Skip to main content
"الزنتوتي": تنظيم دعم الوقود يتطلب أولاً القضاء على تهريبه
|

“الزنتوتي”: تنظيم دعم الوقود يتطلب أولاً القضاء على تهريبه

كتب: الخبير المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً

لا زالت قضية دعم الوقود وتنظيمه تمثل عنوان رئيسي في المطالبة بإصلاحات اقتصادية عاجلة، فهي بكل المقاييس تعتبر كارثة تضرب الاقتصاد الليبي في مقتل، ما يزيد على 35 % من الوقود المدعوم يتم تهريبه وبقيمة ربما تتجاوز مليارات دولارية وربما تصل إلى double digit، مبلغ رهيب يمكن أن يحل عندنا مشكلة الإسكان، نعم أنه يمثل حوالي 10% أو أكثر من المرتبات السنوية لكل الليبيين، ويمثل حوالي 10% من الناتج المحلي .

بهذا المبلغ تُبنى مدن كاملة وتُشق الأفعال الكيلو مترات من الطرق، ونعم يمكن لذلك المبلغ أن يحل مشكلة مشاريع الإسكان القائمة، هذه حقائق لا ينكرها أحد، وهي حقيقة تعبر بوضوح على واقع مر يتمحور حول مبدأ ( سيادة الدولة ) وفقدانه، مما يجعل الدولة ليست دولة، ف دولة لا تستطيع حماية حدودها البرية والبحرية من غزو عصابات التهريب، هي بالفعل ليست دولة بمفهومها الدستوري والسيادي.

السؤال هنا.. لماذا يحدث هذا في ليبيا!؟
اليس لدينا جيشان عتيدان، وقادة عسكريين عظام تزدان صدورهم بالأوسمة والنياشين،! أليس لدينا مجموعات مسلحة لها من الأسلحة والعتاد ما يمكنها من الدفاع على حدودها (الاقليمية)، بل يمكنها من (الزحف) على مدن ليبية اخرى ،،،!! إلا تستطيع تلك الجيوش وما شابهها حماية حدودنا من تهريب المليارات، لعل الجواب، نعم تستطيع إذا ما أرادت ولكن احترامي، انهم في الصف الأول، ولا أعمم،!.

انني دوما من المنادين بتنظيم الدعم وبشكل تدريجي ولكن بوقف وإنهاء التهريب أولاً، فلا يعقل أن نطلب من المواطن أن يقبل باستبدال الدعم نقداً في دولة لا يمكنها أولاً القضاء على التهريب، المواطن لا يثق في مثل هكذا دولة يتم تهريب وقودها المدعوم بحوالي 99% من تكلفته الحقيقية وعبر حدودها وعلى عينك يا تاجر، فاذا لم تستطيع الدولة السيطرة على حدودها، فلا يمكنها أبدا تنظيم الدعم وإيصاله لمن يستحقه، المواطن يخاف في ظل هذه المعطيات القائمة من أنا يضيع الجمل بما حمل، فأبطال التهريب قادرين على تطوير أساليبهم والاستفادة من أي موقف او اجراء من شأنه تنظيم الدعم وتوظيفه لمصالحهم.

إذاً ،،، المشكلة، ليست في تنظيم الدعم أولاً، فهذا إجراء إداري مالي يمكن تطبيقه في أي وقت وبإستخدام تقنيات متطورة ومن خلال قاعدة بيانات صحيحة، وحتى باستخدام الذكاء الاصطناعي المشكلة في قدرتنا على القضاء على التهريب أولاً، إذا ما استطعنا القضاء على التهريب وأدواته، عندها يسهل تنظيم الدعم وتطبيقه .

طالما وُجد التهريب، ولم يتم القضاء عليه، سوف يجهز أبطاله على أي محاولة لتنظيمه قبل ان يخرج إلى النور، وخاصة انهم ( في الصف الأمامي )، دعونا نؤكد على أهمية تحرك الدولة اولا لتثبت انها دولة، وتقضي على تهريب الوقود عبر الحدود البحرية والبرية، والذي وصل مدن إيطالية ويونانية ويباع هناك علنا، عندها وعندما نقضي على التهريب، ليس من الصعب اطلاقاً تنظيم الدعم وبشكل تدريجي وفي إطار تجارب الدول السابقة وتوصيات المؤسسات الدولية بالخصوص، المهم الآن وقبل كل شئ أن يبقى نفطنا المدعوم داخل أرضنا ولصالح كل الليبيين وعندها نقوم بتنظيمه!!.

مشاركة الخبر