| تقارير
الإنديبندت: نظام عسكرة الدولة والاقتصاد يسعى لمصادرة النفط والخردة لتمويل أمراء الحرب في ليبيا
نشرت صحيفة ” الإنديبندت The Independent ” اليوم السبت في تقرير لها أن وكالة برايم للعقارات قالت إن النفط والخردة هما الصندوق الذي يمول أمراء الحرب الليبيين بمليارات الدولارات.
حيث يزعم النقاد والمختصين أن هيئة الاستثمار العسكرية التى يملكها ” خليفة حفتر ” هي وسيلة حصول القوات المسلحة الليبية التابعة له على القوة الاقتصادية.
وتمت من خلال هذا التقرير الإشارة إلى عقار يقع على شاطئ البحر مباشرة غرب مدينة بنغازي العاصمة الثانية لليبيا ، حيث يعتبر هذا المبني جوهرة البدء في التطوير العقاري على شواطئ البحر الأبيض المتوسط ، والتى من شأنها أن تولد ثروات بمجرد حل المشاكل العديدة التي تواجهها ليبيا.
ولكن في وقت ما من عام 2017 زُعم أن ضابطًا في الجيش الوطني الليبي بقيادة “خليفة حفتر” استدعى مالك هذا العقار ، وأخبره أن هناك جهة عسكرية تسمى لجنة الاستثمارات العسكرية والأشغال العامة بحاجة إليه .
ومن هذا المنطلق وافق مالك العقار الموجود على شاطئ البحر خوفًا على رزقه وعلى سلامته الشخصية على البيع بسعر أقل بكثير مما يستحقه العقار، ووفقًا لمعلومات قدمت إلى “The Independent ” فإن هناك العديد من الضباظ المنشقين الليبيين الذين انشقوا عن الجيش الليبي قد اختفوا أو اضطروا إلى الفرار بحياتهم.
وتؤكد الصحيفة أن الباحث الذي سافر إلى ليبيا وتحدث إلى المالك السابق للعقار قال :
” أن بعض من هؤلاء الضباط لا يتعين عليهم فعل الكثير فقد يهددونك مباشرة أو يدعوك إلى المكتب لإخبارك بقواعد اللعبة أو يمكنهم إرسال مجموعة مسلحة إلى مكان الممتلكات والاستيلاء عليها بالقوة”
حيث أشارت الصحيفة إلى أن “حفتر ” وهو رجل عسكري قوي مثير للجدل يقود الآن حصارًا على العاصمة طرابلس بدعم عسكري من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والدعم السياسي لروسيا وفرنسا وذلك من خلال سعيه المستمر منذ خمس سنوات للسيطرة على النفط وعلى البلد الغني.
ولكن لتمويل الجهود الحربية ونفقات التمويل التي تشمل جماعة الضغط في واشنطن وكذلك العمل على إرضاء شهية ضباطه حيت يقول الخبراء ” إنه تحول أيضًا إلى ما يصفه النقاد بالممارسات التجارية المفترسة والتي تتم معظمها عبر الاستثمار العسكري والأشغال العامة لهذه اللجنة وهي سلطة شبه قانونية يتم من خلالها مصادرة الممتلكات أو شراؤها بسعر رخيص ويتم بيعها بعد ذلك لوكلائهم من الخارج”
وقد أثبتت المحاولات أن تحديد قيمة أصول الهيئة وإيراداتها صعب ، بينما قدر أحد الباحثين أن ” حفتر ” يسيطر على ما يتراوح بين 5 مليارات و 10 مليارات دينار ليبي في الأصول ، مما يشير إلى أن قيمتها تبلغ ما لا يقل عن مليار دولار مع عائدات سنوية تبلغ عشرات الملايين من الدولارات.
وكانت خطط تمويل السلطة المزعومة تدير سلسلة كاملة ، حيث تم أخذ الممتلكات على أساس أنها ضرورية لأسباب تتعلق بالأمن القومي ، وأشارت الصحيفة إلى ما قاله الأعمال للسلع النقدية أنه يتم تهريب الوقود إلى الخارج وبيعه.
وقد قدرت شركات المراجعة للحكومة الليبية لعام 2017 القيمة الإجمالية للوقود المهرب إلى خارج البلاد بنحو 5 مليارات دولار في السنة.
حيث تم الاستيلاء على المستودعات من قبل رجال الأعمال ، وتفكيكها وبيعها للخردة المعدنية ، وفقاً لتقرير الاقتصاديات المفترسة في شرق ليبيا “وهو تقرير أعدته في يونيو منظمة المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة عبر الوطنية” وقامت صدى حصرياً بترجمته ونشره فور صدوره .
وأضافت الصحيفة أن هناك وثيقة ظهرت عام 2018 تؤكد تصدير شحنة من خردة المعادن قدرت قيمتها بحوالي 750.000 دولار.
وقال “جليل هراتشاوي ” المتخصص في شؤون شمال إفريقيا بمعهد كليننج إندل وهو مركز أبحاث هولندي :
“إن ما يحدث في الأساس وسيلة علنية يستخدمها الجيش مباشرة في وجهك لغرض عسكرة العناصر الرئيسية للاقتصاد في شرق ليبيا ”
وأضاف
“إنه كيان يتيح لكبار الضباط ، وعلى الأرجح أبناء الجنرالات بأن يتفوقوا بموانئهم ومزارعهم وبمزودي خدمات الاتصالات الخاصة بهم على العامة “
وعلى عكس الأعمال العادية لا تدفع الهيئة العسكرية المشار أليها سابقاً أي ضرائب أو رسوم وخلافا لصناديق الاستثمار العامة مثل الهيئة الليبية للاستثمار والتي تدير مجموعة من العقارات والأسهم المملوكة للدولة من الناحية الفنية فإنها تخضع لتدقيق مالي سنوي.
ويبدو أن الإجابة فقط معتمدة على “حفتر” حيث تعرض صفحته على “Facebook ” صور ضباط عسكريين ذوي الشعر الأبيض يتحادثون مع بعضهم البعض و لا يحتوي موقع الويب الخاص على أي تفسير أو تفاصيل حول المقتنيات أو معلومات الاتصال الخاصة بها.
وبدورها تواصلت الإندبندنت مرارًا وتكرارًا مع الصندوق أو الهيئة العسكرية ومتحدثها الرسمي و بعد الموافقة المبدئية على التحدث مع “الإندبندنت” والتماس قائمة مفصلة من الأسئلة ، لم يرد المتحدث الرسمي الذي تم الاتصال به من خلال صفحة “فيسبوك” التابعة للمنظمة على أي من الأسئلة وتوقف عن الرد على الرسائل لأكثر من أسبوع قبل نشر هذه القصة.
وقال أحد الباحثين المقيمين في ليبيا للصحيفة :
“إنهم لا يرغبون في التحدث أو مشاركة المعلومات” وطلب عدم ذكر اسمه خوفًا من غضب الجيش الوطني الليبي حيث أكد “إنهم يعرفون كل مايحدث ومايقال عنهم “
لكن الباحث أضاف أن السلطة المدنية في شرق ليبيا قد تم كبحها بالأضافة إلى بعض الممارسات والأعمال التى تعتبر ضمن الإطار القانوني حيث أنهم يحاولون الآن جعل جميع أنشطتهم تتماشى مع تشريع هيئة الاستثمار العسكرية والتى يترأسها ” الجنرال محمد المدني الفاخري ” وهو من بين المعاونين الأوفياء لحفتر ومن بين أعضاء مجلس إدارتها ضباط عسكريون كبار آخرون داخل معسكر حفتر.
وتشمل الأصول المالية المذكورة في هذا التقرير تسهيلات تحميل وتفريغ البضائع في ميناء بنغازي والمزارع ، وفقًا للخبراء مما يمنحها قوة أحتكار محتملة على أدوات الاقتصاد الإستراتيجية مثل الواردات وإنتاج الغذاء.
وفي الأيام الأخيرة أصدرت الهيئة بيانًا يتحكم في دخول أي أجانب إلى شرق ليبيا وهو وسيلة محتملة لمراقبة رجال الأعمال الأجانب وتهميشهم.
حيث قال الباحث الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفًا من تعريض مصادره للخطر:
“لقد بدأ الأمر بالاستيلاء على المباني واليوم أصبح أكثر تنظيماً ، لقد تسارعت الأحداث بسبب إرادة الجيش الوطني الليبي توليد الإيرادات وإرادة بعض القادة لكسب المال “
وقد نمت الاحتياجات المالية للجيش بقيادة حفتر في الأشهر الأخيرة ، حيث لا تزال ثروات ليبيا النفطية الكبيرة خاضعة لسيطرة البنك المركزي و الذي يحتفظ باستقلاله على الرغم من الحرب الأهلية ويواصل سداد مرتبات الرواتب العامة والمعاشات وتمويل المؤسسات الحكومية مثل المستشفيات.
حيث حاول الجيش مرارًا وتكرارًا السيطرة على كل من البنك المركزي واالمؤسسة الوطنية للنفط لكنه فشل ، فبعد سيطرته على شرق ليبيا وجنوبها خلال ما يقرب من خمس سنوات من الحرب المتقطعة شن الجيش الوطني الليبي ، بقيادة حفتر هجومًا للسيطرة على العاصمة طرابلس في أبريل 2019 ، كان الغرض منه السيطرة على ماتبقى من موارد البلاد.
وتضيف الصحيفة أنه وعلى الرغم من انتصار الرعاة والمؤيدين إلا أن النزاع استمر حتى الآن لمدة خمسة أشهر تقريبًا وتحول إلى طريق مسدود دموي وسط علامات نفاد صبر من جانب مؤيدي حفتر في القاهرة والرياض وأبوظبي.
حيث أن الحلفاء العرب لأمراء الحرب قدموا له الدعم العسكري والدبلوماسي إلا أن هناك القليل من الأدلة على أنهم عرضوا أموالًا ، وهذا قد يتركه يدافع عن نفسه من أجل تمويل طموحاته العسكرية وإعادة بناء شرق ليبيا بعد سنوات من الحرب.
بالإضافة إلى دفع الأجور مقابل 70 ألف مقاتل له أو نحو ذلك ، تشمل نفقات حفتر صفقة بقيمة مليوني دولار هذا العام مع شركة ضغط مقرها هيوستن للمساعدة في توسيع “أهدافه الدبلوماسية” في واشنطن ووفقًا لوثائق وزارة الخزانة الأمريكية ، وصف خبراء السلطة أن مايحدث هو وسيلة لإعطاء لمعان من الشرعية والنظام لنهب المزعوم الذي كان يحدث بالفعل على أيدي حلفاء حفتر والمقاتلين.
وشبهت الصحيفة هذا الصندوق الذي يمول أمراء الحرب وحفتر في ليبيا النموذج الواضح له في المقابل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لغرض تسهيل تسلل الجيش إلى الاقتصاد فضلاً عن المؤسسات الدينية في إيران و التي استولت على منازل وممتلكات رجال الأعمال.
وقال الباحث “إنهم لا يخفون أن النموذج المصري هو ما يلهمهم لجعل إدارة الجيش مستقلة مالياً قدر الإمكان وتنويع مصادر دخلها”
ويخشى البعض من أن تتأثر السلطة بكيفية حكم ليبيا تحت حكم حفتر و الذي تلقى الدعم الضمني من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
حيث قال أحمد شركسي وهو ناشط سياسي ليبي يبلغ من العمر 29 عاماً من بنغازي ويعيش الآن في المنفى في تونس “أعتقد أن هذا ليس صحيحاً ، فعندما يشارك الجيش في الإدارة اليومية للبلاد ، ستظهر علامات كثيرة نتيجة الاستياء من تصرفاته ويمكن لأي منظمة لا تخضع للمراقبة أو المراقبة عن كثب أن تخرج عن نطاق السيطرة “.
ترجم حصرياً لصدى الأقتصادية