
| مقالات اقتصادية
“أبو مهارة” يكتب: بيانات المصرف المركزي حول الإيراد والإنفاق العام (شفافية منقوصة)
كتب المحامي “أحمد علي أبو مهارة” مقالاً بعنوان: بيانات المصرف المركزي حول الإيراد والإنفاق العام (شفافية منقوصة).
لا شك أن البيانات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي حول إيرادات الدولة ونفقاتها مؤشراً هاماً لفهم الحالة المالية للدولة، ومن خلال هذه البيانات يمكن التعرف على حجم الإيرادات التي تحققها الدولة من مصادر مختلفة مثل النفط والغاز والضرائب،وكيفية توزيع هذه الإيرادات على مختلف القطاعات في الدولة،علاوةً على ذلك تسهم بيانات الإنفاق في تقديم فكرة واضحة عن كيفية إدارة الحكومة للموارد المالية، مقابل ذلك إذا نظرنا إلى الهيكل القانوني العام نجد أن مهمة تحصيل الإيرادات وإنفاق النفقات تدخل حصراً في الاختصاصات التي تمارسها وزارة المالية فهي التي تشرف على إيرادات الدولة ومصروفاتها ومراقبة دخلها، كما تشرف على جميع الحسابات الحكومية لدى المصرف المركزي للتأكد من سلامة التوريد ، والصرف. الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل المنطقي الهام من هو المخول قانوناً بإصدار تقارير بيانات الإنفاق والإيراد؟ هل هو المصرف المركزي؟ أم وزارة المالية؟ وللإجابة على هذا السؤال نحاول في مقالنا توضيح التالي:
إن إيرادات الدولة العامة في ليبيا تتباين في طبيعتها بين الموارد النفطية والضرائب والرسوم، وتعتبر الموارد النفطية المصدر الرئيسي لتغطية النفقات العامة، وتمر عملية تحصيل هذه الإيرادات عن طريق مصالح ومؤسسات تتولى إدارة تحصيل الواردات لصالح خزينة الدولة، وتوضع في حسابات وزارة المالية لدى مصرف ليبيا المركزي.
أما عن النفقات العامة فتتمثل في صرف مبالغ مالية مدينة بها الدولة إلى صاحب الحق فيها، سواءً كانت مرتبات أو ما في حكمها، وتتم عملية الإنفاق في صورة أذونات من وزارة المالية للبنك المركزي بصرف المبلغ المالي، وكل ذلك يتم في إطار اتباع التشريعات المالية المنظمة لهذه العمليات.
يتضح من خلال هذا المفهوم الذي نظمته التشريعات القانونية في ليبيا، أن المصرف المركزي يعتبر وكيلاً للحكومة في جميع معاملاتها المالية، إذ تتم توريد الإيرادات العامة لدى المصرف المركزي باسم الخزينة العامة، وتوضع في حسابات وزارة المالية، ويتم من خلال هذا الحساب تسديد التزامات الحكومة، وهذا ما يعرف قانوناً بعمليات الخزانة، فالخزانة العامة للدولة هي حلقة الاتصال بين تحصيل الإيرادات وبين صرفها، ففيها تتجمع مختلف أنواع الإيرادات، ومنها تخرج المبالغ اللازمة لدفع النفقات بناءً على أوامر صرف صادرة عن وزارة المالية موجهة إلى المصرف المركزي، ليتولى الأخير دفع المبالغ المستحقة ( النفقات)، ما يعني بلزوم القانون أن وزارة الماليةهي الجهة المخولة بإصدار هذا التقرير المالي فهي التي تعلم كمية المبالغ المنفقة، وكمية المبالغ الموردة لدى خزانة الدولة.
إن وزارة المالية مكلفة بموجب القانون بإصدار تقارير مالية تعدها من خلال التقارير التجميعية للتقارير الواردة إليها من مختلف المؤسسات إذ تنص المادة 25 من لائحة الميزانية والحسابات والمخازن ” على مساعدي المراقب المالي موافاة المراقب بتقرير دوري كل شهر بعد اعتماده من رئيس المصلحة بما تم تحصيله من إيرادات وما جرى إنفاقه من مصروفات …
وعلى المراقب المالي أن يعد تقريرا شهريا عن أعمال الوزارة وأن يوافي به وزارة المالية بعد اعتماده من وكيل الوزارة في موعد لا يجاوز نهاية الشهر التالي”
فإذا كانت وزارة المالية لا تنتج أي تقارير مالية، وأن آخر تقرير لها نشر في موقعها كان في سنة 2022 ، ولا توجد أية مطابقات محاسبية بين وزارة المالية ومصرف ليبيا المركزي تبين الأرقام الحقيقية لحجم الإيراد والإنفاق، فعدم وجود المطابقات المحاسبية ينتج عنه وجود فروقات بين ما يصدره المصرف المركزي من بيانات، وبين ما هو مسجل لدى المؤسسات الموردة للأموال لخزينة الدولة، كالمؤسسة الوطنية للنفط، ومصلحتي الضرائب والجمارك، هذه المطابقة بين وزارة المالية ومصرف ليبيا المركزي مهمة لفهم الوضع المالي الحقيقي للدولة وبدونها يظل انفراد المصرف المركزي بإصدار مثل هذه البيانات يضع علامات الاستفهام حول الأرقام التي يبينها تقريره.