كتب الخبير الاقتصادي “علي الشريف” منشورًا، بأنه تُثار في الأوساط الاقتصادية مسألة تثبيت أو تعويم الدينار الليبي، وهي قضية مرتبطة بالسياسات النقدية وأثرها على الاقتصاد الكلي. ومن المعلوم أن الغاية من تعديل سعر صرف أي عملة هي معالجة اختلالات ميزان المدفوعات، وذلك عبر تشجيع الصادرات وخفض الواردات، لكن هذا الهدف لا يتحقق إلا إذا كان للدولة جهاز إنتاجي مرن قادر على زيادة الصادرات وتنويعها، مع قابلية الواردات للاستبدال بمنتجات محلية، أي أن يتحقق أثر ملموس لمرونة الطلب على الصادرات والواردات.
وتابع “الشريف”: أما في حالة الدول النامية – ومنها ليبيا – فإن ضعف القاعدة الإنتاجية وقلة تنوعها يجعل آثار تخفيض العملة سلبية في معظم الأحيان، فالصادرات الليبية تكاد تقتصر على النفط، وهو سلعة يتحدد سعرها في الأسواق العالمية بعوامل خارجية مثل العرض والطلب وسياسات منظمة أوبك، وبالتالي لا يخضع لمزايا تخفيض قيمة العملة. في المقابل، تعتمد ليبيا بشكل كبير على الواردات لتغطية الطلب المحلي على معظم السلع الأساسية والوسيطة، وهو ما يعني أن أي تخفيض في قيمة العملة سينعكس مباشرة في ارتفاع أسعار الواردات، ومن ثم ارتفاع مستويات التضخم. وللأسف، لجأت الدولة إلى هذه السياسة مرارًا كوسيلة لتغطية عجز الموازنة بدلًا من معالجة الاختلالات الهيكلية.
واختتم “الشريف” منشوره: أما خيار التعويم، فيُعتبر أكثر خطورة على الاقتصاد الليبي، فالتعويم يعني ترك العملة لقوى العرض والطلب في سوق الصرف دون تدخل فعّال من المصرف المركزي لتحديد السعر. وفي ظل غياب قاعدة إنتاجية وصادرات متنوعة، سيقود ذلك إلى فقدان الاستقرار النقدي، وزيادة تقلبات سعر الصرف، وارتفاع متسارع للتضخم. كما أن ضعف الثقة في العملة الوطنية وارتفاع حجم المضاربات سيؤديان إلى نزيف في الاحتياطيات الأجنبية، وتآكل القدرة الشرائية للمواطنين بشكل حاد. وبالتالي، فإن التعويم لا يعالج الاختلالات، بل يفاقمها في اقتصاد يعتمد بشكل شبه كلي على إيرادات النفط لتمويل الواردات والإنفاق العام