Skip to main content
إلى أين سيقود الخلاف بين المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط؟
|

إلى أين سيقود الخلاف بين المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط؟

انتقل الصراع على النفط فيما يبدو إلى مستوى آخر وغير مسبوق هذه المرة، بعد إعلان المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس عزمها تجميد الإيرادات في المصرف الليبي الخارجي وعدم تحويلها إلى المصرف المركزي بطرابلس الذي اتهمها بأن بياناتها المتعلقة بالإيرادات غير دقيقة وتحتاج إلى التحقق والمراجعة.

وتعتبر عملية تجميد إيرادات النفط التي لم تحدث من قبل ذات تأثير مدمر على الاقتصاد الوطني وفتح الباب أمام التدخل الخارجي لكيفية التصرف بأموال عائدات النفط، إضافة إلى أنها قد تجعل المصرف المركزي يقوم بإيقاف ضخ العملة الأجنبية إلى السوق المحلي ما يعني تفاقم الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

ويعتقد الكثيرون بأن تلويح المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس بورقة تجميد الإيرادات النفطية والتي يبدو أنها بايعاز وتنسيق دولي قد يخدم الجهود المبذولة التي تقودها بعثة الأمم المتحدة من خلال الضغط على الأطراف السياسية للتعجيل باتفاق سياسي للأزمة ويوحد المؤسسات، لكنها ستكون على حساب أحد الأطراف المنخرطة المحادثات أيضًا.

وفي مقابل ذلك، فإن هناك اتفاق لدى الغالبية الذين يرون بأن التوظيف السياسي جعل المصرف المركزي بطرابلس يهاجم المؤسسة الوطنية للنفط من خلال اتهامها بعدم الدقة والشفافية في بياناتها حول عائدات النفط رغم تقارير المصرف المركزي السابقة التي تشيد بعملية المطابقة التي كانت تتم بينهم وبين المؤسسة، قبل أن يكتشف فجأة أن البيانات غير دقيقة والي يظهر وجود تغير في التوجهات.

ويبدو أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد متجهة إلى مزيد من الهشاشة والتعقيد، حيث أن تجميد الإيرادات يمكن أن يطور الخلاف بين المركزي ومؤسسة النفط، وبالتالي التأثير على حجم الميزانية العامة للدولة للعام القادم وعلي المرتبات وأسعار صرف الدينار وأسعار السلع في السوق، خاصة مع عدم وجود رؤية سياسية واضحة واتفاق دائم حتى الآن.

فترة رمادية

وقال خبير مصرفي سابق إن ما يحدث بين المؤسسات السيادية في البلاد يفسر على أن هناك انعدام للثقة متبادل بين الأطراف سواء كانت مؤسسات مالية أو تشريعية، حيث أنه من الطبيعي الدخول إلى مرحلة رمادية في ظل حالة الفوضى التي تعيشها البلاد طيلة السنوات الماضية.

إلى أين سيقود الخلاف بين المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط؟

وأوضح المسؤول بالمصرف الليبي الخارجي محمود حمودة، لصحيفة صدى الاقتصادية بأن عمليات المراجعة والتدقيق من الجيد حدوثها للجميع خلال الفترة المقبلة حتى يمكن التأسيس على مرحلة واضحة المعالم والانتقال إلى وضع الحلول وانقاذ الاقتصاد وتحسين الحالة المعيشية للمواطنين.

ويعتقد حمودة بأن تجميد إيرادات النفط مؤقتا لا يشكل خطورة على الوضع الاقتصادي للبلاد، حيث يوجد ما يكفي من إحتياطي العملة الأجنبية لدى المركزي والذي بإمكانه أيضا إدارة السوق بالعملة المحلية المبعثرة والمنتشرة لدى الجمهور أو المواطنين والتي تقدر بالمليارات.

وأضاف بأن استمرار قرار فرض الرسوم على مبيعات النقد الأجنبي يمكن أن يجعل المصرف المركزي قادرًا على جلب أو الحصول على العملة المحلية من المواطنين والتي من خلالها يمكن إدارة البلاد عبر توفير المرتبات وإطلاق مشاريع تنموية محلية إلى حين إيجاد حلول للصراع على السلطة عبر الانتخابات القادمة.

ويرى المسؤول السابق بأن تجميد الإيرادات النفطية لعدة أشهر إلى حين إيجاد حلول للمشاكل العالقة يمكن أن يكون خطوة إيجابية عكس ما يتصور البعض حيث أن التجميد أفضل بكثير من صرف الأموال والتبذير دون وجود عائد، لكن مع ضرورة تحديد فترة زمنية ليست طويلة لإجراء التجميد.

آثار سلبية

وقال خبراء تحدثوا لصحيفة صدى الاقتصادية تعليقًا على خلاف المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط إن الإحصائيات الخام أو ما يعرف بـRaw Statistics دائما ما يكون لها أثر سلبي كبير فضلا عن أنها تمس بعض جوانب الأمن و التنافسية والتي قد يكون لها انعكاس كبير على المؤسسات السيادية والتجارية.

ويعتقد الخبراء بأنه لابد من معرفة مبدأ الشفافية والإفصاح بوضوح والذي لا يتحقق من خلال بيانات صحفية بقدر ما يتحقق بميزانيات ختامية مراجعة من قبل مكاتب محاسبة موثوقة.

وأشار الخبراء في مجال النفط والاقتصاد إلى أن الإحصائيات الخام تحمل في ثنايتها الكثير من التعديلات والتسويات التي قد تجعلها عديمة الفائدة تمامًا من ناحية محاسبية قانونية وكذلك من ناحية الرأي العام بعد إخراجها للعلن، إضافة إلى أنها قد تحدث آثارا عكسية على المدى الطويل حين تقع في أيادي من يعرف بالضبط كيف يتعامل معها من ناحية سياسية وتنافسية.

ويمكن أن يؤدي التنافس والتأثير الخارجي المتباين في ظل الفوضى وغياب القانون إلى الإضرار بالمؤسسات المالية في البلاد على المدى البعيد خاصة في ما يتعلق بقطاع النفط والغاز المصدر الوحيد للدخل.

ومع ما سبق، يمكن القول بأن خروج المصرف المركزي واتهام المؤسسة الوطنية للنفط بعدم الدقة ما هي إلا مناورة سياسية ضد الأخيرة التي يبدو أنها وافقت بالفعل على تجميد أموال النفط التي طالبت بها بعض الأطراف المحلية وبدعم خارجي.

توحيد المركزي

مما لا شك فيه، فإن الخلافات التي تعددت وتنوعت بين المؤسسات في البلاد أظهرت الحاجة إلى ضرورة توحيدها على الأقل من أجل اتخاذ إجراءات يمكن من خلالها إصلاح الاقتصاد الوطني والنهوض بالبلاد من حالة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والتركيز على التنمية والاستثمار.

وعلى مدى الأشهر الماضية شاهدنا الكثير من المسائل كان المصرف المركزي أحد أطرافها والتي من بينها ما حدث مؤخرا وهو اللجوء إلى احتجاز أموال النفط في حساب المؤسسة، إضافة إلى وضع المصرف الليبي الخارجي تحت الحراسة القانونية إضافة إلى وضع رسم على مبيعات النقد الأجنبي بعيدا عن المركزي.

إلى أين سيقود الخلاف بين المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط؟

ومع كل ذلك، من المتوقع أن يكون السؤال المنطقي هو: هل توحيد مصرف ليبيا المركزي ليمارس أعماله أسهل وأقل كلفة أم تدمير النظام المالي والنقدي للدولة بكل هذه الإجراءات الخطيرة وغير القانونية.

وقال استاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي حسام إدريس، إن الإجراءات التي بدأت تتلاحق وآخرها تجميد حسابات إيرادات النفط لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تنسيق دولي نتيجة لما له من تأثير على الأوضاع الاقتصادية للبلاد.

وأضاف إدريس من خلال منشور عبر حسابه بموقع فيسبوك، إن هناك خطورة من ردة فعل المصرف المركزي في حال قامت المؤسسة الوطنية للنفط بتجميد الإيرادات حيث أن سياسة التقشف ستعود مجددًا.

وعلى الرغم من دوره المحوري في إدارة البلاد، إلا أن عزلة المصرف المركزي في طرابلس بدأت تكبر مع فقدانه لأموال النفط وإدارة المصرف الخارجي مما يشير إلى بدء مرحلة جديدة قد تنتهي بإعادة تشكيل مجلس إدارته.

ومع استمرار الانقسام السياسي والصراع على السلطة، تتوسع دائرة الاستقطاب التي لم تسلم منها جميع المؤسسات في الدولة مع احتدام السباق على الخروج باتفاق سياسي جديد لعله يصنع بعضًا من التوازن رغم رغبة جميع المتخاصمين بالفوز به أو أن يكون لصالح طرف دون الأخر.

مشاركة الخبر