Skip to main content
|
|

السيولة النقدية بين الأزمات والتحليلات

السيولة النقدية بين الأزمات والتحليلات .. تقرير عن أزمة نقص السيولة في ليبيا

كتب / انتصار الفلاني

يقف المواطن يومياً منذ الصباح الباكر أمام المصارف لسحب جزء من مرتبه، ولا تتجاوز قيمة السحب في العادة مبلغ 500 دينار، حيث تعيش المصارف التجارية في ليبيا أزمة حقيقية في السيولة النقدية، مع استمرار تدهور قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية.

أسباب الأزمة

يقول المحلل الاقتصادي “رجب خليل ” إن هنالك العديد من العوامل التي ساهمت في هذه الأزمة، ومنها أن المنظومة المصرفية ساهمت في ضعف ثقافة التعامل بالبطاقات والتحويلات المالية، وأن السوق الموازية للعملة الأجنبية ازدهرت، وأصبحت ساحة لغسيل الأموال ، ويبتعد المتعاملون بها عن المعاملات المصرفية التي ترصد حركة الأموال، وهو ما أدى إلى تراكم الثروة لدي مجموعة من اللصوص وأمراء الحرب وقادة المليشيات في شكل غنائم، أو عمليات سطو، أو اختطاف، وكذالك لصوص المال العام التي تقدر ثرواتهم بمئات الملايين، كلها خارج المنظومة المصرفية ولا تساهم في أي نشاط اقتصادي حقيقي.
السيولة النقدية بين الأزمات والتحليلاتكذلك من الناحية الأمنية – والحديث للسيد رجب خليل – لجأت تنظيمات غير رسمية، مثل تنظيم “داعش” والذي تمكن في وقت سابق من بسط نفوذه علي أجزاء من البلاد، إلى تمويل عمليات شراء السلاح، وجلب المرتزقة، وإدارة شؤونه بالخطف من أجل الابتزاز، وأرغم كثيرا من الناس علي سحب أموالهم من البنوك خشية التعرف علي حجم ثروتهم، وبالتالي استهدافهم، وهناك تواطؤ للأجهزة الأمنية لدول الجوار، خاصة تونس ومصر مع تجار العملة، والسماح لهم بالاحتفاظ بكميات كبيرة من العملة الليبية، بل هناك نشاط استخباراتي لدول أخرى من أجل استمرار هذه الأزمة وتطويرها من أجل تأخير الحل للمشكل الليبي، حتى تمكين عملائهم من الحكم.

من المسوؤل عن حدوث الأزمة المالية ؟

يقول السيد خليل أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة دون استثناء، هي المسئولة أيضاً بشكل مباشر، وذالك بسبب عدم معالجة الأوضاع الأمنية، وتفعيل منظومة الجمارك وحرس الحدود .. وكذلك المصرف المركزي الليبي مسوؤل عن تطور هذه الأزمة وتفاقمها، وذلك لعدم وضع الضوابط التي تسهل عمل البطاقات، والتحويل المباشر، والسيطرة علي المصارف التجارية.

وعن الحلول العملية للأزمة المالية، يقول السيد رجب أنها تكمن في السير في خطين متوازيين، الأول أمني، وتفعيل الجهاز القضائي، والثاني إصلاح المنظومة المصرفية، وتكون المعالجة النهائية بعد استقرار الدولة بإصدار طبعة جديدة وسحب الطبعات الموجودة حاليا من العملة، وتحديد زمن محدد لهذه العملية.

تأثير أزمة السيولة في الحياة الاجتماعية

أكدت الدكتورة “أمال الهنقاري” المتخصصة في علم الاجتماع، أن تأثير الأزمة في الحياة الاجتماعية كبير جداً، خصوصاً بالنسبة للعائلات التي تعتمد كلياً على المرتب، وهي الأكثرية في المجتمع الليبي، وعدم القدرة على تلبية طلبات الأسرة، يجعل العلاقات بين أفرادها تتأرجح بين التعاطف مع رب الأسرة، والتذمر من الوضع في ذات الوقت، وهذا الأمر يجعل العلاقات الأسرية متوترة وغير مستقرة.

وعن كيفية تجنب تأثير هذه الأزمة في حياتنا، تقول الهنقاري “واقعياً لا يمكن تجنب الآثار السلبية لهذه المشكلة، ويمكن التقليل من حدوثها بتوضيح الأمر لأفراد العائلة، وتقليل من المتطلبات حسب الأولويات و الشعور بالنقمة والتذمر لا يمكن إزالته، حيث يشعر رب العائلة بقلة الحيلة رغم وجود مخصصاته، ومعاشه، أي حقه الطبيعي في المعاش ولا يمكنه الوصول إليه وهي أزمة لا دخل للمواطن فيها.

أما مصرف ليبيا المركزي فيرجع أسباب نقص السيولة في البلاد إلى الانقسام السياسي في الدولة، وغياب مؤسسات الدولة والعبث بالعائد الاقتصادي الوحيد لليبيين وهو النفط.

حتى الآن لم يتم معرفة السبب الرئيس لمشكلة نقص السيولة، فبين “داعش” والمليشيات، وعدم الاستقرار السياسي، يطل مصرف ليبيا المركزي كشريك أساسي في هذه المشكلة، بالإضافة لغياب المؤسسات، والعبث بالعائد الاقتصادي الوحيد لليبيين وهو النفط.

ورغم اختلاف الأسباب إلا إن المواطن يرى المشكل واحد، وهو أزمة السيولة النقدية، والذي يعني معانات لا حدود لها .. ويبقى أمله في استقرار الدولة، وتعافي الدينار الليبي، وعودة مياه الاقتصاد إلى مجاريها.

مشاركة الخبر