
| تقارير
“أفريكا كونفيدنشال” تكشف عن ما تعرض له منسلي مدير مكتب لارمو لإسترداد الأموال الليبية لإجباره على تسليم وثائق تخص الأموال المجمدة
ذكرت صحيفة “أفريكا كونفيدنشال” أن العقيد معمر القذافي كان يُخفي مليارات الدولارات في بنوك أمريكية والآن يتنافس أصحاب النفوذ في ليبيا للسيطرة على هذه الثروة المخفية وقد أشعل الصراع على الثروة معركة سياسية شرسة في طرابلس معركة بلغت من القسوة حدًا أجبر المسؤول عن استعادة الأموال على الاختباء خوفًا على حياته .
وقالت الصحيفة أن بعد ثلاثة أشهر من الاحتجاز تم إطلاق سراح محمد المنسلي المدير العام لمكتب استرداد الأصول وإدارتها في ليبيا مما يمهد الطريق أمام عمله لمتابعة استرداد ما يصل إلى 50 مليار دولار أمريكي من الأصول الليبية .
وبحسب الصحيفة حققت ليبيا عائدات نفطية بلغت 1.25 تريليون دولار أمريكي بين عامي 1972 و2023، لكن مئات المليارات سُرقت خلال عهد القذافي ويحتفظ بمعظم الغنائم المتبقية في بنوك غربية .
وأكدت الصحيفة أن منسلي قد احتجزه مسؤولون منافسون كانوا يحاولون استعادة ثروات ليبيا المخفية حُول بعضها إلى حسابات خاصة يديرها مسؤولون كبار مقربون من القذافي أو حُولت إلى رواسب ذهبية بحوزة حكومات أفريقية مختلفة واستُخدمت لتمويل مشاريع عسكرية واستُثمر جزء كبير من الأموال المسروقة في سندات الخزانة الأمريكية وسندات أخرى مُودعة سرا في بنوك أمريكية للتهرب من العقوبات المفروضة على نظام القذافي.
اطلعت “أفريكا كونفيدنشال” على وثائق تدعم هذه الادعاءات بما في ذلك قائمة بأرقام CUSIPS وهي أرقام تعريف مخصصة للأوراق المالية في الولايات المتحدة وكندا بالإضافة إلى وثائق أخرى تفصل كيفية دخول الأموال إلى الولايات المتحدة والآليات الكامنة وراء هياكل الملكية المُرشحة.
وتطرقت الصحيفة إلى أنه قد صودرت هذه الوثائق من مكتب رئيس مخابرات القذافي وصهره عبد الله السنوسي وقت سقوط النظام ومقتل القذافي في سبتمبر 2011 وحُكم على السنوسي بالإعدام من قِبل محكمة في طرابلس عام 2015 لكنه لا يزال محتجزا في طرابلس وقد ظهرت الوثائق مؤخرا وفقًا للمسؤولين أنها لا تزال موجودة .
نُفِذت التحويلات المالية المشار إليها في الوثائق بأوامر مباشرة من القذافي أما دوافعه كانت لإخفاء مبالغ طائلة في الولايات المتحدة أثناء خضوع ليبيا للعقوبات فهي أقل وضوحًا ويقول مصرفيون وناشطون إنه ربما صدّرَ مئات المليارات من الدولارات خلال فترة حكمه بما في ذلك كميات كبيرة من الذهب إلى أفريقيا لكن لم يُسترد سوى القليل حتى الآن .
وأوضحت الصحيفة أن لارمو يخطط لاستخدام الوثائق لمتابعة الدعاوى القضائية في الولايات المتحدة
وقالت الصحيفة قد علمنا أنهم يخططون لاتخاذ إجراءات قانونية بشأن بعض السندات قريبًا بما في ذلك مناقشات مع الجهات التنظيمية والمدعين العامين في الولايات وهيئات إنفاذ القانون ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية.
قال جوناثان بيرمان الخبير البريطاني في استرداد الأصول، والذي يساعد مكتب لارمو في تحقيقاتها: “بين عامي 1994 و2011 استُثمر 17.03 مليار دولار سرا في أمريكا معظمها سندات خزانة بآجال استحقاق مختلفة باستخدام جهات مُرشحة ووجهات وتوجيهات مصرفية عبر أوروبا ووضع ما لا يقل عن 10 مليارات دولار أخرى في ودائع مصرفية. وبالنظر إلى قسائم الفائدة المستحقة على الأوراق المالية بالإضافة إلى الفوائد المصرفية، فإننا نتحدث عن ما بين 45 و50 مليار دولار سُرّبت إلى الولايات المتحدة في عهد القذافي رغم العقوبات.
قال إن الوثائق تُفصّل 240 سندات خزانة أمريكية بعضها بمدة عشر سنوات أو أقل والبعض الآخر يصل إلى 50 عاما وتتراوح قيمتها بين أقل من مليون دولار وأكثر من 20 مليون دولار وتشمل أيضًا سندات تعويض التضخم، بالإضافة إلى سندات فاني ماي وفريدي ماك وبنك فيدرال هوم لون في دالاس وقد استحقت بعض السندات وقد تكون الأموال النقدية محفوظة في حسابات مصرفية خاصة.
يعتقد المحققون أن الأموال نُقلت أولا إلى دولة أخرى في المنطقة ومنها شقت طريقها إلى مؤسسات في ألمانيا وسويسرا قبل أن تحوّل إلى أشخاص لديهم حسابات في أربعة بنوك أمريكية على الأقل وحتى الآن لا تتوفر معلومات عن كيفية تمكنهم من التهرب من العقوبات الأمريكية التي فُرضت بين عامي 1986 و2004
الحفاظ على أمنها:
تواجه مهمة تأمين هذه الأموال والحفاظ عليها وإدارتها بشكل سليم تحديات هائلة. ووفقًا للمبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى ليبيا جوناثان وينر لكي تحصل ليبيا على الأموال لصالح الشعب الليبي يتعين عليها تطوير هياكل تمنع الوصول إلى الأموال حتى تحقق ليبيا نظاما سياسيا مستقرا حتى لا تتحول إلى صندوق سري لمساعدة شخص ما على تحقيق طموحات سياسية أو شخصية .
وتابعت الصحيفة بالقول أن في تصريحٍ غير رسمي علّق محللٌ مرموقٌ للشؤون الليبية قائلاً لقد مرت سنواتٌ عديدة ما الذي استعاده تنظيم لارمو فعليا؟ ما هي ميزانيته واستراتيجيته؟ ما هو موقعه الأساسي؟”
وأضاف: “لا يُمكن تولي أي منصبٍ رئيسي في الدولة الليبية دون وجود ترتيبٍ فهذه هي آلية عمل النظام .
كان سؤال المحلل: ما علاقة منسلي بإدارة الدبيبة؟ إنها علاقة غامضة للغاية عيّن الدبيبة منسلي لكنه لم يبذل أي جهد علني لتأمين إطلاق سراحه أو إدانة احتجازه غير القانوني
وفهمت “أفريكا كونفيدينشال” أنه لم يتخذ أي إجراء خلف الكواليس ومع ذلك لم يعزل منسلي من منصبه وهو قرار كان من صلاحياته ولو اسميا .
وتبين أن منسلي أمضى أول عامين له في منصبه يُعارض دعوى قضائية رفعتها شركة المحاماة الأمريكية “بيكر هوستيتلر” في محكمة مقاطعة نيويورك وهي دعوى تبدو مشابهة لما قد يحتاج إليه لارمو الآن ورفع أنور عارف هذه الدعوى القضائية بهدف إجبار بنك أوف أمريكا وسيتي جروب، وجي بي مورغان تشيس، ويوبي إس وإتش إس بي سي وكريدي سويس وبنك نيويورك ميلون، ودويتشه بنك، على الكشف عن سجلات المعاملات المالية المتعلقة بالقذافي ولم تجد “أفريكا كونفيدينشال” أي دليل يشير إلى حيازة أي من هذه البنوك لسندات خزانة مرتبطة بالقذافي .
من احتجز المحقق الرئيسي مينسلي ولماذا؟
التقى محمد المنسلي المدير العام لمكتب استرداد الأصول الليبية وإدارتها لارمو بمسؤولين من الإدارة الأمريكية ووزارة الخارجية ووزارة العدل ووزارة الخزانة في واشنطن في أوائل ديسمبر عام 2024 لإبلاغهم بنية لارمو لمتابعة المطالبات وطلب التعاون لاستعادة الأموال في الحسابات السرية.
وكان منسلي يزورهم قبل أيام من صدور حكم غير قابل للاستئناف من المحكمة العليا الليبية بتأكيد قرار رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في عام 2021 بتعيينه مديرا
يبدو أن هذه الخطوات هي التي أدت إلى اعتقال منسلي في طرابلس في 7 يناير ووُجهت إليه تهم القيام بأعمال غير مصرح بها لاستعادة أصول الدولة وحمل جنسية مزدوجة ولكن ينفي هذه التهم .
وقال مينسلي لموقع أفريقيا كونفيدينشال إنه قبل اعتقاله من قبل مسلحين حضر اجتماعا في مقر هيئة الرقابة الإدارية في طرابلس حيث تم ضمان سلامته وأمنه.
وتعرف هيئات الرقابة الحكومية العديدة التي تتمثل مهمتها الرسمية في مكافحة الفساد لكن تحت رئاستها عبد الله محمد قادربوه أصبحت أداة لتصفية الحسابات السياسية تواصلت أفريكا كونفيدينشال” مع هيئة الرقابة الإدارية وقدربوه للتعليق .
بعد الاجتماع أجبره رجلان مسلحان على دخول إلى قبو مكتب هيئة مكافحة الفساد
وقال في تلك اللحظة كنت أعلم أنني سأُختطف أو حتى أُقتل تدخل زملاء لارمو الذين كانوا ينتظرونه خارج المبنى بعد أن أبلغهم بوضعه عبر رسالة نصية دون وقوع الكارثة ثم اقتيد إلى سجن الجديدة حيث احتُجز في ظروف قاسية وحُرم من الدواء وخضع للاستجواب المتكرر .
ووفقا لمنظمة العفو الدولية يعد سجن الجديدة واحدًا من عدة سجون يُشرف عليها أسامة نجيم منذ عام 2021 نجيم عضو بارز في قوات الردع الخاصة إحدى أقوى جماعتين مسلحتين في العاصمة وقد احتُجز مؤخرا في تورينو بموجب مذكرة توقيف دولية صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية .
وقال مينسلي إن استجوابه كان يهدف جزئيا إلى إجباره على تسليم وثائق ذات صلة باسترداد الأصول والتخلي عن السيطرة على شركة لارمو والسماح لمسؤولين آخرين باستخدام الأصول التي يمكن استردادها كضمانات لصفقات شراء البنية التحتية بقيمة مئات الملايين من الدولارات.
صرّح جوناثان وينر المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى ليبيا والزميل الدبلوماسي المتميز في معهد الشرق الأوسط بواشنطن لموقع ” أفريكا كونفيدينشالكانت هذه صفقة اتفقت عليها مجموعة متنوعة من الأشخاص في محاولة للاستيلاء على أصول قيمة وقد عمل منسلي ولارمو بجد على استعادتها .
ووفقا لصحيفة أن بعد ضغوط دبلوماسية مكثفة من بريطانيا والمغرب ودول أخرى أُطلق سراح منسلي لأسباب صحية ومنذ ذلك الحين اختبأ خوفًا من المزيد من التهديدات ينبع الخطر من التقدم الواضح الذي أحرزته منظمة لارمو في استعادة الأصول المنهوبة خلال حكم القذافي وهي موارد أساسية لمستقبل ليبيا تعد السيطرة على هذه الأصول السيادية أمرا بالغ الأهمية لبلد شُل نظامه الاقتصادي والمالي لسنوات من فسادٍ بمليارات الدولارات في حقبة ما بعد القذافي .