كتب المحلل المالي “خالد الزنتوتي”: إلى أين الملاذ الذهب أم الدولار وربما اليوان قريباً
لا زال الكثير منا يعتقد أن الدولار والذهب يمثلان الملاذ الآمن الدائم، السؤال هنا إلى متى!
لعلني لا أخالف الرأي في اعتبار الذهب ملاذًا آمنًا وذلك لمعدنه الثمين واستخداماته وباعتباره معدنًا نادرًا، ولكن هل كل هذا يبرر هذا الارتفاع الجنوني في سعره والذي لامس 4400 دولار للأونصة، والذي ارتفع منذ بداية العام بحوالي 55,28% وهل هذا يبرر تلك الطوابير الطويلة لشراء المصوغات الذهبية في اليابان وسنغافورة وأستراليا وربما في ليبيا ولو بشكل غير مرئي، هل هذا الارتفاع الجنوني وراءه أسباب أخرى ربما حتى نفسية، وإذا ما استبعدنا المبررات المنطقية لشراء الذهب .
وكما أسلفت أعلاه وباعتباره معدنًا ثمينًا ونادرًا ومخزنًا للقيمة إلا أن هذا الارتفاع الكبير في سعره وبشكل فجائي وسريع وخلال هذه الأيام والشهور الأخيرة ربما له أسباب أخرى على رأسها عدم الثقة في (الدولار) كملاذ آمن حتى البنوك المركزية لكثير من الدول زادت من وتيرة شرائها للذهب وتعزيز احتياطياتها به بل إنه وفقًا لبعض الأخبار المتداولة فإن إجمالي احتياطيات البنوك المركزية فاق ولأول مرة احتياطياتها من سندات الخزانة الأمريكية إذ أن لأولئك المشترين للذهب سواء أفرادًا أو دولًا شعورٌ تولّد خلال الفترات الأخيرة يتعلق بحروب الدولار الداخلية والخارجية والتي على رأسها الديون الأمريكية الخارجية والتي تجاوزت ربما الـ37 تريليون دولار وبنسبة حوالي 35% من إجمالي الدين العالمي ناهيك عن الحروب التجارية التي يخوضها ترامب وكذلك الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي لا زال مستمرًا (مع أني أعتقد جازمًا بأن الديمقراطيين والجمهوريين سيصلون إلى اتفاق قريبًا ببساطة لأنهم يعرفون تمامًا مخاطر استمرار الإغلاق الحكومي) وبالمناسبة فإن استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي سيؤدي إلى عجز أمريكا في سداد قيمة سنداتها المستحقة (default) وهذا يعني بالمفهوم المالي إعلان إفلاس أمريكا وإن حدث هذا فستقع الكارثة وهذا ما لا تريده أمريكا
وكما نعرف جميعًا أن المحرك الرئيسي لاعتبار الدولار الأمريكي ملاذًا آمنًا بعد فك ارتباطه بالذهب هو الاقتصاد الأمريكي وقوته وكذلك القوة السياسية والعسكرية ولذا فإن من يقتني الذهب الآن سواء أفرادًا أو دولًا يشعرون بعدم الثقة بالدولار ولذا يلجأون إلى البديل الآخر المتوفر وهو الذهب ولكن السؤال إلى متى فهناك أيضًا بعض الدراسات تشير إلى أن ارتفاع سعر الذهب سيستمر إلى 7000 دولار للأونصة وفي المقابل هناك من يرى أنها فقاعة ستنفجر في وقت قريب
لعلنا نتفق جميعًا أن الدولار واعتباره ملاذًا آمنًا شابه الكثير من السلبيات الاقتصادية التي تعانيها مصدّرة الدولار أمريكا وهذه حقيقة ولكن في نفس الوقت لا يمكن الاعتماد على الذهب كملاذ آمن وحيد أيضًا له مخاطره ومنها المضاربات في الأسواق العالمية هنا لا بد من الحاجة إلى ظهور ملاذ آمن آخر أعتقد جازمًا أنه (اليوان الصيني) فهو قادم لا محالة حتى وإن كان ذلك بعيدًا إلا أنه سيكون قريبًا عندما يصبح الاقتصاد الصيني الاقتصاد الأكبر عالميًا وعندها سيكون مقر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في بكين وليس واشنطن
وفي هذه اللحظات وأنا أكتب هذا المقال تذكرت ما نُسب إلى ميلتون فريدمان الدولار ليس مجرد عملة بل هو رأي سياسي قابل للتداول فهل نحن الآن في مرحلة زحزحة الدولار عن عرشه بفعل سلبية الوضع الاقتصادي والسياسي في أمريكا؟