Skip to main content
الشلوي لصدى: ليبيا الأولى عربياً والثانية عشر عالمياً فيما يخص رخص التكلفة التشغيلية لبرميل النفط الواحد
|

الشلوي لصدى: ليبيا الأولى عربياً والثانية عشر عالمياً فيما يخص رخص التكلفة التشغيلية لبرميل النفط الواحد

ضيفنا لهذا الأسبوع خبير نفطى دولي ليبي أمضى في مجاله أكثر من ثلاثين سنة إنه المهندس “منصف الشلوى” التقيناه وحاورناه عن الإنتاج النفطي الليبي واقعه ومستقبله وهمومه ، فكان أن شاركنا رؤيته بالخصوص ، وكان لنا معه هذا الحوار:

س/ يلاحظ المتتبع للإنتاج النفطي الليبي تذبذب الإنتاج من حين لآخر رغم عدم وجود الإغلاق في بعض الأحيان هل يرجع ذلك إلى انسحاب الخبرات الأجنبية أم أن هناك عوامل أخرى ؟

ج/ القطاع النفطي الليبي هو قطاع تكنوقراط بامتياز، والخبرات الليبية متوافرة و بكافة التخصصات ذات العلاقة بمجالات النفط المتعددة من إنتاج بشقيه التشغيل و الصيانة و التستكشاف بمختلف مكوناته والتسويق الدولي و المحلي و التصنيع و النقل وليس تلك المتعلقة بالنفط الخام فحسب بل الغاز و البتروكيماويات والحفر و صيانة آبار النفط إلخ .

إن الشباب الليبي العامل بقطاع النفط هو هدف لكافة الشركات العربية و الإقليمية بل حتى الدولية، و ذلك لتراكم الخبرة العملية و توافر المؤهلات العلمية اللازمة وشغفه وطبيعته للعمل الجاد.

ما أود أن أوضحه أنني و على صعيد شخصي ، و كوني أعمل بهذا القطاع منذ عام 1987 وحتى الآن، أستبعد أي دور كان لانسحاب العنصر الأجنبي على تذبذب الإنتاج النفطي الليبي.

و مع هذا أرى أن تواجد الخبرات النفطية الأجنبية بالقطاع النفطي الليبي تساهم في نقل المعرفة و مد جسور التعاون والتقنية والتي هي متجددة و أخص بتقنيات النفط و الغاز المتطورة بشكل مضطرد .

ربما هناك عوامل ، ولكن كشخص مهني لا أحب الخوض فيها كثيراً، و جميع من هو مهتم بهذا القطاع يقف عليها وأهم هذه العوامل في اعتقادي هو العامل السياسي وما صاحبه من تشظي للمؤسسات المختلفة والاستقطاب الحاد بين مختلف الأطراف السياسية والأمنية و ما صاحبه من استفحال ظواهر التهريب و التهديد للعاملين و الاعتصامات و الإغلاقات للمواقع النفطية من حقول و موانىء و أنابيب النقل من قبل أناس لا علاقة لهم بعمل النفط أو أنهم يفترض بهم تقديم واجب الحراسة و التأمين .

و أستطيع أن أزيد سببا آخر وهو العامل المادي ، فلا يمكن لأي قطاع نفطي بأي دولة كانت أن يزيد من إنتاجه أو يضيف من احتياطاته إلا بتوافر ( المال ) سواء للباب الأول والثاني أو للتنمية و التحول، و وفق ما أفهم أن هناك تعثر في تسييل المبالغ المالية اللازمة لمؤسسة النفط الليبية نتيجة لأسباب متعددة ومنها البيروقراطية المقيتة التي لازلنا نعاني منها في ليبيا .

مع العلم بأن كافة عاملي القطاع النفطي الليبي ومنذ سنوات طويلة ينتظر تفعيل وتطبيق زيادة مرتبات مستخدمي القطاع النفطي بنسبة 67% و هم يأملون أن تشمل موازنة 2019 تطبيقا للقرار رقم 642 بتاريخ 27 أكتوبر 2013 والذي صدر بناءً على جهود من مجلس إدارة المؤسسة آنذاك، ولكنه لم يطبق بسبب توقيف جميع الزيادات بما فيها هذا القرار، وذلك بموجب المادة 29 من القانون رقم 13 لسنة 2014 بشأن اعتماد الميزانية العامة للدولة لسنة 2014 والصادر من المؤتمر الوطني العام .

س/ تصنف ليبيا ضمن الدول غير الآمنة ، هل يؤدي ذلك إلى ضعف الطلب التجارى على الخام الليبي؟

ج/بالوقت الراهن كافة الحقول و الموانىء النفطية في ليبيا تشتغل بشكل طبيعي، و خاصة بعد أن رفعت القوه القاهرة عن حقلي الشرارة و الفيل، و ذلك بعد أن قام الجيش الليبي بتسليم هذه الحقول للمؤسسة الوطنية للنفط، وكما هو معلوم بأن حقل الشرارة هو أكبر حقل نفطي في ليبيا وهو يقع بأقصى الجنوب الليبي و بأن هذا الحقل أُغلق منذ ديسمبر الماضي بسبب احتجاجات أفراد القبائل وحراس تابعين للدولة يطالبون بدفع رواتبهم وتطوير المنطقة، وبالرغم من عدم تأثر حقل الفيل النفطي الأصغر حجماً والأقل إنتاجاً”  والواقع في المنطقة نفسها بالاحتجاجات، و لكن إعلان  رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، بأنه لن يعيد فتح حقل الشرارة الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 315 ألف برميل يومياً، دون ترتيبات أمنية جديدة  و الحقيقة و الواقع غير القابل للشك أو الجدال هو بأن قطاع النفط الليبي واجه صعوبات في إبقاء إنتاج البلاد من النفط مستقراً لأن الجماعات المسلحة ورجال القبائل عادة ما يتسببون في إغلاق حقل الشرارة و عدد من الحقول الأخرى. 

حيث أنه و بعد أن كانت الدولة الليبية يتراوح إنتاجها حوالي ( مليون و ثلاثمائة ألف  برميل يومياً) مقارنة مع ( 1.6 مليون برميل يوميا )  قبل عام 2011 إلا أنه قد هبطت فترة إعلان القوة القاهرة إلى ما دون ذلك بكثير، بمعنى أن الخلل الأمني يؤثر سلباً على إنتاج النفط و الذي يعتبر هو المورد الرئيسي لاقتصاد البلاد و يجدر على مؤسسات الدولة المعنية أن تتظافر جهودها لوضع آلية مثلى لتأمين الحقول و خطوط النقل و الموانىء النفطية المنتشرة بكافة أرجاء الوطن .

س/في حال ازدياد تكاليف الإنتاج مثلما هو الحال حالياً بليبيا ، ألا توجد حلول ناجعة لتلافي ذلك؟

ج/ إن سعر إنتاج برميل النفط يختلف باختلاف الدولة المنتجة ومدى احتياجاتها للمادة الخام، وذلك اعتماداً على التكلفة الرأسمالية والتشغيلية لإنتاج برميل النفط، حيث أدى تدهور أسعار النفط الخام إلى الضغط على شركات الطاقة العالمية  و بالتالي التأثير السلبي على اقتصادات الدول المنتجة والمصدرة له ، لاسيما بعد تراجع العائدات. 

و بقراءة لمتوسط تكلفة ضخ برميل واحد من النفط في 20 دولة منتجة للنفط، تعتبر الأكبر في العالم وذلك استناداً إلى معلومات تم جمعها من أكثر من 15 ألف حقل نفط في هذه الدول، شملت تكاليف الإنتاج في الدول التي شملتها هذه الدراسة مزيجاً من النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية، وتكلفة بناء مرافق النفط وخطوط الأنابيب والآبار الجديدة، فيما تشمل النفقات التشغيلية تكاليف رفع النفط من باطن الأرض، إضافة إلى دفع رواتب الموظفين والواجبات الإدارية العامة. 

وبحسب الدراسة حلت ( ليبيا ) بالمرتبة الأولى عربياً والثانية عشرة عالمياً، بتكلفة تشغيلية 7.2 دولار، ورأسمالية 16.6 دولار، من بين عشرين دولة منتجة للنفط الخام. 

و يكفي أن نقارن أنفسنا مع دولتين من الدول العربية والتي شملتهم هذة الدراسة وهي دولة ( السعودية، و الكويت ) ، حيث أن هذه الدول قد تذيلت القائمة على التوالي كأرخص تكلفة لإنتاج برميل النفط حيث بلغت التكلفة التشغيلية لبرميل النفط السعودي 5.4 دولار والرأسمالية 4.5 دولار، بينما تكلفة البرميل الكويتي التشغيلية بلغت 4.6 دولار والرأسالمالية 3.7 دولار .

عليه، أعتقد بأنه هذا هو الوقت المناسب و الذي يجدر على الدولة الليبية وضع الاستراتيجيات و الخطط لتقليل تكاليف الإنتاج و منها حسب خبرتي العمل على تطوير الحقول النفطية باتخاذ إجراءات لتقليل التكاليف على المدى القريب والبعيد، حيث يتم من خلالها البدء ببرنامج تقليل إدارات الشركات النفطية بالتالي ( تحسين كفاءة العمليات الأساسية، وتحسين تقديرات التكاليف، وإعادة التفاوض بشأن العقود والأسعار ومعدلات الفائدة ) 

كذلك من الضروري التيقن بأن مشاريع توسعة المصافي الليبية و إعادة تشغيل مجمع رأس لانوف الاستراتيجي و بقية المصانع الكميائية بمنطقة البريقة،  ستساهم بشكل أساسي في زيادة الإنتاج وتقليل المصاريف مما سيؤدي إلى تعظيم دخول تلك المجمعات و المصانع و المصافي النفطية وتحقيق عوائد مالية مباشرة للبلاد، علاوة على ما سيوفره هذا المشروع الاستراتيجي من فرص عمل إضافية للمواطنين وتحريك الدورة الاقتصادية .

وهنا أرى في اعتقادي أن العمل على إعادة النظر بشكل جاد في عناصر تكاليف إنتاج البرميل والاستناد إلى تفسير مهني أكثر   لمعرفة المكونات الحقيقية للتكلفة، خاصةً أن ترشيدها سيسهم بشكل مباشر في تقليل العجز المقدر في الميزانية العامة للدولة.

س/تشتكى مؤسسة النفط من تآكل أنابيب النفط واحتياجها العاجل للصيانة بمبالغ تقدر بمئات ملايين الدولارات، ولكن هناك مماطلة من بعض الجهات ذات العلاقة في تمويل هذه العملية، ألا ترون أن ذلك خطر حقيقي يهدد ضخ الإنتاج إلى الموانئ النفطية؟ ولما تغض تلك الجهات النظر عن معالجة هذه المشكلة؟

التآكل هو تخصصي الدقيق و جل عمري المهني عملت بالحقول و الموانىء النفطية و الإدارات المختلفة بمجالات هندسة التآكل و الكشف الهندسي  و من المعلوم بأن ظاهرة التآكل بعالم النفط و الغاز هي ظاهرة طبيعية و عادةً ما تكون مصاحبة لصناعة النفط والغاز من المرحلة التي تحت الأرض وإلى مرحلة الشحن للسفن أو بمصافي النفط بحسب الأحوال، و الحماية من التآكل تكون سواء من خلال الصيانة الوقائية و الدورية أو بمعالجة الخطوط الممتدة من أعماق الصحراء إلى موانىء الشحن أو وحدات التكرير على الساحل الليبي ، و كذلك يعلم المختصين، بأن  ظاهرة التآكل تصيب كافة المعدات تقريباً من الخزانات و الصهاريج و غيرها من الأجهزة التي تستخدم بالإنتاج و التصنيع ، وتتم المعالجة بضخ مواد كيميائية للحماية من التآكل أو التشمع أو لفصل الماء عّن الزيت الخام أو أرسلت دوريا لفرش التنظيف عبر خطوط النفط الرئيسية و لمسافات طويلة أحياناً و بصفة دورية أو بتكليف فرق فنية للكشف الدوري و الفجائي عبر أجهزة و معدات تستخدم الموجات الاشعاعية أو الفوق صوتية … إلخ .

الشاهد  لصيرورة الإنتاج و النقل و التصنيع و التسويق و بشكل انسيابي ، هناك تكاليف باهضة و على هيئة مستمرة، وبالتالي، أود هنا التنبيه لأهمية توفير الأوائل اللازمة لأعمال الكشف والصيانة و توريد المواد الكيميائية المستخدمة في المعالجة من التآكل و الوقاية منه وهي مبالغ في حقيقتها ليست قليلة و لكنها مهمة ، فيكفي أن أذكر أن حدث تسريب من جراء تآكل لخط نفطي ما ( خط السرير – الحريقة النفطي ) أو ( خط مسّلة – رأس لانوف ) هذا يعني توقف الإنتاج لمدة تتراوح من ساعات إلى أيام في بعض الأحوال، مما يعني تكبد الدولة الليبية خسائر فادحة تقدر بمئات الملايين من الدولارات  غير ما يسببه هذا التسرب النفطي أو ذاك من أثار بيئية سلبية بما فيها الإنسان ذاته. 

عندما يصبح التباطؤ أو الإتكاء على إجراءات إدارية و مالية معقدة و رقابية مسبقه و مصاحبة في إطار بيروقراطي رتيب يكون على المسؤولين بقطاع النفط و الغاز توعية المسؤولين و المعنين بالتفويضات المالية من وزارات مالية و تخطيط و رئاسية و كذلك الأجهزة الرقابية الادارية و المحاسبية و وضعهم بصورة الوضع و التعرف على السلبيات التي يتأثر منها في نهاية المطاف الوطن و المواطن .

و تكون التوعية و فقا لما أراه من خلال عقد ورش العمل و الاجتماعات  للفنيين من كافة القطاعات المعنية و إقامة الندوات المشتركة لنصل في نهاية هذه السلسلة من برامج التوعية ، لوضع الآليات المثلى لتوفير الأموال بالشكل السريع و بما لا يؤثر على الرقابة المالية اللازمة و وفق الترتيبات المالية المعتمدة لتلك السنة .

 

مشاركة الخبر