الحج الركن الخامس من أركان الاسلام وهو فرض فقط لمن استطاع إليه سبيلًا، في ليبيا كما في عدد كبير من الدول الإسلامية يبدو أنه صار أمراً بعيد المنال، فبعد تقنين السعودية لعدد الحجاج من كل دولة نسبة إلو عدد السكان، صارت إقامة هذه الفريضة أصعب باعتبار رفع السعودية لكلفة الحج إذ تبلغ في المتوسط ما لا يقل عن عشرة آلاف دولار.
ولما كانت ليبيا استثناءا في كل شيء لذلك صار الحج أيضاً استثنائيا فيها، فقرعة الحج تجرى فقط على عامة الناس أما أصحاب النفوذ والمناصب والكراسي وحتى مدراء المؤسسات العامة فيها فهؤلاء تكفلوا لأنفسهم أو تكفل لهم أقربائهم ومعارفهم بذلك، وحينما رفعت السعودية هذا العام عدد الحجيج الليبيين فقد اغتنمها هؤلاء وأهدوها إما لأنفسهم أو لأقاربهم بعد أن منوا الناس بوعود كاذبة زاعمين أن ذلك لم يتحقق وشاهد الناس عودتهم لأرض الوطن بعد أن تعذر رؤيتهم حين ذهابهم.
وعلمت صدى الاقتصادية من مصادر خاصة بأنه حتى لجنة الرقابة المصاحبة على هيئة الحج والعمرة والمكلفة من قبل الرقابة الإدارية بطرابلس بعض أعضاءها استخدمو الوساطة والمحسوبية للحج سواء لهم أو لعائلاتهم، بالإضافة إلى رصد “بعض أقارب مسؤولين” بديوان المحاسبة كذلك .
وبصفة عامة، ترى إلى أين يمضى بنا هؤلاء بعد أن تدخلوا أيضاً في ركن من أركان الاسلام وشعيرة من شعائره وجعلوها حكرًا لهم دون غيرهم ضاربين بعرض الحائط كل شرف أو نخوة أو ضمير وبعد أن قذفوا بأحكام الاسلام في المعاملات لاسيما الدينية بعيدًا وفقا لأهوائهم..
ولعل مما زاد جشع هذه الفئة هو قيام الحكومة بتحمل نفقات الحج نيابة عن الناس الآمر الذي كان من المفترض أن يستفيد منه الفقير قبل المقتدر والعامة قبل الخاصة وكبار السن الذين ما انفكوا يرفعون ايديهم بالدعاء طالبين الظفر بهذه الشعيرة قبل مغادرتهم لهذه الدنيا، ولكن كل هذا لم يشفع لهم أمام طمع الحذاق وأصحاب النفاق..
فهل يعتبر ما جرى هذه السنة عرفاً جديدًا ستتكرر في سنوات لاحقة مثلما تجرأ هولاء هذا العام؟ وهل سيكون الحج بالواسطة بعد أن كان لمن استطاع إليه بالحلال سبيلًا ؟؟