Skip to main content
“أنس الأمين”: خيارات ليبيا بين التعويم الكامل والتعويم المدار، أي خيار لتعزيز الدينار وتنويع الاقتصاد؟
|

“أنس الأمين”: خيارات ليبيا بين التعويم الكامل والتعويم المدار، أي خيار لتعزيز الدينار وتنويع الاقتصاد؟

كتب أستاذ الاقتصاد “أنس الأمين”: خيارات ليبيا بين التعويم الكامل والتعويم المدار، أي خيار لتعزيز الدينار وتنويع الاقتصاد؟

ليبيا اليوم أمام مفترق طرق مهم: هل تفتح الباب أمام التعويم الكامل للعملة (Full Float) كما فعلت مصر، أم تختار التعويم المدار (Managed Float) على خطى المغرب؟

هذا القرار ليس مجرد سياسة نقدية، بل سيحدد شكل الاقتصاد الليبي لسنوات قادمة، ويؤثر على التضخم، الاستثمارات الأجنبية، استقرار الدينار، وحتى قدرة ليبيا على تنويع اقتصادها وبناء مؤشرات تعقيد اقتصادي (Economic Complexity) أكثر قوة.

  1. السياق الليبي
  • الاقتصاد ما زال ريعيًا بامتياز: النفط يمثل أكثر من 90% من دخل الدولة.
  • التضخم الرسمي منخفض نسبيًا (حوالي 1.7% منتصف 2025)، لكن الواقع مختلف: السوق الموازية تسعّر الدولار عند 8 دنانير، مقابل السعر الرسمي.
  • هذه الفجوة تكشف أن النظام النقدي الحالي هش، وأن غياب إنتاج محلي يجعل ليبيا رهينة للواردات.
  1. التعويم الكامل (Full Float) – النموذج المصري

الإيجابيات:

  • ينهي السوق السوداء ويترك تحديد السعر للعرض والطلب.
  • يعطي للمصرف المركزي حرية في استخدام الفائدة للسيطرة على التضخم.
  • يبعث رسالة ثقة للمستثمرين والمؤسسات الدولية.

السلبيات:

  • صدمة تضخمية كبيرة في البداية، أسعار الغذاء والطاقة سترتفع فورًا.
  • خطر المضاربة في ظل ضعف المؤسسات.
  • تكاليف اجتماعية تستدعي وجود شبكات أمان قوية للفئات الهشة.
  1. التعويم المدار (Managed Float) – النموذج المغربي

الإيجابيات:

  • استقرار نسبي يريح المستثمرين والشركات.
  • يقلل انتقال تقلبات الصرف إلى الأسعار المحلية.
  • يحمي الاقتصاد من صدمات أسعار النفط أو الأزمات الخارجية.

السلبيات:

  • يتطلب احتياطيات نقدية قوية وتدخلات مستمرة من المصرف المركزي.
  • قد يخلق سعر صرف غير واقعي إذا طال التثبيت.
  • يجذب استثمارات أقل سرعة مقارنة بالتعويم الحر.
  1. انعكاس الخيار على التعقيد الاقتصادي
  • مصر: بعد تعويم 2016، رغم التضخم المرتفع (وصل 13.6% في 2025)، جذبت استثمارات كبرى في الطاقة والبنية التحتية، وحققت تنويعًا جزئيًا في صادراتها.
  • المغرب: اختارت الإصلاح التدريجي منذ 2018، وركزت على بناء صناعات مثل السيارات والطيران والطاقة المتجددة، فصعدت في مؤشر التعقيد الاقتصادي عالميًا.
  • ليبيا: ما زالت في مرتبة متأخرة جدًا، بسبب الاعتماد شبه الكامل على النفط وضعف القدرات الصناعية.
  1. خارطة طريق مقترحة لليبيا
    1. إصلاح مالي: ضبط الإنفاق، إعادة هيكلة الدعم، وخفض العجز.
    2. إطار نقدي واضح: استهداف التضخم (Inflation Targeting) إذا تم التعويم الكامل، أو نظام زاحف (Crawling Peg) إذا كان التعويم المدار.
    3. جذب الاستثمارات الأجنبية: عبر تشريعات مرنة، تحسين البنية التحتية، واستقرار سياسي.
    4. تنويع الاقتصاد: تطوير الزراعة والصناعات التحويلية والطاقة المتجددة والخدمات المالية.
    5. رفع التعقيد الاقتصادي: بناء قدرات إنتاجية وتكنولوجية جديدة تفتح الباب لصادرات ذات قيمة مضافة.

الخلاصة

الخيار ليس “تقنيًا” بحتًا، بل قرار استراتيجي طويل الأمد.

  • مصر أثبتت أن التعويم الكامل يجذب الأموال لكنه يترك المواطن تحت ضغط التضخم.
  • المغرب برهنت أن التعويم المدار يمنح استقرارًا نسبيًا ويتيح بناء قاعدة صناعية تدريجيًا.

بالنسبة لليبيا، ربما يكون النهج المرحلي هو الأفضل: تبدأ بتعويم مدار تدريجي، ومع الوقت – ومع بناء قاعدة إنتاجية ومؤسسات نقدية أكثر قوة – تنتقل نحو التعويم الكامل بثقة أكبر عندما تتوفر شبكات للحماية الاجتماعية.

مشاركة الخبر