
| مقالات اقتصادية
“الزنتوتي” يكتب: حسابات دولارية لمودعين ليبيين (وغيرهم) بمصارفنا المحلية التجارية.. ولما لا !!
كتب المحلل المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً قال خلاله:
سألتُ عدة مرات عن سبب عدم السماح بفتح حسابات دولارية للأفراد والمؤسسات بالمصارف الليبية، لم أجد إجابة واضحة. وسؤالي هنا: هل القانون يسمح بذلك؟ وإذا كان يسمح بذلك فلماذا لا توجد في مصارفنا التجارية مثل تلك الحسابات؟ الذي أعرفه أن هناك حسابات دولارية للشركات والمؤسسات بالمصرف الخارجي فقط، وربما بدون عوائد إلا في شكل محدود.
أراهن الجميع على أن الكثير من الليبيين لهم حسابات دولارية وبعملات أخرى في كثير من دول العالم! وإنني أيضاً أراهن على أنها تصل إلى عشرات المليارات وربما أكثر. هنا أقصد تلك الحسابات التي خُلقت بالخارج لظروف العمل أو الدراسة أو التجارة أو العمولات وغيرها، إذ إنها أصبحت أموالاً مغسولة ونظيفة، حتى وإن شاب بعضها شكوك، طالما هي موجودة في مصارف دول أجنبية كثيرة — هذا يعني أنها أموال شرعية، حتى وإن كان بعضها غير ذلك في بدايتها.
المهم ليس البحث في سبب تواجدها خارج البلد، ولكن المهم أن تتواجد داخل البلد ولأصحابها وفي حسابات محررة من أي قيود لحركتها وبعوائد مجزية. إن إرجاع وتحويل تلك المليارات إلى المصارف التجارية الوطنية سيغيّر المعادلة الاقتصادية عندنا تماماً؛ حيث إن عرض الدولار سيكون كبيراً ويعطي الفرصة للمصارف التجارية بإعادة إقراضها وفي شكل وسائل ائتمانية مختلفة بما في ذلك فتح اعتمادات الاستيراد! إضافة إلى احتمالية تأثيرها على سعر صرف الدينار وبشكل إيجابي — لماذا لا؟ في وقت يحصل الليبيون على أقل نسبة من العوائد وربما عوائد سلبية (كما حدث في بعض المصارف الأوروبية واليورو السنوات الأخيرة)… فلماذا لا نشجع الليبيين على تحويل حساباتهم الخارجية إلى الداخل، وتقوم المصارف بمنح عوائد مجزية لهم، ربما في شكل صكوك إسلامية أو شهادات إيداع دولارية أو ما شابه، وبعوائد أعلى من الخارج؟ هذا مقابل أن نستخدم المصارف هذه الأموال في ائتمان مدروس ومضمون للشركات الوطنية أو حتى الأفراد، وذلك في إطار وظائف المصارف في تجميع مدخرات صغار المودعين.
وهذا سيمكننا من إصدار سندات دولارية من جانب الخزانة العامة إذا احتاجت إلى تمويلات دولارية وحتى بدون تصنيف ائتماني لليبيا، لأنها ببساطة سندات (أو صكوك) دولارية محلية وبضمانات حكومية!
نحن في ليبيا أحق بأن تكون دولاراتنا في مصارفنا بدلاً من سويسرا أو تركيا أو تونس أو حتى لندن؛ هم يفتحون مصارفهم لأموال مواطنينا وينكرون علينا أن تكون أموالنا الدولارية في مصارفنا! فإذا كانت جزء من هذه الأموال غير شرعية، فإنها بقبولها لديهم أصبحت شرعية ونظيفة!
فإذا كان الأمر مسموحاً به حسب القوانين السائدة عندنا، فعلينا البدء في وضع برامج لاستقطاب تلك الأموال وتحفيز الليبيين لتحويلها إلى مصارفنا المحلية وفق آليات وبرامج متعارف عليها في التحويلات المصرفية وعلى مصرفنا المركزي تدليل كل الصعاب لتحقيق ذلك. وإذا كان الأمر غير مسموح به قانونياً، فلابد من تقنينه والسماح به وبدون أي عوائق وفي أسرع وقت ممكن!
وفي نفس الوقت لا أرى أي سبب منطقي لليبيين أصحاب مثل تلك الحسابات في رفض تحويلها إلى أرض الوطن والإبقاء على نفس العملة وبدون أي عوائق في تحريكها وبأي شكل، ومقابل عوائد مجزية وأكبر من ما يتحصلون عليه خارج الوطن. في النهاية هذا موقف وطني لتعزيز اقتصاد هذا الوطن