Skip to main content
الدول التي لم تستثمر ايرادات النفط في الثمانينيات والتسعينيات لتحقيق التنمية قد فاتتها الفرصة.
|

الدول التي لم تستثمر ايرادات النفط في الثمانينيات والتسعينيات لتحقيق التنمية قد فاتتها الفرصة.

رصدت صدى الاقتصادية مقالة للدكتور ” محمد أبوسنينة” المستشار الاقتصادي لمحافظ مصرف ليبيا المركزي تحدث فيها عن النفط الخام والغاز والاقتصاد الليبي

وقال المستشار الاقتصادي في مقدمة مقالته ” لقد وهب الله النفط والغاز لليبيين وسخر أمر اكتشافه منذ أواخر الخمسينيات من القرن العشرين المنصرم. ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه من أوجده في باطن الأرض في أية بقعة من بقاع ليبيا شاسعة المساحة، ليس هذا فحسب، بل أن الكثير منه لم يكتشف بعد، حتى صارت ليبيا تعد تاسع دولة على مستوى العالم من حيت حجم الاحتياطيات المؤكدة من النفط

وأضاف “أبوسنينة” في مقالته ” كما تعتبر ليبيا في الترتيب العشرين عالمياً من حيت احتياطاتها من الغاز الطبيعي وبنسبة 8% من الاحتياطيات الدولية، وتعتبر صناعة استخراج النفط، أينما وجدت، صناعة كثيفة بعنصر رأس المال (مساهمة رأس المال في استخراج النفط أكبر نسبيا من مساهمة عنصر العمل ) وفي هذه الحقيقة عبرة أخرى، وهى أنه لا أحد يستطيع الإعداء إن له الفضل في استخراج النفط من باطن الأرض، إلا عدد قليل من المهندسين والعاملين، نسبة إلى حجم القوة العاملة في الاقتصاد ونسبة لعدد السكان، حيت لا تتعدى نسبة العاملين في قطاع الصناعات الاستخراجية 1% من إجمالي عدد السكان في ليبيا، ولا يعول كثيراً على قطاع النفط في توفير العديد من فرص العمل للباحثين عنه . ومنذ اكتشاف النفط والبدء في تصديره عام 1961 إلى يومنا هذا ظل قطاع النفط يشكل أكتر من 50% من الناتج المحلى الإجمالي، وفى بعض السنوات تجاوزت هذه النسبة 70% من الناتج المحلى الإجمالي، كما صارت إيرادات النفط تشكل أكتر من90% من مجمل إيرادات الميزانية العامة للدولة، وبهذا صارت ليبيا دولة ريعية وصار اقتصادها اقتصاداً ريعياً وما ترتب عليه من سلبيات ومشاكل اقتصادية واجتماعية لم يتمكن الاقتصاد من تجاوزها، مما جعل الاقتصاد الليبي يعانى مما يعرف بالمرض الهولندي، ولازال الليبيون يدفعون ثمن هذه الوضعية، بل رتب تمحور النفط في الاقتصاد الليبي صراعات وحروب وانقسامات تهدد حاضر ومستقبل الوطن برمته، وتهدد آفاق قيام الدولة الليبية الحديثة، وذلك عوضا على أن يكون عاملا للاستقرار والرخاء.

وأضاف “أبوسنينة” عن الخطط والمحاولات السابقة لإيجاد مواد أخرى للبلاد غير النفط قائلا ” ولما كانت كل الخطط والمحاولات السابقة قد عجزت عن تخليص الاقتصاد الليبي من هيمنة قطاع النفط طوال العقود الستة الماضية فقد صار هذا النفط سببا لما يعانيه الليبيون، فلا استفادوا منه الاستفادة المثلى في حياتهم اليومية من خلال استغلال موارده في تحقيق أنماط للتنمية المستدامة التي تساهم في رفع مستوى معيشة السكان وتكفل في ذات الوقت حقوق الأجيال القادمة في هذا المورد الطبيعي الناضب، ولا تمكنوا من التخلص من هيمنة النفط على الاقتصاد بتطوير مصادر بديلة للنفط تغنيهم عنه وتقلل من حدة الصراعات حوله، بل أن أساليب وسياسات استغلال الإيرادات النفطية قد أفرزت مجتمعاً استهلاكياً اتكالياً وعقلية اقتصادية نفعية و غير منتجة ، عمقت من تبعية الاقتصاد الليبي ودرجة انكشافه على الخارج .

وكتب المستشار الاقتصادي ” كما يغفل الكثيرون عن أن النفط الخام مآله الى زوال، فهو كما ذكرنا مورد ناضب ( غير متجدد ) وتهدد مستقبله مصادر الطاقة البديلة ( الطاقة النظيفة والمتجددة ) وسوقه ينحسر كل يوم بفضل التقدم العلمي والاختراعات المتتالية والتقدم التكنولوجي، فقد أصبحت السيارة الكهربائية تغزو الأسواق ، وأسعار النفط متذبذبة والطابع المميز لاتجاهها يبدو نحو الهبوط، وصارت أهم الدول المستوردة للنفط الخام دولاً مصدرة له، وبصفة عامة يأتي النفط في الترتيب الثاني بعد الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة على مستوى العالم.

وفي نهاية الجزء الأول من مقالته حول “أبوسنينة ” المقال قائلا “محصلة القول إن الذي يعلق آمالاً كبيرة على الإيرادات المتأتية من تصدير النفط، ومن يخطط للحصول على أكبر حصة منه في المستقبل، في غياب أية رؤية للاستغناء عنه من خلال إيجاد مصادر بديلة للدخل، لاشك أنه واهم، فقد ولى العصر الذى كان فيه النفط يعتبر مصدر القوة والنماء، وإن حافظ النفط الخام على مركزه كمصدر للطاقة فان ذلك لن يدوم طويلا من منظور عمر الدول والحضارات، فالدول التي لم تستثمر ايرادات النفط لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في الثمانينيات والتسعينيات والعقد الأول من الألفية الثالثة وعندما تجاوزت أسعاره حاجز المائة دولار للبرميل، بل حتى في العقد الأول من السبعينيات، بعد تصحيح أسعار النفط، قد فاتتها الفرصة في تحقيق الاستفادة القصوى من ايرادات النفط، ولم تؤتي سياسة استثمار فوائض إيرادات النفط في استثمارات مالية في الأسواق العالمية ثمارها، أو ما عرف بالدولارات البترولية، فهي من جهة معرضة لمخاطر الأزمات المالية وتدنى العائد عليها، ومعرضة للتجميد والابتزاز والفساد، من جهة أخرى .

واختتم “أبوسنينة” مقالته ” ما يهمنا من هذا كله، الحالة الليبية، هل من سبيل لتدارك الموقف، وتعويض بعض الفرص التي ضاعت واللحاق بالدول النفطية التي تمكنت من تحقيق الاستفادة الممكنة من ايرادات النفط؟ هل هناك من مبررات تستدعي الصراعات التي تجري اليوم حول ايرادات النفط، على ضوء الخلفية التي تناولها هذا الأدراج؟ وإذا كان هناك ما يبرر الصراع والانقسام القائم بسبب أنماط واساليب استغلال الموارد النفطية في ليبيا والأزمة المترتبة عليه، فهل تعتبر الاطروحات التي يدور حولها النقاش اليوم والتي تقدم كمخرج من الازمة المرتبطة باستغلال ريع النفط مناسبة وكفيلة بإنهاء الصراع من جهة وتحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الإيرادات؟ ولماذا تمثل اشكالية الاستفادة من ايرادات النفط في ليبيا خصوصية تتميز عن غيرها من الدول الأخرى؟ وهل يمكن ان يبنى الاقتصاد الليبي بدون النفط؟ ولماذا يعتبر طرح هذا الموضوع مهم في هذا الوقت وأكثر من اَي وقت مضى؟..

مشاركة الخبر