Skip to main content
"الزنتوتي" يكتب: ميزانية الدولة بين التسقيف والتوسيم والرؤية الشاملة، وغياب الإرادة في محاربة الفساد وسوء الإدارة
|

“الزنتوتي” يكتب: ميزانية الدولة بين التسقيف والتوسيم والرؤية الشاملة، وغياب الإرادة في محاربة الفساد وسوء الإدارة

كتب المحلل المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً قال خلاله:

مع احترامي لكل وجهات النظر، الميزانية تعني ضمنًا تسقيفًا؛ أي أن كل بند للإنفاق ظاهر في الميزانية يعني أن هذا البند محدد بهذا المبلغ. وكل البنود في الميزانيات تعني أنها موّسمة؛ أي أنها مخصصة (devoted) لهدف معين.

في حالة الطوارئ، هناك احتياطيات يمكن اللجوء إليها، وهناك انحرافات مسموح بها بنسب محددة… إلخ.
هذه مبادئ عامة وأساسية لإعداد الميزانيات، والشكر موصول لبعض الإخوة الذين قاموا بتوضيحها.

وبالطبع، فإن أي ميزانية للدولة يجب أن يتم إعدادها وفقًا لرؤية واستراتيجية اقتصادية شاملة، ولتحقيق أهداف محددة. ولعل الإدارة بالأهداف أحد الأساليب المتبعة في إعداد الميزانيات. وهنا أيضًا، الشكر موصول لتوضيحات بعض الإخوة بهذا الخصوص.

اختصارًا: يمكننا إعداد ميزانياتنا طبقًا للمفاهيم العلمية النظرية المتعارف عليها، ووفقًا لأحدث النماذج الوصفية والكمية، بل وحتى باستخدام الذكاء الاصطناعي. هذا ممكن.

لكن المشكلة تكمن في غياب الإرادة الوطنية الصادقة لإعداد هذه الميزانيات وتطبيقها على أرض الواقع بشفافية.
المشكلة الحقيقية أن الكثير منا – سواء في السلطات التشريعية أو التنفيذية – يريد تطويع تلك الميزانية لخدمة مصالحه الخاصة، بشكل محاصصي وجهوي، مع القفز على الإجراءات (وأحيانًا حتى على القانون). كل ذلك ظاهره حق، وباطنه باطل…!

بل تطور الأمر إلى القضاء المبرح على تسلسل إعداد الميزانية، وتغيير نمط إعدادها وشكلها الإجرائي المتعارف عليه، وحتى بشكل مخالف للقانون!

ومع تقديري للنوايا الحسنة (لبعض من هم في السلطة شرقًا وغربًا وجنوبًا)، إلا أن حسن النية هذا لا يبرر مخالفة القانون والإجراءات المتعارف عليها…! نعم، هناك ما يُعرف بـ “النظرية الموقفية” (Contingency Approach) في اتخاذ القرارات، ولكن يجب أن يتم ذلك من خلال القانون.

مصيبتنا أننا – ولا أعمم – نطالب بالعدالة في توزيع بنود ميزانية الدولة بين مناطق الوطن، وهذا حق مشروع،
إلا أن الهدف الحقيقي – المخفي – هو الحصول على أكبر جزء ممكن من “الغنيمة” من خلال دواليب الفساد وأساليبه. وهنا يتم “بيع الجمل بما حمل”… ولا أعمم.

إذًا، فإن الحل يكمن أولًا في وجود إرادة وطنية للقضاء على الفساد، وللقيام بإصلاح هيكلي إداري.
وليس فقط في تسقيف وتوسيم الميزانية، أو وضع رؤية اقتصادية شاملة.

بل إن واجبنا الوطني هو القضاء على كل أنواع الفساد وسوء الإدارة في تنفيذ هذه الميزانية.
عندها فقط، يمكننا الحديث عن التسقيف والتوسيم، وضمن إطار رؤية اقتصادية شاملة.

غير ذلك، للأسف، فإن الفساد وسوء الإدارة سيلتهمان كل الميزانية، بسقوفها وتوسيماتها ورؤيتها الاقتصادية الشاملة…!

وفق الله الصادقين، أينما حلّوا… تشريعيًا وتنفيذيًا

مشاركة الخبر