد أن تصبح دولة ليبيا دولة تنافسية في المجال الزراعي، وأن التصنيع هو قطاع واعد أو بالأحرى بديل اقتصادي ممكن، ولكنه بحاجة إلى اعداد وتجهيز بنية تحتية حديثة تبدأ بالاتصالات مروراً بالطرق والكباري والموانئ والمطارات وصولاً لإنشاء المناطق الحرّة والصناعية والاعتماد على تجارة العبور.
فيما يخص المناطق الحرّة والصناعية والاعتماد على تجارة العبور في ليبيا لأنها تمتلك أكثر من ميزة تنافسية منها رخص الأيدي العاملة المحلية وقربها من أسواق العمل العالمية (مصر- الهند- باكستان- بنغلاديش) بالاضافة لموقعها الجغرافي المميز في قلب العالم وتتوسط الساحل الجنوبي للبحر المتوسط والذي يمكنها من ربط الدول المنتجة في شمال حوض البحر المتوسط والبحر الأسود بالدول المستهلكة جنوب الصحراء وهي التي تزخر بالمواد الخام والمنتجات الزراعية والتي تحتاجها دول شمال المتوسط ودول حوض البحر الأسود.
مماتقدم، فإنه تنويع الاقتصاد الليبي وتحقيق نسب عالية من النمو المستدام تكون مبنية على قطاعات وأنشطة مستقلة كلياً عن النفط والغاز، بل والتخلي تدريجياً عن عائدات النفط والغاز، وترتكز القدرة على إنشاء قطاعات مستقلّة عن النفط والغاز على ثلاثة أسس أو ركائز هي:
1- العمل على تحقيق استدامة مالية وضمن الحد الأدنى الممكن من التشوهات الاقتصادية والذي يتم من خلال تخصِّيص جزء من عائدات الريع على المدى القصير والمدى المتوسط.
2- حث القطاع الخاص الليبي على التوجه نحو التصدير والذي يعتبر نوع من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني .
3- خلق رأس مال بشري وتبنى الأفكار التي تعتمد على العقل البشري كريادة الأعمال والمشروعات الصغرى.
ختاماً يدرك الجميع أهمية التنوع الاقتصادي في ليبيا و إنه خيار إستراتيجي للتنمية الاقتصادية المستدامة، ولكن يبقى التكامل والتضامن بين المؤسسات هو الحلقة المفقودة، كما أن التعارض في إختصاصات بعض المؤسسات يجعل من الصعب توحيد السياسات، ووضع برامج تنموية أو تنفيذية تفصيلية والتي تركز على الإنسان الليبي المعتمد الآن في قوته ونشاطه على القطاع العام .