
| مقالات اقتصادية
“الزنتوتي” يكتب: أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة حكام الوطن انتبهوا.. برنت يتهاوى!
كتب الخبير المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً قال خلاله:
متغيرات كبيرة عالمية، سياسية واقتصادية، تجوب أركان العالم اليوم من شأنها أن تُحدث خللاً اقتصاديًا كبيرًا في الدول الريعية أحادية مصدر الدخل المعتمد على النفط الخام. يمكن أن يكون التأثير محدودًا على بعض الدول المنتجة للنفط الخام، تلك الدول ذات الإنتاج الكمي الكبير مثل السعودية وروسيا وغيرهما، إذ إنهما يعوضان هبوط أسعار النفط بتضخيم إنتاجهما الكمي وتعويض الفاقد السعري بزيادة الكمية.
أما في الدول ذات المرونة المحدودة في زيادة الكمية أو ربما المعدومة، مثل حالتنا الليبية، فإننا بلا شك سوف نعاني كثيرًا بسبب انخفاض أسعار النفط.
للعلم، فإن أسعار خام برنت انخفضت بأكثر من 25% خلال السنة الأخيرة؛ إذ كانت حوالي 85 دولارًا للبرميل في 27 مايو 2024، وأصبحت الآن، في 27 مايو 2025، حوالي 64 دولارًا للبرميل. ومن خلال التحليل الفني، فإن أسعار برنت ستكسر حدود المقاومة (63–64 دولارًا)، وربما ستهبط إلى ما دون 60 دولارًا قريبًا، وقد يستمر الهبوط لاحقًا، ولن يكون مؤقتًا فقط كما حدث سابقًا.
أوبك بلس، وبالرغم من انخفاض سعر النفط، دأبت وتخطط لزيادة الكميات المنتجة خلال مايو ويونيو ويوليو 2025 بحوالي 1.2 مليون برميل يوميًا، تحت دعوى مقابلة الطلب المتزايد على النفط، في الوقت الذي تشير فيه كل التوقعات إلى انخفاض عالمي في نسب النمو الاقتصادي، خاصة في الصين وأوروبا وأمريكا، وهي الدول الأكثر استهلاكًا في العالم. بل إن بعض المحللين يتوقعون تشاؤمًا كبيرًا للنصف الثاني من هذا العام، بسبب الحروب التجارية العالمية، وكذلك إصرار استراتيجي من ترامب لتخفيض أسعار النفط إلى ما بين 50–60 دولارًا. وللعلم، فإن تكلفة النفط الصخري في أمريكا وصلت إلى أرقام جد منخفضة، في حدود 30 دولارًا للبرميل، مما يجعل الشركات الأمريكية تحقق هامشًا ربحيًا جيدًا، ربما يصل إلى 90% أو أكثر، حتى لو انخفضت الأسعار إلى مستويات الاستراتيجية الأمريكية.
أما في حالتنا الليبية الخاصة، فللأسف لا نملك أي إمكانيات لزيادة الإنتاج لتعويض فاقد السعر المتوقع. من الواضح أننا لا نستطيع رفع إنتاجنا عن مستوى 1.4 مليون برميل، بل أقل من ذلك، رغم الميزانيات الرأسمالية الضخمة المعلَن عنها سابقًا (إن صحت). بل على العكس، نلاحظ انخفاض الكميات المنتجة بين الحين والآخر.
تحت كل هذه المعطيات السلبية، التي تصب جميعها في اتجاه انخفاض أسعار برنت بشكل كبير، ماذا عسانا فاعلين؟ كيف نواجه إنفاقًا غير مرشد بكافة المقاييس؟ وكيف لنا أن نتقاتل ونتصارع في ظل هذه الظروف؟ وكيف نغطي تكاليف هذا الصراع القاتل على السلطة والتسلط؟ كيف نغطي تكلفة هذه الحروب العبثية بين الإخوة الأعداء؟
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة، وكافة الألقاب الأخرى: أليس يكفيكم هذا التناحر والاحتراب والفساد؟ أليس يكفيكم الصراع الدموي على السلطة والتنازع على الغنيمة؟ أليس بينكم من هو صادق مع الله، ومع شعبه، ومع نفسه، ليعود إلى طريق الحق؟
والله، لو استمررنا على هذا المنوال، لنسقط قريبًا جدًا في بحر الاستدانة، إن وجدنا من يقرضنا. ولربما تعود أجيالنا الشابة الحالية والمستقبلية للفكريش والقعمول!
ارجعوا لله وللوطن. وفق الله المخلصين الصادقين منكم