رجال الأعمال والمهتمين بالشأن الإقتصادي يطالبون بتعديل سعر الصرف للدينار الليبي ، والذي يعتقد أن من شأنه المساهمة في حل الكثير من المشاكل الإقتصادية والسياسة في ليبيا .
وإن تخفيض سعر صرف الدينار ليصبح أربعة دنانير للدولار الواحد أو (3.80 دينار ) حسب رأي خبراء صندوق النقد الدولي، يعتبرالحل الأفضل والأمثل حاليا، وهو السبيل لحل مشاكل السيولة النقدية في الجهاز المصرفي ويخفض الطلب على العملات الأجنبية بالسوق السوداء ، كما سيسهم في تخفيض الإنفاق العام وخاصة بند المرتبات .
حيث نشر مصرف ليبيا المركزي من خلال موقعه أهم المحطات المهمة في تاريخ سياسة سعر الصرف وأهمها التى كانت في فبراير 1973 ، حيث تم ربط الدينار الليبي بالدولار الأمريكي عند سعر صرف ثابت وهو 1 دولار= 0.29679 دينار ليبي ، ونتيجة لهذا الربط كانت قيمة الدينار تجاه العملات الأخرى تتغير تبعاً لتغير قيمة الدولار تجاه تلك العملات .
وقد حافظ الدينار الليبي على هذه القيمة عند هذا المستوى حتى بداية العام 1986 ، مما ساعد على ثبات قيمة الدينار الليبي الرسمية في مواجهة الدولار الأمريكي وغيره ، وفي 1986/03/18 ومن أجل إدخال مرونة أوسع على نظام سعر الصرف المتبع تم فك ارتباط الدينار الليبي بالدولار الأمريكي وربطه بوحدة حقوق السحب الخاصة بسعر صرف يعادل 2.8 لكل دينار ليبي.
وفي 1986/05/01 ، تم وضـع هامش يمكـن أن يتذبذب فيه سعـر الصــرف بحدود ± 7.5% ، وقد حدد هذا الهامش عند مستواه الأدنى المُعادل لـ 2.6046 (و.ح.س.خ) للدينار الليبي الواحد ، ثم جرى توسيع هذا الهامش عدة مرات .
وقد كانت هذه التغيرات تنفيذاً لأحكام قانون المصارف الذي خول مصرف ليبيا المركزي تغيير القيمة التبادلية للدينار حسب التطورات الإقتصادية والنقدية بما يكفل تفادي الآثار السلبية لهذه التطورات على الإقتصاد الوطني ، وتنفيذاً لذلك قام مصرف ليبيا المركزي منذ يوم 1999/02/14 وحتى نهاية عام 2001 بتنفيذ برنامج تم بموجبه بيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية والتجارية عن طريق المصارف التجارية ، دون فرض أي قيود على الصرف وفقاً لأسعار البيع التي يُحددها مصرف ليبيا المركزي ، وقد عرف سعر الصرف الجديد بإسم ” سعر الصرف الخاص المعلن ” الذي اُستخدم بجانب سعر الصرف الرسمي بعد أن تم إلغاء مايُعرف ” بالسعر التجاري ” الذي تم إقراره والعمل به لأغراض معينة منذ عام 1994 حتى بداية عام 1999 ، وقد وضعتْ أهداف محددة لهذا البرنامج يأتي في مقدمتها مايلي :
- ترشيد إستخدام النقد الأجنبي .
- حل مشكلة المواطنين الذين يحتاجون إلى النقد الأجنبي لمختلف الأغراض الشخصية من خلال إيجاد نافذة قانونية لهذا الغرض ، ووفقاً لإجراءات مشروعة وبدون قيود على الصرف .
- رفع قيمة الدينار الليبي في مواجهة العملات الأجنبية في السوق الموازية .
- دعم القوة الشرائية للدينار الليبي .
- خفض أسعار السلع التي يتم توفيرها وتمويلها بواسطة السوق الموازية والمحافظة على إستقرارها .
- القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبي .
وقد استهدف البرنامج خلق الأرضية الملائمة لتعديل سعر صرف الدينار وصولاً إلى تحديد القيمة التبادلية الحقيقة للدينار والتي تتلاءم مع معطيات الإقتصاد الليبي ، وتحقق كفاءة وترشيد إستخدام الموارد المتاحة وتقضي على التشوهات في الأسعار.
السرد المسبق هو المدخل لما نشر يوم 13 يوليو 2017 بالصحف المحلية حيث طالب أمين سر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، “فتحي يعقوب” ضرورة وجود سياسات مصاحبة تشتمل على جوانب اقتصادية ومالية وتجارية من شأنها أن تسهم في تعديل سعر صرف الدينار الليبي مقابل الدولار.
حيث أوضح أن أي تغير لسعر الصرف دون وجود سياسات مصاحبة سيؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني لاسيما في ظل الانقسام السياسي بالبلاد وسياسات الدعم غير المدروسة، بالإضافة إلى خسارة ليبيا لنحو 160 مليار دينار (الدولار = 1.4 دينار) نتيجة قفل الموانئ النفطية خلال السنوات التي أعقبت الثورة الليبية عام 2011.
وأضاف أيضا أن تعديل سعر الصرف عند 5.7 دنانير للدولار الواحد على سبيل المثال سوف يسهم في زيادة الإيرادات للموازنة العامة ولكنه سوف يزيد الإنفاق بشكل أكبر، مؤكداً أن حجم العجز في الموازنة سوف يرتفع من 10.2 مليارات دينار إلى 23 مليار دينار، مشدّداً على أن المركزي يرفض اتخاذ أي إجراء أحادي بشأن سعر الصرف.
ودعى إلى ضرورة اتخاذ جملة من الإجراءات لترشيد الإنفاق وتحسين الإيرادات الجمركية والضريبية، مشيراً إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يصل الى 60% في الاقتصاد الليبي.
ويأتى هذا التصريح بعد المطالبات المتزايدة لوقف الإستنزاف الحاصل للعملة المحلية وأنخفاضها أمام النقد الأجنبي في السوق الموازي حيث تم سابقا تخفيض سعر صرف الدينار الليبي بواقـــع 15% ليصبح 0.5175 وحدة حقوق سحب خاصة مقابل كل دينار ليبي واحد ، وذلك بهدف إحتواء ضريبة النهر الصناعي التي كانتْ تفرض على كافة الإعتمادات والتحويلات بالنقد الأجنبي ، وكذلك إلغاء التمييز في سعر الصرف بين الجهات المُعفاة وغير المُعفاة من هذه الضريبة ، ومايزال هذا السعر قائماً حتى اليوم .
والجدير بالذكر أن الميزانية العامة في ليبيا تعتمد بـ 95% من مواردها على الإيرادات النفطية، ويخصص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها الخبز والوقود وخدمات أخرى مثل العلاج في المستشفيات بالمجان، وكذلك العلاج في الخارج.
وبلغت الإيرادات النفطية، خلال الربع الأول من العام الحالي، نحو 2.3 مليار دولار.حيث خسرتليبيا نحو 1.5 مليار برميل نفط، جراء توقف موانئ التصدير خلال الفترة من منتصف 2013 حتى نهاية العام الماضي.