Skip to main content
|||
|

“الإعتمادات المستندية بين سندان الضرورة ومطرقة الفساد “

مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في ليبيا أصبح من الشائع جدا تداول مصطلحات كثيرة اقتصادية منها ما هو مهم جدا في حياة المواطن اليومية كالسلع المختلفة الغذائية وغيرها

صدي في قضية هذا الاسبوع تفتح ملف ” الاعتمادات المستندية ” سعيا منها لتعريف القارئ الكريم حول هذا الموضوع الشائك والمتداخل بداية من المؤسسات الحكومية مروراً بالتاجر ونهايةً بالمواطن

ما هي الإعتمادات المستندية ؟
الاعتماد المستندي هو كتاب تعهد صادر من البنك المركزي يفتح الاعتماد بناء على طلب أحد عملاء المستوردين (المشتري)، يتعهد فيه البنك بدفع مبلغ معين لقاء السلع المستوردة، أو يتم تفويض بنك آخر بالدفع أو قبول سحوبات لصالح المستفيد وهو المورد، في مقابل استلام مستندات مطابقة للشروط المتفق عليها والواردة في الاعتماد

من هي أطراف الاعتماد المستندي ؟

1- المستورد ” المشتري” :

هو الذى يطلُب فتح الإعتماد ، ويكون الإعتماد في شكل عقد بينه وبين البنك فاتح الاعتماد. ويشمل جميع النقاط التى يطلبها “المستورد” من “المصدّر”

2- البنك فاتح الإعتماد :

هو البنك الذى يُقدم إليه ” المشتري” طلب فتح الاعتماد ، حيث يقوم بدراسة الطلب ، وفي حالة الموافقة عليه وموافقة “المشتري” على شروط البنك، يقوم بفتح الاعتماد ويرسله إما إلى المستفيد مباشرة في حالة الاعتماد البسيط ، أو إلى أحد مراسليه في بلد البائع في حالة مشاركة بنك ثاني في عملية الاعتماد المستندي.

3- المصدر ” المورد”:

هو الطرف الذي فُتح الاعتماد المستندي لصالحه ، ويقوم بتنفيذ شروط الإعتماد في مدة صلاحيه هذا الإعتماد ، وفي حالة ما إذا كان تبليغه بالاعتماد معززاً من البنك المراسل في بلده ، فإن كتاب التبليغ يكون بمثابة عقد جديد بينه وبين البنك المراسل، وبموجب هذا العقد يتسلم المستفيد ثمن البضاعة إذا قدم المستندات وفقا لشروط الإعتماد ويتم الدفع عادة للمصدر عن طريق البنك مَبلَّغ الإعتماد أو البنك المراسل للاعتماد .

4- البنك المراسل ويسمي أيضا “البنك المعزز”:

هو البنك الذي يقوم بإبلاغ المستفيد بنص خطاب الاعتماد الوارد إليه من البنك المصدر للاعتماد في الحالات التي يتدخل فيها أكثر من بنك في تنفيذ عملية الاعتماد المستندي كما هو حاصل في الغالب . وقد يضيف هذا البنك المراسل تعزيزه إلى الإعتماد ، فيصبح بدوره ملتزما بالالتزام الذي التزم به البنك المصدر، وهنا يسمى بالبنك المعزز .

ما هي الأوراق المطلوبة لفتح الاعتماد المستندي ؟
( الفاتورة التجارية ، شهادة المنشأ ، بوليصة الشحن ، شهادة الوزن ، بيان التعبئة ، بيان المواصفات ، شهادة المعاينة ، شهادة صحية )

ما هي الدورة التي يأخذها الاعتماد المستندي من البداية وحتي النهاية ؟

1_ فتح اعتماد مستندي

ويتم فى هذه المرحلة ادخال البيانات الاوليه الخاصه بفتح الاعتماد من حيث تحديد نوعه هل هو تسهيلات بنكيه ام تسهيلات موردين ، وهو ما يتحدد من خلاله علاقة الإعتمادات بالحسابات العامة ، والقيود الصادرة وكذلك تاريخ فتح ونهاية الاعتماد ، ونوع الشحن وبنك الاعتماد وقيمته وبنك المورد وإسمه، بعد ذلك البدء فى إدخال تفاصيل الاعتماد وهو تحديد الاصناف المطلوب شرائها ، وكمياتها ، والسعر المتفق عليه مع المورد ليحسب بعد ذلك قيمة الإعتماد بالكامل

2_ المصروفات على إعتماد مستندي

هناك نوعان من المصروفات يتم إستهلاكها إبتداءأ من تاريخ فتح الإعتماد وحتى وصول الشحنة وإستلامها بالمخازن

أ_ مصروفات على الاعتماد :

وهى المصروفات الإدارية المتعلقه بالإعتماد كاملاً ولا تخص بند بعينه من بنود الأصناف المستوردة مثل الجمارك والمصروفات البنكية علي سبل المثال

ب_ مصروفات على الشحنة :

قد تكون كميات الأصناف المطلوبة فى الأعتماد كميات كبيرة ويتم إستلامها على شحنات متتالية وهنا يتم استهلاك مصروفات مباشرة على كل شحنه بعينها بخلاف نصيب الشحنة من المصروفات العامة على الإعتماد

3_ استلام شحنة الإعتماد

فى تلك الخطوه المهمة يتم إستلام أوراق الشحنة والتى تُعد بذلك مملوكة للشركة ويعد التزاماً على الشركة سداد قيمه تلك الشحنة للمورد

4_ تسعيرأصناف إعتماد مستندي

هنا عند عمل التسعيرتم إنشاء قيد يومية تلقائيا بقيمة البضاعة + المصروفات وتم إقفال حساب الإعتمادات المستندية كذالك عمل إذن إضافة تلقائية فى المخزن بقيمة البضاعة + المصروفات


ومن التعريف بالإعتمادات المستندية الي الغوص أكثر في قضيتها حيث أُعتبر هذا الموضوع من أكبر عمليات الفساد الواضحة ، والتي تحدث في غياب بعض المؤسسات الرقابية الهامة مما أدي الي انتشارها واستفحالها في الواقع الاقتصادي للدولة ، وأصبحت منيعة عن كل الحلول التي أوجدتها المؤسسات المالية والرقابية التي تحاول العمل من أجل إيقاف عمليات الاعتمادات الوهمية ، والتي كشرت عن أنيابها في الفترة الاخيرة ، وهذا تمثل في عدد “الحاويات” المعبئة بالمياه والرمل في مكان السلع المختلفة التي في إحتياجها المواطن بشكل عاجل في ظل إرتفاع الإسعار والتضخم الكبير الذي يفوق قدرة المواطن ، وستطرق صدي كل الابواب التي يعنيها الموضوع سعيا من أجل توضيح مكمن الخلل في موضوع الاعتمادات المستندية التي فتحت باب فساد كبير علي البلاد أثقلها بالخسائر الكبيرة ، وجعلت من مرتكبي عمليات التهريب باسم الاعتماد المستندي ، ورسوم التحصيل يحققون مكاسب كبيرة فاقت حتي ما يحققها تجار المخدرات والممنوعات

"الإعتمادات المستندية بين سندان الضرورة ومطرقة الفساد "

ديوان المحاسبة الذي يُعتبر من أهم المؤسسات الرقابية في البلاد حاليا ويُعزي اليه بعض الفضل في عدم إهدار الكثير من اموال الدولة أو علي الاقل عدم الاستمرار فيها ، والوقوف أمام الفساد المستشري في هذه العمليات ، وقد قام خلال السنوات الماضية بالتصدي لبعض عمليات الفساد التي تجري بإسم الاعتمادات المستندية ، مجمدا كثير من أصول الشركات وحسابات الشخصيات ورجال الاعمال وصلت حتي 69 شركة محلية و 128 شخصية يقومومن علي ادارة الشركات ، وكذالك إيقاف مدراء المصارف والموظفين الذين تمت من خلالهم هذه العمليات في عام 2016 بحسب تقرير ديوان المحاسبة ، والذي شمل ايضا بيان حجم الاموال المهربة باسم الاعتماد المستندي وصلت الي 141 مليون دولار ورد منها 14 % فقط الي البلاد والباقي تم سرقته وتهريبه الي الخارج وهو مستوي غير مسبوق بحسب تقرير ديوان المحاسبة ولفيف من الاقتصاديين سألتهم صدي

"الإعتمادات المستندية بين سندان الضرورة ومطرقة الفساد "

ديوان المحاسبة في تقريره اتهم مصرف ليبيا المركزي بحجب منظومة الاعتمادات المستندية ، وبعد التقرير بأيام تم ايقاف أمين سر مكتب محافظ ليبيا المركزي ” رياض عمر “الذي كان يشغل رئيس اللجنة الفرعية للاعتمادات بمصرف ليبيا المركزي بتهمة عرقلة أعضاء ديوان المحاسبة عن اداء مهامهم داخل المركزي

"الإعتمادات المستندية بين سندان الضرورة ومطرقة الفساد "
سألنا مصدرا في مصرف التجارة والتنمية بطرابلس فضل عدم تناول إسمه ولا صفته قال : ان المصرف يقبل طلبات جميع الشركات ورجال الاعمال في طلب الاعتماد المستندي للسلع التي يريدون جلبها من الخارج ، ونحن نقوم بإدراجها في المنظومة في انتظار التحصل علي ” cbl ” وهو كود يصدر من المصرف المركزي وعبر منظومتها بعد ارسال طلب الشركات من المصارف التجارية وفروعها الي لجنة الاعتمادات في مصرف ليبيا المركزي ، ويضيف المصدر أنه في كثير من الأحيان يمنح الكود cbl”” ولكن لا تكون هناك تغطية مالية بالنقد الاجنبي من المصرف المركزي فالتالي فإن العملية تراوح مكانها

"الإعتمادات المستندية بين سندان الضرورة ومطرقة الفساد "
ومن مكاتب صنع قرار الإعتماد المستندي الي السوق الليبية وحركة التجارة والوضع العام الذي لم يكن أفضل حالا من المخاض الذي تعاني منه المؤسسات المالية والرقابية القائمة علي الاعتمادات المستندية
رصدنا تصريحات للسيد / محمد الرعيض: رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعة والتجارة والزراعة ينتقد فيها عديد القرارات التي قام بإتخاذها المجلس الرئاسي التي كان أخرها فرض رسوم جمركية علي السلع المستوردة

"الإعتمادات المستندية بين سندان الضرورة ومطرقة الفساد "

وقد أجرت  صدي إتصال هاتفي معه وطرحت عليه بعض الاسئلة حول تصريحاته

س / سيد محمد كيف ترون قرار المجلس الرئاسي بخصوص فرض تعريفة جمركية علي السلع المستوردة ؟

” هذا القرار غير قانوني والجهة التي تختص باتخاذ مثل هكذا قرارات هي المالية ،مضيفا أن القرار غير مدروس جيداً فمثلاً رفع التعريفة الجمركية عن “معجون الطماطم” و “الشاي” التي تغرق الاسواق ، وفرض رسوم جمركية بنسبة 40% علي مستلزمات الأم والطفل التي تشهد الأسواق نقصا شديداً في هذه السلع وحاجة المواطن الماسة اليها هو أفضل دليل علي عدم دراسة هذا القرار جيداً

س/ هل ستكون هناك تبعات لهذا القرار ؟

” نعم .. سترتفع الأسعار نظراً لشح هذه السلع من الأسواق وستكون اضعاف قيمتها وستسبب في زيادة معاناة المواطنين بسبب شح السيولة النقدية

س/ ما هي الحلول الواجب اتخاذها الأن بدل التعريفة الجمركية من وجهة نظركم؟

“يجب التفكير رفع الدعم عن السلع من أجل إستقرار الأسعار وتوفر السلع وأي حل غير هذا لن يجدي نفعا قد جربت الدولة طرقا كثيرة في موضوع الاعتمادات المستندية وكلها فشلت وكانت سببا في عمليات اهدار كثيرة
وأضاف ان الدولة تترك مصانع الزيوت والدقيق في البلاد متوقفة وبدون دعم لتشغيلها وتذهب الي استيراد السلع بالاعتمادات المستندية بأرقام مالية كبيرة تكفي لتشغيل مصانع البلاد والاستعاضة عنها بالسلع المستوردة “
..
بعد تواصلنا مع ” الرعيض” بيوم واحد أعلنت ” شركة النسيم للصناعات الغذائية ” توقف خطوط الانتاج في ” الزبادي و اللبن” بسبب نقص في المواد الخام التي تجلب باعتمادات مستندية بحسب بيان الشركة

واتهم الرعيض رئيس مجلس إدارة الشركة مصرف ليبيا المركزي بالوقوف وراء هذا التوقف بسبب تعطيل الموافقة علي الاعتمادات المستندية منذ أكتوبر من العام المنصرم علي حد قوله .

لم نستطع التواصل مع مصرف ليبيا المركزي ليرد علي الاتهامات الموكلة اليه من كافة الاطراف التي أجرينا معها اللقاءات وطرحنا عليها الاسئلة بخصوص قضيتنا ربما بسبب سياسة القطب الواحد في التصريح بالمعلومات التي ينتهجها السيد ” الصديق الكبير” محافظ المركزي ، ولكن القضية لم تنتهي هنا وستتابع صدي كل الاطراف المعنية بالقضية في جزئها الثاني.

يتبع ….

"الإعتمادات المستندية بين سندان الضرورة ومطرقة الفساد "

مشاركة الخبر