Skip to main content
"أبو سنينة" يكتب عن الميزانية العامة للدولة
|

“أبو سنينة” يكتب عن الميزانية العامة للدولة

كتب الخبير الاقتصادي “محمد أبو سنينة” مقالًا قال فيه:

لكي لا تفقد الميزانية العامة للدولة معناها، وتصبح مصدراً لهدر المال العام وعاملا من عوال تأزم الوضع الاقتصادي للبلاد، في ظل الانقسام السياسي :

نسمع هذه الأيام، أن مجلس النواب يناقش إقرار ميزانية عامة للدولة للحكومة الليبية، في حدود 99 مليار دينار، وأنه استدعى أعضاء الحكومة لمناقشة مشروع الميزانية المقترحة، السؤال الذي يطرح نفسه، كيف سيتم تمويل نفقات هذه الميزانية؟ هل هي من إيرادات النفط أم من موارد أخرى؟ ! وهل يدرك مجلس النواب أن هناك أزمة اقتصادية عالمية تداهم المؤسسات المالية والبنوك وتعرض أسعار النفط وسوقه لضغوط قد تؤدي إلى تدهور الأسعار وانخفاضها دون مستوى 60 دولار للبرميل؟ وهل ستكون إيرادات النفط المتوقع تحقيقها خلال السنة المالية 2023 ، والإيرادات السيادية الأخرى، تحت تصرف هذه الحكومة عندما تكون إيرادات النفط وفقًا للمتبع حالياً، تورد إلى المصرف المركزي في طرابلس؟ أم أن الميزانية التي سيتم اقرارها في مجلس النواب معنية بها أيضًا حكومة الوحدة الوطنية التي سحب منها مجلس النواب الثقة واعتبرها حكومة تصريف أعمال؟ .

وهل عرضت هذه الميزانية المقترحة على مصرف ليبيا المركزي لأخد رأيه باعتباره المستشار الاقتصادي للدولة؟ وهل حكومة الوحدة الوطنية تنتظر فعلًا إقرار وصدور هذه الميزانية عن مجلس النواب لتعمل وفقًا لها خلال ماتبقى من هذه السنة 2023 ؛ أم أن لها مقترح خاص بها تعده للانفاق بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي في طرابلس خلال ما تبقى من هذه السنة؟ وهل وزارتي المالية في الحكومتين اتفقتا على ميزانية موحدة وأن هناك تنسيق بينهما للالتزام بها وتنفيذها بشكل مشترك؟ وهذا الذي نتمناها ونرجوه ؟ .

الحقيقة هناك العديد من الاسئلة التي تفرض نفسها عندما يتعلق الأمر بالميزانية العامة للدولة، والتي يجب الإجابة عنها بشكل شفاف ويجب أن يعي مجلس النواب أن مناقشة أية ميزانية جديدة معروضة عليه يستوجب مناقشة وتقييم ماتم صرفه خلال السنة المالية التي سبقتها، أين أنفقت الأموال؟ وما هو مردودها إن وجد؟ وهل سيراعى مجلس النواب الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني عند مناقشة رقم الانفاق العام المقترح؟ هذه هي القضايا الرئسية التي يجب أن يهتم بها مجلس النواب ، وهذا هو جوهر ومحتوى المساءلة الحقيقية التي يجب أن يقوم بها مجلس النواب وفي كل الأحوال، نتمنى أن لايتم تمويل الميزانية التي قدمتها الحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب عن طريق الاقتراض وترتيب دين عام جديد؛ ونتمنى ألا تكون هناك ميزانية أخرى يجري اعدادها لدى حكومة الوحدة الوطنية أو ترتيبات مالية، بالإضافة إلى ميزانية الحكومة الليبية التي تعمل في شرق البلاد والتي ستصدر عن مجلس النواب! أم أن مجلس النواب سينقذ الموقف ويرفض إقرار أي ميزانية ، في ظل وجود حكومتين، ويطلب الالتزام بالإنفاق وفقًا لمبدأ 12/1 في حال عدم التوافق على هذه الميزانية؟ ومن الذي سيتولى تنفيذها في هذه الحالة؟ على مجلس النواب أن يجيب على هذه الأسئلة قبل أن يناقش أرقام الميزانية وأوجه الصرف، وقبل أن يصدر قانون الميزانية الجديدة ، وأن يضمن تنفيذها لصالح الجميع، ووفقاً لصحيح القانون ، والنظام المالى للدولة .

وهل نتوقع أن يهتم مجلس النواب بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة لتنفيذ برنامج الإنفاق الذي تتضمنه الميزانية المعروضة عليه، خلال هذه السنة المالية 2023 ، أو ما يعرف بأهداف الميزانية (معدل النمو ، معدل التضخم ، معدل البطالة أو فرص العمل التي سيوفرها الإنفاق العام ، وان لا يكون هناك إستخدام أو تعينات جديدة في القطاع العام)، ويعتبر مجلس النواب المسؤول الأول في هذا الخصوص ، إذا تجاهل مناقشة هذه الأهداف، فإما أن يضع المصالح العليا للدولة فوق كل إعتبار ويرفض تكريس حالة الانقسام وإهدار المال العام، أو أعتبر داعما للانقسام ومعرقلاً لبناء الدولة، فالأمر لا يحتمل المزيد من الدين العام أو الازدواجية في الصرف والتبذير ولن تستقيم الأمور بحال من الأحوال، في ظل الانقسام السياسي والمؤسساتي .

مشاركة الخبر