Skip to main content
"الترهوني" يكتب مقال بعنوان: الاقتصاد الأزرق الجزء الثالث
|

“الترهوني” يكتب مقال بعنوان: الاقتصاد الأزرق الجزء الثالث

كتب: د. عبدالله ونيس الترهوني مختص في اقتصاديات النقل البحري مقالاً

يُعرف البنك الدولي الاقتصاد الأزرق بأنه الاستخدام المستدام لموارد المحيطات من أجل النمو الاقتصادي، وتحسين سبل المعيشة والوظائف مع الحفاظ على صحة النظم البيئية للمحيطات، ولاسيما أنه يؤثر على الأنشطة البشرية مثل مصائد الأسماك والنقل والطاقات المتجددة وإدارة النفايات والتغير المناخي والسياحة، وقد وصفت أجندة إفريقيا 2063 الاقتصاد الأزرق بأنه نافذة لتحقيق النهضة الإفريقية، وعلى الرغم من ذلك فإن الصراعات والنزاعات على البحار والأنهار بين الدول الإفريقية تعيق تحقيق هذا الهدف المنشود، وفي ذات الإطار أشار الاتحاد الافريقي في أحدث نشراته إلى أن النشاطات ذات الصلة بالاقتصاد الازرق في القارة تولد اكثر من 300 مليار دولار سنوياً و 49 مليون فرصة عمل.

كنت قد أشرت في الجزئين الأول والثاني من المقال على أن البعد الرئيسي للاقتصاد الأزرق هو الاستدامة وإن كانت بلون أزرق ، وتبرز أهمية الاقتصاد الأزرق بصورة أكبر في الدول التي تتكون من جزر، حيث يتفاوت اعتماد الناتج المحلي لتلك الدول على البحار بين 10 و 50% ، ولقد ازدادت أهمية النقل البحري والموارد المائية في زمن مابعد جائحة كورونا، وتقدر حالياً قيمة اقتصاد المحيطات بحوالي 1.5 تريليون دولار سنويًا صعوداً من نصف هذا الرقم قبل الجائحة، بينما يتم نقل أكثر من 90٪ من حجم التجارة العالمية عن طريق البحر صعوداً من 83% قبل الجائحة، وأن أزيد من 1.65 مليون إنسان يعملون على متن السفن والمنصات البحرية، ويعمل في صيد الأسماك 350 مليون شخص بشكل مباشر وغير مباشر حول العالم، وصار 40% من سكان العالم تقريباً يقتاتون على الموارد البحرية بشكل يومي، وأنه بحلول العام 2025 تشير التقديرات إلى أن ثلث إنتاج النفط الخام العالمي سيأتي من البحر صعوداً من 24% والتي تمثل نسبة الإنتاج العالمي الحالي للنفط الخام من الحقول البحرية، في حين تُعد تربية الأحياء المائية هي قطاع الغذاء الأسرع نموًا، وتوفر أكثر من نصف المنتجات البحرية المتاحة على نطاق واسع للمستهلكين، وما أكد صحة كل هذه المؤشرات والتوقعات هي الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا منذ أكثر من عام.

على الرغم من تراجع السياحة الشاطئية في المغرب بسبب جائحة كورونا إلا أن البنك الدولي قد وافق خلال العام 2022 على منح المملكة قرضاً تبلغ قيمته 350 مليون دولار لدعم قطاعات اقتصادها الأزرق ، ويُشكل الصيد البحري الذي يضم اكثر من 500 نوعاً أهم ركائز الاقتصاد الأزرق بالمغرب كون أن المملكة تحتل المرتية 13 عالمياً، وأن 85% من انتاجها يتم تصدبره لاكثر من 100 دولة حول العالم، وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن يرتفع إنتاج المغرب من الأسماك بـ18.2 % في أفق 2030، ليصل إلى 1.7 مليون طن سنويا صعودًاً من 1.4 مليون طن حاليًاً.

من جانب آخر، عزّز الإعلان الرسمي عن اكتشاف نوع جديد من الأسماك في بحر عُمان من قيمة الثروة السمكية وصناعاتها في رؤية سلطنة عُمان 2040 والرامية إلى تنويع موارد الاقتصاد الوطني، المتنوع أصلاً، الجدير بالذكر أن السلطنة حققت عائداً قارب المليار دولار خلال العام 2022 من الصيد البحري وحده، وأنها تملك مايقارب 23 ألف قارب صيد و50 ألف صياد، بالإضافة إلى توفير 150 الف فرصة عمل غير مباشرة من الوظائف الداعمة لنشاط الصيد البحري، في المقابل فإن الاقتصاد الأزرق الصيني الذي يتألف من ثلاث مناطق اقتصادية بحرية في الشمال والشرق والجنوب قد ساهم بأكثر 9.4 % من الناتج المحلي الإجمالي الصيني، ووفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة ل36 مليون مواطن، وخلال العام 2021 إرتفع إجمالي الناتج البحري بالصين بنسبة 8.3 % وإلى أكثر من 1.41 تريليون دولار أمريكي، وحافظت صناعة النقل البحري الصيني على نمواً قوياً خلال العام 2021 حيث سجل حجم البضائع العامة والحاويات المتدفقة من وإلى الموانئ الصينية نمواً سنوياً بنسبة 5.2% و 6.4 % على التوالي.

في ختام هذا الجزء من المقال أود توضيح نقطة مهمة وهي أن الاقتصاد الأزرق بكل قطاعاته ومكوناته هو استراتيجية ورافد اقتصادي هام للدول المطلة على البحار والمحيطات، وبالتالي فان التعامل معه يجب أن يكون من منظور استراتيجي وفي حدود السياسة الاقتصادية الكلية للدولة.

مشاركة الخبر