كتب الخبير الاقتصادي: سليمان الشحومي
النظام الاقتصادي هو إطار مبني على منظومة قوانين و قواعد وآليات للتنظيم و ضبط إيقاع الاقتصاد و هيكل لتنظيم إطلاق و عمل مؤسسات متنوعة خاصة و عامة في بلادنا أخذ النظام الاقتصادي يتحور و يتخلى عن جلده كلما دعت و اقتضى الموقف.
التقلبات المستمرة و عدم وضوح الرؤية و الاتفاق عليها و عدم تبني النموذج الاقتصادي بأبعاده المختلفة وخصوصاً آليات خلق الثروة بمعناها الواسع و ليس فقط الثروة النفطية و آليات تدويرها و آليات الرقابة و ضمان العدالة و المحاسبة على الأدوات التي تخلق و تدير الثروة الخاصة والعامة ًًو آليات التوزيع عبر منظومات الضرائب و الجباية العمومية المختلفة وأنظمة العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة و آليات الاستدامة لمتطلبات استمرار فعالية ذلك النظام الاقتصادي و آليات العدالة القانونية الضامنة لسلامة عمل المنظومة و النموذج الاقتصادي.
هذا الخلل الأساسي و المركب جعل من الحالة الاقتصادية الليبية تترنح لدرجة بات السقوط وشيكا ليس بسبب العثرات بل بسسب فقدان الاتزان الاقتصادي الشامل و السير في مستنقع جميل المنظر مكتنز بالاحتياطيات النقدية وغير النقدية و لكنه كريه الرائحة في نفس الوقت بسبب الانقسام المؤلم و الفساد المنظم.
لا حل سوى الحل النقدي أو الحل السحري كما يحلو لهم والذي حول المواطنين لتجار يضاربون بالعملة و يقبلون عليها كسلعة تقدم لهم دعما نقدياً يتبخر على نار الأسعار وفقدان البنك المركزي لدوره في كبح جماح التضخم عبر آلياته الاقتصادية.
وانسداد الأفق بسبب الاستعجال في سن قوانين في وقت لم يتم فيه الاتفاق على النموذج الاقتصادي المناسب وبقاء باقي الآليات معطلة بسبب فقدان البناء الاقتصادي المنظم وليستمر الدوران في نفس المكان بطريقة هستيرية، و معتقدين أنه بإمكانهم الإصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيل و لكنهم كمن يلعبون كرة الجرس لفاقدي البصر وليبقى الاقتصاد الليبي رهين رائحة المستنقع و رنين كرة الجرس.