السراج والكبير .. معركة كسر العظم

924

 خطاب جديد من نوعه ، تفاجئ المواطنين بحديث رئيس المجلس الرئاسي “فائز السراج” والذي يرونه لأول مرة يتحدث بهذا الشكل.

ظهر السراج محتدًا في خطابه، ولأن كان عنوانه “كلمة بعد مرور عام على العدوان” ، إلا أن مضمونه في الغالب كان خطاب انتقادي لمحافظ المركزي بطرابلس ، وبعض الإعلاميين وإن لم يسمهم صراحة.

 اقتصاديا شن السراج  هجوماً لاذعا على المحافظ والمركزي، متهما المركزي بالمسئولية عن خلق السوق الموازي للدولار والفشل في السياسات النقدية والتدخل الغير مبرر في السياسات الاقتصادية ، و لم يلقي باللوم كله على الطرف المغلق للحقول والموانئ حتى وإن وصفهم بالحمقى، و في اشارة مبطنة للجماعات المسلحة الضاغطة على المركزي متسائلاً عن سبب تراخى المركزي في فتح للاعتمادات رغم وجود هؤلاء في الجبهات.

و قال “السراج”: حاولنا تفادي حرب المراسلات و الرد عليها و الذي يساهم في توتر الأجواء  فالأمور تجاوزت الخطوط مع المركزي ، و كانت البداية عندما تم اعداد الميزانية و حدث خلاف بين المالية و المركزي و أًصبحت هناك قطيعة وتوتر حاد و انتقائية في استلام أذونات الصرف و منع “الكبير” حتى إدراته بالتعامل مع المالية بخصوص الميزانية .

 وتوصلنا معهم عن طريق وسطاء و غيره و هذا أدى إلى تأخر الميزانية و بعد إغلاق النفط  تم مراجعة ميزانية من جديد لتغطية الانفاق المتوقع و أصدرنا قرار بصرف ميزانية طوارئ 3 مليار و طالبنا باصدارها لمواجهة المصاريف إلى حين اعتمادها ، و المركزي رفض هذه الميزانية ولم يتم صرفها إلى حد اعتمادها ب38 مليار و نصف ، و بدأنا في تحويل أذونات صرف .

و تابع “السراج” هناك إشكالية آخرى تتمثل في تأخر رواتب المواطنين  لأشهر رغم إحالتها من المالية إلى المركزي و المركزي لم يقبل و أصبحت ضائقة أمام المواطن مع حالة نزوح و حرب وكورونا و إشكاليات لم يضعها في الحسبان ، و توقعنا انتهاء الموضوع إلى هذا الحد و نتفاجئ  بإقفال منظومة مبيعات النقد الأجنبي  بدون الرجوع إلينا و بحجة السحب على احتياطي  بشكل كبير ، و مطالبته برفع سعر الرسم .

و أفاد “السراج” عن وصوله لطريق مسدود مع “الكبير” و الذي أصبح يتدخل في كافة المجالات عدا السياسة النقدية و النظر إلى أزمة السيولة و ازدحام المواطنين أمام المصارف .

و كرد على من يتهمونه عن سعيه لإقالة “الكبير” عن منصبه أفاد “السراج” بالقول : لا يعنيني من يكون محافظ البنك المركزي ما يهمني هو فتح منظومة الاعتمادات لتوريد السلع الأساسية للمواطنين ، مؤكداً أن “الكبير” قد ضيع أشهر من توريد السلع في زمن قاتل ،  و من الممكن عدم توفير الاحتياجات بالوقت الحالي .

و أفاد “السراج”: المركزي مسؤول عن كبح السوق الموازي ،فهو أصبح صندوق أسود متدخل في كافة مؤسسات و لا يريد القرب من مؤسساته ، و يجب إصلاح و استكمال مجلس إدارته ، و تولى مسؤولياته بالكامل ، لتغيير سعر الصرف من قبله .

و قال “السراج” النظام السابق ترك 200 مليار أو أكثر من ودائع الموجودة و لكن هذا لا يعني أن المواطن كان يواجه ارتياح مادي بل كان يعاني ولا نريد المواطن أن يعاني ذلك مجدداً .

وطالب السراج بتوحيد المركزيين من خلال مجلس إدارة موحد ونأى بنفسه عن تسمية أعضاءه ، لكي تتم الإصلاحات الاقتصادية من قبله ، و إمكانية تغيير سعر الصرف مع وجود دعوات دولية حادة للتوحيد .

وتخوف “السراج” من فتح منظومة الاعتمادات لوقت محدد  لتمرير اعتمادات محددة و إقفالها مرة أخرى، فالسياسة الاقتصادية والتجارية معنية بها وزارة الاقتصاد وليس المركزي”.

و تزامن مع خطاب “السراج” مراسلة محافظ مصرف ليبيا المركزي “الصديق الكبير”يحمل ذات اللهجة.

و في رد من محافظ مصرف ليبيا المركزي قال للسراج أن إقفال مصرف ليبيا المركزي للمنظومة كان نتيجة حالة الضرورة القصوى المتمثلة في الإقفال الكامل لإنتاج النفط وتصديره وانهيار أسعاره في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى أن المركزي كان سيفتح المنظومة فور تعديل سعر الرسم على مبيعات النقد الأجنبي.

وأوضح “الكبير” أن المصرف المركزي قام بتنفيذ كافة الطلبات المالية الواردة إليه من الحكومة لمواجهة كورونا، كما يقدر عدد الاعتمادات المفتوحة لتوريد السلع خلال أكتوبر 2019 حتى تاريخ فتح منظومة مبيعات النقد الأجنبي اليوم الخميس أكثر من 4 مليار دولار أي ما يعادل 15 مليار دينار، فضلا عن مبيعات النقد الأجنبي للأغراض الشخصية وأرباب الأسر الذي يوجه جزء منه لتمويل احتياجات السوق، كذلك بلغ عدد الحاويات بموجب الاعتمادات حوالي 9000 حاوية عدا التي لم يتم حصرها، وتلك التي لم تصل الموانئ بعد، وكان يجب على السلطة التنفيذية وأجهزتها في ظل الظروف الراهنة اتخاذ التدابير لوصولها إلى السوق.

كما أفاد الكبير أن المركزي طالب وزارة الاقتصاد بتحديد أصناف السلع محددة لتوريدها ولم تقم الوزارة بذلك إلى حد الآن ، و كان يجب على الرئاسي في ظل مواجهة الدولة لأإيقاف النفط أن يلتزم بإصدار ترتيبات مالية معتمدة لعام 2020 قبل بداية العام ليتسنى للمركزي قياس أثر تلك الترتيبات على حجم طلب على النقد الأجنبي، وهذا لم يتم إلى 16 مارس 2020.

كذلك فإن المركزي مناط به بموجب التشريعات النافذة اتخاذ تدابير اللازمة لإدارة احتياطيات النقد الأجنبي والمحافظة عليها خصوصا في ظل الأزمة الحالية، مؤكداً أن الرئاسي لم يقم باتخاذ التدابير لمواجهة أزمة إيقاف النفط وتداعياتها السلبية على الاحتياطيات .

وجدد “الكبير” مطالبته لحكومة الوفاق وكافة جهات الدولة التعاون والعمل بروح الفريق في ظل هذه الأزمة التي تمر بها البلاد.

إعلاميا شن “السراج” هجوم مبطن على “نعمان بن عثمان” ، وعلى مدوني شبكات التواصل الاجتماعي ، متهماً اياهم بالتحريض ضده وخلق الافتراءات.

دافع على محمد هيثم وكيل وزارة الصحة دون أن يسميه بالاسم، طالباً ممن يتهمونه بالفساد تقديم ما لديهم من أدلة وبراهين لجهات الاختصاص دون رمي التهم جزافا.

دافع على وزارة الاقتصاد وأداءها متهماً “المركزي” بالتدخل في اختصاصاتها وعدم تمكينها من رسم ومتابعة السياسات الاقتصادية.

صحياً أشاد السراج بجهود العناصر الطبية ووزارة الصحة شاكراً اياهم على مجهوداتهم ، مطالبا الشعب بعدم تحميلهم أكثر من جهدهم وإن المتوفر الآن هو أقصى ما يمكن تقديمه مقارنًا ذلك بعجز أمريكا في مكافحة وباء كورونا،  وأن حكومته قدمت ما عليها.. 

ربما كان هذا الخطاب أكثر خطابات السراج حدة وموجه لأول مرة مباشرة لخصومه دون حلفاءه، فهل هو خطاب إعلان حرب على الخصوم؟