Skip to main content
"البرغوثي": المحافظ ناجي عيسي بين النظريات الاقتصادية والواقع الليبي
|

“البرغوثي”: المحافظ ناجي عيسي بين النظريات الاقتصادية والواقع الليبي

كتب أستاذ الاقتصاد السياسي “محمد البرغوثي”: المحافظ ناجي عيسي بين النظريات الاقتصادية والواقع الليبي

ما بين النظرية والواقع الليبي هناك فجوة عميقة، محافظ مصرف ليبيا المركزي لا يمكنه ان يحقق النظرية وحده في بلد يعاني من انقسام مؤسسي واقتصاد ريعي، لكن تصريحات ناجي عيسي تعد خطوة ايجابية إذا ما رافقها إرادة سياسية واضحة) و(اصلاح مؤسسي حقيقي)، الوضع الاقتصادي لا ينتظر النظرية وحدها بل ينتظر (تطبيقها بضمير))

مدخل إلى الواقع

في تصريحاته الاخيرة أشار محافظ مصرف ليبيا المركزي إلي ان المصرف يعمل (في ظل حكومتين وانقسامات مؤسساتية وضعف رؤية اقتصادية موحدة)

ونبه أيضا إلي أن الإيرادات الشهرية لا تتجاوز نحو 1.5 مليار دولار بينما بلغ الطلب على النقد الأجنبي نحو 3 مليارات ما يعكس فجوة هيكلية ضخمة، هذه التصريحات تجعلنا نطرح سؤالا مركزياً إلي أي حد يستطيع المصرف المركزي أن يعمل وفق النظرية الاقتصادية المثالية في ظل واقع مؤسساتي منقسم وتحديات خارجية وداخلية.

النظريات الاقتصادية والواقع

من منظور النقود والاقتصاد الكلي يفترض أن يتحكم المصرف المركزي في عناصر رئيسية السياسة النقدية (القاعدة النقدية والمضاعف النقدي وسعر الفائدة )
سعر الصرف وضغط الطلب علي العملة الاجنبية
السيولة في المصارف التجارية، تأمين الإستقرار المالي والانفاق الحكومي المستدام

في هذا الاطار يعد أي مصرف مركزي منفذا لنظرية مفادها أن العملة الوطنية يجب أن تدار ضمن توازن بين العرض والطلب وبين الايرادات الخارجية والنفقات الداخلية مع استقلالية مؤسساتية كافية.

بينما الواقع في ليبيا الواقع اقرب إلي (اقتصاد ريعي كامل بالدولار) مع اعتماد شبه مطلق علي النفط وتحويل حصيلته الي دينارات تُصْرَف من قبل الحكومات بينما حجم الاقتصاد المنتج ضعيف ومحدود.

ولا يخفي أن تصريحات ناجي عيسي تصف هذا الواقع ببساطة ، مع وجود حكومتين وعجز في الايرادات وانخفاض أسعار النفط مما يعني أن هناك قيودا هائلة علي قدرة المركزي.

في حين تفترض النظرية أن المركزي يمتلك أدوات مستقلة وضغطا علي العرض النقدي وسعر الصرف لا يبدو أن مصرف ليبيا المركزي يملك سوي (حدود ضبط جزئي) بسبب الانقسام المؤسسي، وبينما يكرر المحافظ أهمية القطاع المصرفي كرافد للنمو وتحويل المدخرات ،التناقضات بين الواقع والنظرية

1-الاستقلال المؤسسي

النظرية تؤكد ان المركزي يجب أن يكون مستقلا وغير تابع لوزارات الانفاق أو الحكومات لكن المحافظ صرح بأن المركزي يعمل (في ظل حكومتين وانقسام مؤسسات الدولة ) ما يعني أن جزءا من استقلاليته مفقود،

2-ادوات السياسة النقدية

من المفترض أن المركزي يستخدم أدوات مثل الاحتياطي الالزامي ومناقصات السندات للتحكم في المعروض النقدي وغير ذلك لكن الواقع الليبي يظهر أن أدواته محدودة بسبب ضعف الانتاج المحلي وتراجع أسعار النفط مما يجعل المعادلة (خلق دينار مقابل دولار نفط) مهيمنة أكثر من أدوات نقدية منتظمة

3-السعر الرسمي مقابل السوق الموازي

نظرية الاستقرار النقدي تشترط تضييق الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق لكن في ليبيا تتسع الفجوة بين السعرين، مما يعكس ضعف قدرة المركزي علي السيطرة الفعلية بسبب محدودية العملة الصعبة أو كثرة الطلب على النقد الأجنبي بسبب زيادة كمية الدينارات في الاقتصاد.

خطوات الاصلاح التي أعلنها المحافظ وما يحتاجه الاقتصاد فعلاً

من تصريحات المحافظ نجد أنه يقترح الآتي:-

1-توحيد وضبط الانفاق العام 2-مراجعة السياسات والتجارية والمالية 3-تعزيز القطاع المصرفي ليكون رافدا للنمو الانتاجي

ولتحقيق هذه الاصلاحات يتطلب الوضع الآتي:-
1-وحدة مؤسساتية بانهاء حكومتين وضبط صلاحيات وزارة المالية والاقتصاد والمركزي
2-تنويع الاقتصاد بتقليل اعتماد النفط الي اقل من 50 بالمئة من الايرادات الخارجية وجذب الاستثمار في التصنيع
3-تقوية احتياطيات النقد الاجنبي عبر تصدير غير نفطي وتوسيع قاعدة الصادرات
4-اطلاق ادوات نقدية حقيقية مثل سندات خزينة منتظمة ورفع نسبة الاحتياطي القانوني تدريجيا وادوات دفع رقمية فعالة.

مشاركة الخبر