كتب المحلل المالي “خالد الزنتوتي”: عندما تُباع مقدَّرات الوطن مقابل عائد بخس لأطراف محلية متصارعة
تخرج علينا الأخبار بين الفينة والأخرى بخصوص قيام (حكوماتنا وأجهزتها التنفيذية) بتكوين شراكات مع أطراف أجنبية أو تكوين شركات جديدة أو توقيع اتفاقات ومعاهدات تجارية أو منح عقود لشركات أجنبية، ربما بمئات الملايين وبالمليارات أحيانًا، وذلك لشركات وأطراف أجنبية في دول لها تأثيرها السياسي والأمني والعسكري في ليبيا، وتجد (مسؤولينا الليبيين) في صور (تذكارية) وتعلو وجوههم بسمات وعيون منفرجة مع أصحاب أو ممثلي تلك الشركات الأجنبية وكأنهم (جابوا الصيد من ذيله)!
السؤال هنا: هل كل تلك العقود والاتفاقات والشراكات والشركات تخضع لمعايير الجدوى الاقتصادية أم أنها تُمنح فقط للحصول على موقف سياسي مؤيد لهذا الطرف أو ذاك؟
لعل الإجابة مخجلة، إذ إن معظم اتفاقاتنا مع تلك الأطراف تتجاوز تكلفتها التكلفة المعيارية بكثير، ولا تُتّبع فيها الشروط القانونية المتعلقة بالمناقصات العامة وضمان أقل الأسعار وبالجودة المطلوبة. نحن نعرف جميعًا أن أي عطاءات يجب أن تخضع لمناقصات عامة بعد فحص ما يعرف بـ pre-qualification واتباع لوائح وأنظمة للمناقصات والمنافسة في الحصول على أفضل الأسعار وأفضل جودة ممكنة، بل إن الأولوية يجب أن تُمنح للشركات الوطنية الخاصة أو العامة. فهل تقوم (حكوماتنا الموقرة وأجهزتها التنفيذية) بتلك الإجراءات!؟
إنني أشك في ذلك. إني أخاف أن مثل تلك العقود يتم منحها لشركات أجنبية مقابل وعود بدعم حكوماتها لأحد أطرافنا المتصارعة، وهنا للأسف تضيع مقدرات الوطن مقابل عوائد بخسة لأطراف معينة للمساعدة في تمكينها من مزيد من الفساد والسرقة لمقدرات هذا الوطن المكلوم، وعلى حساب هذا الوطن ومواطنيه، والاستئثار بمزيد من السلطة والغنيمة!
وهنا أدعو كل الأجهزة الرقابية أن تقوم بدورها والتأكد من مدى الحاجة لمثل تلك العقود الخارجية، وهل تخضع لكل الشروط والقياسات المعيارية المتعارف عليها فنيًا وماليًا وقانونيًا، وهل بالإمكان تنفيذها من شركات محلية، ومحاسبة كل أولئك المتجاوزين الذين يعتقدون أنهم هم من يملكون ثروات ليبيا ويسخّرونها لخدمة أهدافهم الخاصة المصلحية وصراعهم المقيت على المال والسلطة، ومهما كان موقعهم الوظيفي والجغرافي!