تحدث الخبير النفطي “منصف الشلوي” لصحيفة صدى الاقتصادية عن النفط الصخري ومقارنته بكلفة برميل النفط العادي…
حيث كشف لنا “الشلوي” على أهمية هذه المقارنة والفرق بين هذا وذاك..
س/ ما هي العناصر و على ماذا تعتمد تكلفة برميل النفط ؟
الكلفة معقدة من جهة ارتباطها بالجيولوجيا وتكنولوجيا الاستخراج، كما أنها تتحدد نتيجة لتقلبات الأسعار في الإنتاج والاستثمار، كما أنه ومن المتوقع أن تقود الصدمة السعرية الأخيرة إلى جولة لمراجعة التكاليف، ربما قد تطال التعاقدات السابقة في الحفر ومنشآت الآبار والبنى التحتية والتشغيل والنقل، وايضا لموجة جديدة في قيمة تكاليف البحث والتطوير التقني.
س/ ما هو مفهوم الكلفة والسعر التعادلي ؟
نعم تشمل الكلفة الكلية للبرميل، كافة الموارد التي وظّفت في عمليات الاستثمار والتشغيل والصيانة والنقل، أي لكافة ما ينفق رأسماليا من البداية الى النهاية بما في ذلك آبار الاستكشاف و أعمال التقييم، ثم لما ينفق على عمليات الحفر الآبار الإنتاجية وإنشاتها التي بعمق الأرض أو السطحية منها .. وهي كثيرة و متعددة و مكلفة جدا” منها المعدات التجميع والفصل الأولى ومكائن الحقن والفصل الثاني والنزع و رؤوس الآبار ومواد الحماية والفصل والتشمع ومعدات الضخ وشبكات الأنابيب الحقلية والصيانات الدورية والطارئة ومعدات الكشف الهندسي والحماية من التآكل ومتعلقاتها وصولا الى نقاط تجهيز النفط الخام .. أيضا” تشمل التكاليف لنفقات التشغيل مثل تعويضات و مرتبات ونقل المستخدمين والمستلزمات السلعية والخدمية عند الآبار و الحقول والموانىء النفطية طبعًا” بالإضافة إلى نفقات شراء المعدات الخدمية والإنتاجية والتكميلية من شركات متخصصة كما أن هناك إضافة لعناصر التكلفة تكون عادة نتيجة للرسوم الحكومية.
س/ ما هو السعر التعادلي للنفط ؟
نحن نطلق عليه( Break-Even Price ) للنفط و هو السعر الذي يساوي الكلفة الكلية للبرميل في البئر الحدي وهو ( البئر الأخير المُجزي أو الممكن ماليا ) للمستثمر ،، والسعر التعادلي هو السعر التوازني ( Equilibrium Price )عندما تعرّف الكلفة اقتصاديا أي تحتوي عوائد جميع العناصر المشتركة في الإنتاج، ويحدد السعر التعادلي، بهذا المعنى، الاستثمار الذي ينحسر عن التراكيب الجيولوجية والبيئات الاقتصادية حيثما تتجاوز الكلفة الكلية المقدرة سعر النفط المتوقع، وقرار الاستثمار يعني الإنتاج في الأمد البعيد، أما السعر التعادلي في الأمد القصير فهو الذي يعين الإنتاج من عدمه في حقول الآبار المنتجة ويكون بالمقدار الذي يغطي النفقات التشغيلية، لأن النفقات الرأسمالية قد تكبّدها المستثمر في الماضي ولا يساعد إيقاف الإنتاج في استعادتها او خفضها، وأحيانا تهتم الشركات بالنفقات التشغيلية المتغيرة أي المرتبطة بحجم الاستخراج عند النظر في برامج الإنتاج، لأن بعض النفقات التشغيلية بطيئة التغير أولا يمكن التخلص منها بإيقاف الإنتاج، فورا، نتيجة الالتزامات أو تعاقدات سابقة، ولذا نجد أن سعر النفط أواخر شهر مارس الماضي لهذا العام هو دون الكلفة الكلية لبرميل النفط لحوالي نصف الإنتاج العالمي ومع ذلك يستمر الاستخراج. لأن قرار الإنتاج، في مثل هذه الأحوال، يستهدف تقليص الخسائر وليس تعظيم الأرباح.
س/ هل هناك تعريف محدد للريع النفطي ؟
ربما يمكننا و بشكل مبسط تعريفه بأنه هو ذاك الفرق بين السعر والكلفة الاقتصادية للبرميل والتي تتضمن العوائد على رأس المال، والريع بمفهومه هذا يتغير، فهو صفر في البئر الحدي ويزيد على 45 دولار للبرميل في بعض دول الشرق الأوسط عند سعر 55 دولار لبرميل النفط، ولا يكون الريع دائما للحكومة وحدها فقط ، بل أيضا” ان الشركات التي تتقاضى أكثر من العائد الأعتيادي على رأسمالها المستثمر تقتطع جزءا منه، كما أنه ما دام السعر هو في الأمد البعيد، يتحرك منسجما مع الكلفة الكلية للبرميل في البئر الحدي على مستوى العالم فالريع، تبعا لذلك هو الفرق بين الكلفة الكلية للبرميل في البئر الحدي والكلفة الكلية للبرميل في حقل س او ص بدولة ما .. لذلك كلما توغّل الإنتاج النفطي في تراكيب جيولوجية ذات تكاليف أعلى في العالم إزداد الريع النفطي في عدد من الدول ومنها السعودية والكويت.
س/ في توقعك ما هو السعر المثالي لبرميل النفط و الذي ينصف معه الجميع ؟
سوق النفط هو متغير و النفط كأي سلعة اخرى يتعرض لقانون العرض و الطلب .. مع الأخذ بالاعتبار بأن النفط هي مادة ناضبة، و لكن كمتابع يومي لأسعار النفط والإنتاج والتصنيع والقدرة الاستيعابية للمصافي وهي معلوم عددها ومواقعها وفي ظل ظروف عادية، ارى بأن سعر النفط من 55 إلى 65 دولار او نحو ذلك ستكون و بشكل واقعي منصفة حيث ستختفي معها الخسائر مع تفاوت ذلك بين دولة وأخرى، وأتوقع ينتعش الاستثمار في النفوط غير التقليدية إذا تجاوز سعر النفط 65 دولار للبرميل، وتبقى مع ذلك مخزونات نفطية ليست اقتصادية لأن الكلفة الكلية للبرميل تتخطى 90 دولارا.
س/ هل هناك علاقة بين النفط الصخري واستقرار أسواق قطاع النفط ؟
عندما ازداد إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 84% هذا العام 2020 م عما كان عليه عام 2012 م والاكتفاء الذاتي من مجموع الطاقة قبل ذلك، هذا أن النفط، والغاز، الصخري هو خلف قصة النجاح هذه ، و ذلك للعلاقة التي أصبحت أسعار النفط التعادلية ذات أهمية كبيرة بالولايات المتحدة، لكن المسألة لا تنحصر في النفط الصخري فقط بل أيضا” بالتقنية وهي في غاية الأهمية، كون أن النفط الصخري هو مثال واقعي يبين أن مفهوم الاحتياطيات النفطية اقتصاديا، لأن النفط في المكان يكون احتياطيات، او لا يكون، تبعا للأسعار والتكاليف و( للتقنية ) الدور الكبير في الأخير.
س/ ما الذي يجعل تكلفة استخراج النفط الصخري مكلفة جدا” و هل التكلفة وحدها سبب في عدم اتجاه الدول نحوها ؟
النفط الصخري Shale Oil أبرز ما يصطلح عليه النفط غير التقليدي ويعتمد استخراجه على الحفر الأفقي، بعد مسافة عمودية، والتكسير، التثقيب، الهيدروليكي، Hydraulic fracturing. الحفر العمودي يتعمّق لألاف الأقدام ثم آلاف أخرى أفقيا، بزاوية 90 درجة مع الحفر العمودي، وتستخدم التكنولوجيا الهيدروليكية لرشق الصخور وتثقيبها لاستدرار النفط ثم رفعه الى سطح البئر. يتطلب إنتاج النفط الصخري كميات هائلة من الماء، ممزوجة بمواد كيمياوية لبقاء الثقوب مفتوحة، وهذه من اسباب التحفظ على التوسع في إنتاجه، لأن كثرة استخدام المياه، مع مواد أخرى، في إنتاج النفط الخام تتضمن إضرارا بيئية لا يستهان بها، وإضافة على تعقيدات الحفر والتكنولوجيا الهيدروليكية تضاف تكاليف إيصال المياه إلى البئر وسحبها.
س/ ما هو معدل التكاليف للبرميل النفطي ؟
كلفة برميل النفط الصخري تتراوح من 40 دولار اإلى أكثر من 90 دولار ، وعندما يتجاوز سعر النفط 55 دولار وإلى 65 دولار فإن الكثير من احتياطيات النفوط الصخرية في الولايات المتحدة الأمريكية تصبح اقتصادية وينشط الاستثمار لاستخراج المزيد منها. بينما كلفة النفط التقليدي تبدأ من مستويات أقل من ذلك كثيرا” هناك ببعض المناطق من العالم تكون دون 10 دولار للبرميل في الشرق الأوسط، وتصل الى 40 دولار أو أكثر في بقية العالم، كما أنه يتخطى كلفة البرميل في بعض النفوط التقليدية وخاصة البحرية منها الــ50 دولار للبرميل من المنتجة فعلا، ومنها في بريطانيا على سبيل المثال.
س/ بالوضع الطبيعي هل عمر آبار النفط الصخرى هي نفسها بالنفط العادي ؟
العمر الإنتاجي لبئر النفط الصخري قصير، ولذا يوصف الاستثمار في هذه النفوط بالحساسية العالية للتغيرات في أسعار النفط. فمن المتوقع توقف الاستثمار عندما يقترب سعر النفط من 50 دولار نزولا، وينشط عند ارتفاع السعر ويتواصل مع توقع بقائه فوق مستويات التعادل مع الكلفة المتضمنة لمعدل العائد الكافي على راس المال، وبعد أن أصبحت الولايات المتحدة المنتج الأكبر للنفط في العالم وفي نفس الوقت بتكاليف عالية لذا من المتوقع أن تستدرج للتوافق مع كبار المنتجين على سياسات للحفاظ على مستويات مرضية للأسعار.