كتب” الخبير الاقتصادي والمالي “سليمان الشحومي
العنوان الكبير للاتفاق الذي أعلن عنه هو عودة إنتاج وتصدير النفط، والذي أجمع الجميع علي ضرورة عودته فورا، أما باقي البنود فهي ستكون محل خلاف بين الأطراف وخصوصا البنود التي تناولت قضايا عدالة توزيع الدخل عبر تجميع النفقات المقدرة لدي الطرفين “الحكومة المؤقتة وحكومة الوفاق” في إطار توحيد الموازنة الحكومية والانفاق منها على الطرفين عبر آلية تضعها لجنة مشتركة بين الطرفين والتي ستقوم بالنظر في متطلبات الإنفاق عند الطرفين ودون أي توزيع مباشر أو تقاسم لإيرادات بيع النفط بين الطرفين كما يعتقد البعض.
كل هذا وذاك أمر مطلوب ولكنه عمليا سيحتاج أن تتشكل اللجنة المنصوص عليها بالإتفاق ويحتاج أن يصدر قرار تشكيلها من طرف المجلس الرئاسي وقد يكون المستهدف أن تتولى هذه اللجنة التي إذا كتب لها أن تتشكل أن تنظر في تعديل سعر الصرف وربما تساهم في رسم سياسات نقدية وإجراءات متعلقة بحصر إجمالي الديْن العام من الطرفين والعمل علي معالجته والنظر في فتح المقاصة بين المصارف في الشرق والغرب عبر منظومة التسوية لدي المصرف المركزي بطرابلس.
الواقع أننا نحتاج إلى تجميع ممثلين عن وزارات المالية والبنك المركزي عند الطرفين لتنفيذ هذه الوثيقة التي لا يختلف عاقلان على أهمية تنفيذ بنودها ولكن هذه الآلية ربما وضعت برغم صعوبة تنفيذها عمليا اذا لم ترافقها خطوات حلحلة سياسية في إطار السعي نحو حكومة وحدة وطنية وفتح قنوات تواصل مباشر بين كل من وزارتي المالية لدى الطرفين والبنك المركزي أيضا.
الصراع سيزداد برغم ما يظهر من رغبات معلنة هنا وهناك عن ضرورة حل المشكلات الحياتية للمواطن والتي حتما تمر عبر بوابة الصراع على الموارد وسبل إنفاقها في ظل استمرار ندرتها، إننا وبكل بساطة نتشابه مع أقرب سلالات الحيوان من الإنسان، فحرب جومبي وفقا لدراسة نشرت بمجلة للأنثروبولوجيا الفيزيائية أنها حرب شرسة استمرت لسنوات كانت نتيجة لصراع على السلطة بين ثلاثة ذكور رفيعي المستوى من الشمبانزي، تفاقم بسبب ندرة غير عادية من الإناث، والنتيجة كانت مذبحة رهيبة لقبيلة كاملة منهم استمر لأربع سنوات.
لا سبيل للمقارنة بيننا كبشر وقبائل يعيشون في بلادهم وبين قبائل من الشمبانزي في جومبي بغابات تنزانيا، فنحن صمدنا أكثر واستمرت حروبنا أطول وحتما لا نشبههم في سبب الصراع، فنحن نتصارع معا كليبيين على موارد نادرة كالنفط وعوائده، هذا هو الفرق بكل بساطة.
الاتفاق حول استعادة إنتاج وتصدير النفط الليبي بدون أدنى شك اختراق مهم في حالة الجمود بعد الصراع القاتل بين الليبيين، ويؤسس لمرحلة جديدة مزدانة بالأمل والتفاؤل لدى كل ليبي، وبدون شك أن أمام الاتفاق تحديات كبيرة جدا وتحتاج إلى قبول الجميع بالجميع ودون أي استثناءات قبل أن يصبح اتفاق إرجاع إنتاج وتصدير النفط كاتفاق جومبي.