
| مقالات اقتصادية
الخبير النفطي يكتب مقالا بعنوان : تقدير سعر النفط لموازنات 2021 الوسائل التقليدية والخيارات العالمية المتاحة
كتب : الخبير النفطي محمد أحمد
تستعد الدول والشركات النفطية لوضع تقديراتها للعام القادم التي تتضمن الإيرادات والانفاق ونسبة العجز أو الفائض المتوقع وفقا لذلك , بعد ثلاث سنوات من ارتفاع أسعار النفط 2017-2019 حققت فيها الدول النفطية عوائد قوية ساعدت على ارجاع التوازن إلى حد كبير لموازناتها الحكومية بعد فترة من تفاقم العجز أرجع تفشي وباء كوفيد-19 الأسعار النفطية إلى مستويات ضعيفة جدا جعلت هذه الدول تعوم في بحر من الديون خلال هذه السنة والتي يتوقع أن تستمر السنة القادمة.
بينما أعلنت العراق أن سعر النفط في موازنتها لـ 2021 سيكون 42 دولار للبرميل تفكر إيران في مستوى 40 دولار للبرميل، وكانت السعودية وفقا لجولدمان ساكس اعتمدت 50 دولار للبرميل وكذلك تتفق معها روسيا.
وبينما هذه الأسعار عرضة للتقلب وفقا لحركة السوق في 2021 بمعنى أن تحقق الدولة فوائض إذا ارتفعت عن المستوى المحدد وعجز بالعكس، ألا أن المكسيك خلافا للكل ثبتت سعرها النفطي عند 49 دولار للبرميل في 2021 بتغطية مالية من البنوك العالمية.
القاعدة العامة هي التحفظ في وضع سعر النفط في الموازنة لتفادي تحقيق أو تعظيم العجز خلال السنة القادمة نتيجة التوسع في الانفاق مقابل إيرادات نفطية ضعيفة. ونظرا للتقلب الحاد في السوق حاليا فأن الدول تميل إلى تأخير تقدير السعر لتحصل على توقع أكثر دقة.الوسائل التي تستعملها الدول في تقدير السعر تتراوح بين النماذج القياسية التقليدية أو استطلاع أراء الوكالات المتخصصة والبنوك العالمية في هذا المجال.
النماذج القياسية عادة ما تعطي نتائج غير مقبولة نتيجة لتقلب الأسواق وكثرة العوامل التي يجب أن تقاس مثل الطلب على النفط، العرض من النفط، مستويات المخزون، الطاقة الاحتياطية لأوبك، درجة نمو الاقتصاد العالمي والاقتصادات الإقليمية وغيرها.
البنوك الاستثمارية العالمية تعمل بمزيج من التحليل القياسي واستطلاع الآراء في الأسواق ونتائج بعض منها خصوصا جولدمان ساكس تكون قريبة جدا من الواقع، خصوصا في توقع الالتواءات المفاجئة في منحنيات السعر.
التبرير هنا يختلف حيث يعتبر بعض المراقبين أن التقدم التكنولوجي ومهارة النخبة من الخبراء تتيح للبنوك الاستثمارية توقعات صحيحة بينما يعتبر جزء آخر من المراقبين أن البنوك تستعمل وسائل معينة لتقود الأسواق نحو توقعاتها المسبقة. البنوك الاستثمارية أغلبها اليوم تتوقع متوسط سعر فوق 55 دولار للبرميل لسنة 2021. سيتي بنك الأكثر محافظة واللصيق بصناعة النفط الصخري الأمريكي للغرابة يتوقع أسعارا تقترب من 60 دولار للبرميل.
الأسواق الآجلة “بورصة نيويورك” بتاريخ الجمعة 11 ديسمبر 2020 سجلت متوسط سعر 49.60 دولار للبرميل لخام برنت تسليم في 2021. لا أعرف هل قامت السلطات الليبية بوضع ميزانية 2021 وأي سعر النفط تم اعتماده كمتوسط لتقدير الإيرادات النفطية.
تاريخيا حتى سنة 2010 أتبعت أجهزة التخطيط في الدولة مدخلا محافظا للتقدير حيث كان السعر عادة يوضع تحت مستوى التوقعات بـ 10 دولار للبرميل أو أكثر وفقا للسوق هذا للمستويات بعد سنة 2005 والتي وصلت في سنة 2007 إلى 110 دولار للبرميل. في العقد الأخير تخلت سلطات التخطيط عن تحفظها التقليدي وأتذكر أنها قامت بوضع سعر أعلى من السعر المتوقع في السوق في عدة مناسبات ففي نهاية سنة 2012 كان السعر المتوقع لسنة 2013 في حدود 90 دولار للبرميل ألا أن الحكومة آنذاك وضعت سعر 105 دولار للبرميل لاستخدامه في الموازنة والانفاق حيث بلغت الموازنة حينها 70 مليار دينار أو 50 مليار دولار بالسعر الرسمي. كذلك فأن الأسعار المقدرة في السنوات الثلاث الأخيرة بالرغم من عدم الإعلان عنها كانت أعلى من مستويات توقعات السوق.
لا أظن أن سعرا أعلى من 45 دولار للبرميل يصلح ليكون تقديرا لسعر النفط لاستخدامات الموازنة لعام 2021 سيكون مبررا وفقا لحقائق السوق الآن. هذا أقل تقريبا بـ 10 دولار عن توقعات البنوك الاستثمارية ولكنه في نفس الوقت أقل بـ 4 دولار عن الأسعار المسجلة في بورصة نيويورك , هناك بديل آخر وهو البديل المكسيكي بالتوجه إلى سوق الخيارات لتثبيت سعر النفط في 2021.
وفقا لحساباتي بناء على سوق الخيارات في بورصة نيويورك فأن الدولة الليبية تستطيع تثبيت سعر النفط عند 52 دولار للبرميل في 2021 ولكن بتكلفة 6.23 دولار للبرميل مما سينتج سعر صافي هو 45.77 دولار للبرميل.
يعني لو وصل متوسط السعر المحقق في 2021 إلى 50 دولار فأن هذا سيفوت فرصة الحصول على 4.23 دولار للبرميل، ولكن إذا أنخفض السعر إلى 40 دولار فأن ذلك سيمثل ربحا بمعدل 5.77 دولار للبرميل , تجدر الإشارة أن المكسيك حققت ربح يقدر 2.5 مليار دولار في 2020 نتيجة تغطيتها المالية كما هو مبين في المقال المرفق .