
| مقالات اقتصادية
أبوسنينة يكتب : ماذا يعني لليبيا والدول المصدرة للنفط تجاوز سعر برميل النفط “خام برنت” حاجز 118 دولار ؟
كتب: الخبير الاقتصادي د. محمد أبوسنينة مقالاً
إن تجاوز سعر برميل النفط ( خام برنت ) حاجز 118 دولار ، بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية ، لم يكن نتيجة لقصور في امدادات النفط في السوق العالمية ، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الامريكية ووكالة الطاقة الذرية عن طرح 60 مليون برميل من الاحتياطي النفطي في الأسواق ، ولكن هذا الإرتفاع الكبير ، والأكبر منذ عام 2013 ، يعتبر مؤشراً ونتيجة لانعدام الثقة ، وللشعور بالقلق وعدم الاطمئنان لدى المتعاملين في سوق النفط العالمية حول المستقبل القريب لأوضاع سوق النفط .
ولا يمثل سعراً عادلاً للنفط ، تلتقي عنده رغبة المصدرين والمستوردين للنفط ، وهو في تقديري غير قابل للاستدامة ( not sustainable ) ولا ينبغي أن يكون دافعاً لحكومات الدول المصدرة للنفط لتعيد حساباتها والتعويل على هذه الطفرة في الأسعار لتضخيم ميزانياتها وزيادة معدلات الإنفاق بها .
وفي الواقع هذا السعر يتجاوز السعر الذي يتطلبه توازن الميزانيات العامة لمعظم الدول النفطية ، بما في ذلك الدول العربية الأكثر تصديراً للنفط ، مثل السعودية والجزائر والامارات ، وأن أدىّ هذا السعر إلى زيادة ايراداتها من الصادرات النفطية .
ولا ينبغي للدول المصدرة للنفط ، التي تلتزم بقواعد أعداد الميزانية العامة أن تكون سياساتها محابية للاتجاهات الدورية للدخل ( pro cyclical ) والاجدى بها المحافظة على مستويات الإنفاق العام بها على ماهي عليه ، وإن توفرت لها بعض الفوائض المالية بسبب هذه الزيادة في أسعار النفط ، وتلتزم بان تكون سياساتها المالية مناوئة للاتجاهات الدورية للدخل ( counter cyclical ) بهدف المحافظة على استقرار اقتصاداتها ، عندما تعود أسعار النفط إلى مستوياتها التوازنية .
وفي ليبيا حيت لا توجد ميزانية عامة للدولة معتمدة خلال السنة المالية المنصرمة، ولم يتم الشروع في أعداد ميزانية عامة للدولة خلال العام الحالى 2022 ، فضلاً عن أن الحكومة القائمة حكومة مؤقتة ، لا ينبغي أن يكون السعر المرتفع الذي وصل إليه برميل خام برنت حافزاً على التوسع في الإنفاق ، وأن زادت الإيرادات النفطية المتوقع تحقيقها خلال الشهر المقبل ( العقود الاجلة ) .
الزيادة الأخيرة في أسعار النفط تأتي في صالح بناء احتياطيات النقد الأجنبي ، وتصحيح العجز في ميزان المدفوعات الذي تحقق خلال السنة المالية المنصرمة (2021 ) ومن تم تدعم الزيادة في الإيرادات النفطية ، وأن كانت مؤقتة ، استقرار سعر صرف الدينار الليبي على المدى القصير .