| مقالات اقتصادية
إدريس الشريف يكتب: وجهة نظر حول بعض الإجراءات التي أعلنتها الحكومة لمواجهة موجة التضخم
كتب الخبير الاقتصادي إدريس الشريف مقالاً قال فيه: أعلن وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية عن حزمة من الإجراءات لمواجهة موجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، تهدف لدعم المواطنين الذين تآكلت دخولهم ( الحقيقية ) نتيجة هذا الارتفاع .
أهم ما في هذه الحزمة هو تقديم دعم نقدي للمواطنين بما يعادل 60 دينار لكل فرد يتم توزيعها وفق منظومة الرقم الوطني مع الطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية حصر الفئات الأكثر إحتياجاً حتى يمكن دعمها .هذا الإجراء لا خلاف عليه وقد طالبنا به عدة مرات، كما طالبنا أيضاً بصرف مستحقات المواطنين من علاوة الأبناء والزوجة المتراكمة منذ صدور قانونها سنة 2013 م.
إضافة إلى مطالبتنا بإصدار قانون المرتبات الموحد الجديد ، وتنفيذ قانون زيادة رواتب المتقاعدين الصادر منذ سنة 2013م ، وتعديل نسبة الاشتراك الضماني بما يمكن صندوق الضمان من تحمل أعباء هذه الزيادة .
الإجراء الثاني من الحزمة المعلن عنها هو طلب الوزارة من التجار توريد كميات من السلع الاستهلاكية ( من المصدر !! ) على أن تقوم وزارة الاقتصاد بشرائها منهم من المخازن أو الموانيء، مضاف إليها هامش الربح القانوني وتعيد الوزارة توزيعها على الجمعيات ( بسعر مدعوم )، من أجل بيعها للمستهلكين بسعر يقل عن سعر الشراء على أن تتحمل وزارة الاقتصاد والتجارة فارق السعر !!.
هذا الإجراء يشوبه خلل كبير من وجهة نظرنا، وقد تمت تجربته في السابق وكان للأسف منفذاً للفساد، فمادامت الوزارة (وصندوق موازنة الأسعار التابع لها ) غير قادرين على التوريد مباشرة من المصادر الخارجية ، ومن ناحية أخرى ما دامت الوزارة قادرة على توزيع دعم نقدي يعادل فروقات الأسعار على كامل المواطنين المستحقين ، وبالرقم الوطني ، فماهو الداعي لهذا الإجراء (الشراء من الموردين المحليين ) الذي يتطلب إجراءات إدارية ورقابية طويلة ومكلفة ؟!.
ولماذا لا تقوم الحكومة بمنح هذا الفارق للمواطن نقدا، وبالتأكيد سيكون أكثر رشداً في استخدامه في الأغراض التي يراها أكثر أهمية وأولوية ؟!.
مع الأخذ في الإعتبار أن كثير من الجمعيات قد اختفت واغلقت أو تركت مقراتها، ولم يعد كثير من المواطنين يتابعونها أو يترددون عليها لتوقف نشاطها منذ فترة طويلة، ولقد بينت تجربة سابقة مماثلة أن بعض التجار اعادوا شراء المواد المدعومة من الجمعيات ( الدقيق مثلا ) من أجل إعادة بيعها مجدداً لصندوق موازنة الأسعار بالسعر التجاري !!.
الجمعيات ذاتها تحتاج أولا لإعادة تنظيم، لهذه الأسباب ليس هناك مبرر منطقي من وجهة نظري لهذا الإجراء، الذي تكتنفه كثير من المحاذير ، خصوصاً في هذه الفترة.
أما عن طلب الوزارة من التجار الموردين تكوين مخزونات استرايجية من السلع الغذائية لمدة ثلاثة أشهر فهو مجرد كلام نظري دعائي غير قابل للتطبيق، إذ لايوجد تاجر على استعداد لتجميد رأسماله طيلة هذه المدة خصوصاً مع حالة عدم اليقين حيال تغيرات سعر صرف الدولار الأمر الذي يعرضه لخسارة فادحة فيما لو تم تعديل السعر بالانخفاض.