كتب الخبير الاقتصادي “علي الصلح” :
“الدين العام مشكلة المستقبل” .. على الرغم من أن ذلك يعد موضوعاً للمناقشة فإن أغلب خبراء الاقتصاد في ليبيا يعتقدون أن بداية عصر الحكومة التي تتشبث بعجز الموازنة كان عندما بدأت الدولة في توفير منح سنوية مبالغاً فيها، ويتضمن ذلك ايضاً إنفاق الحكومات مبالغ ضخمة من المال على العديد من القطاعات والملفات المختلفة لظاهرة الفساد …!! ولكن إلى أين يذهب كل ذلك الإنفاق؟
إذا نظرنا سريعاً إلى تطور الموازنة خلال الأعوام الماضية سوف نجد أن أغلبية هذا الإنفاق يتجه نحو ما يسمى بنود أساسية أو بمعنى آخر الإنفاق الذي ينبغي على الحكومة أن تقوم به والذي يتضمن المرتبات وما يتبعها!
في حين خصص للإنفاق التنموي مبالغ لا تذكر ومتابعة لا تظهر، ولتعويض ذلك العجز تلجأ الحكومات للدين المحلي الذي يبقى دين أمان عند 150٪ مِن الناتج الإجمالى أو تلجأ إلى الى فرض الضرائب لتمويل ذلك!
ولكن ماذا حدث في ليبيا..؟
إنه من الأهمية بمكان التمييز ما بين عجز الموازنة السنوي وإجمالي الدين العام، فكلما زاد عجز الموازنة السنوي تزيد حجم الأموال وبالتالي يزداد حجم الدين وذلك ما يطلق عليه “الدين الصافي”.
اما بالنسبة لأواخر هذا العام فبلغ صافي ذلك الدين العام حوالى 100مليار دينار حسب ما نشر !! وقد يصل الى اكبر من ذلك حسب توقعات خبراء في قطاع الإحصاء المصرفي.
وذلك بالطبع يعتبر- دين امان -اذ لم تتجاوز النسبة مرة ونصف من الناتج الاجمالي!
حيث تميل هذه الديون بالإضافة إلى عجز الموازنة نحو الزيادة في عام قد لا يكون ذلك بأهمية شريطة الا يتسع حجم الدين بشكل أكثر سرعة من الاقتصاد ، لذلك يتم التعبير عن مستويات الدين بوصف نسبته من اجمالى الناتج المحلي للدولة، فالدين العام في دولة ليبيا يمثل نسبة 232٪ مِن الناتج المحلي الاجمالي وذلك خلال العام الجاري 2019.
ولذلك يتبادر الى الذهن تساؤل حول عواقب الدين العام..؟
إن كان أمرًا مسموحًا فذلك قد يكون سببًا في وقوع مختلف المشاكل الاقتصادية بالنسبة للدولة، أولها ان الدين المرتفع يميل نحو أضعاف العملة النقدية للدولة.
أما الثانية فتكون في طلب المستثمرين لمعدل أعلى من العائد على استثماراتهم للتعويض عما تعرضوا له من مخاطرة وذلك يرفع من معدل الفوائد.
وجوهر الامر غالباً أن الدين العام يعمل على اختلاف نسبة الضريبة للسنوات القادمة حيث يجب أن يتم سداد تلك الأموال الإضافية المفترضة عند نقطة محددة في المستقبل.. مما يؤثر على مستقبل الأجيال القادمة.