يجتذب الطابع الإسلامي في مناح كثيرة من هذه الحياة الكثير من المواطنين بدافع شرعيته ، و بسبب تمسك الشعوب بدينها و ميلها لكل ما هو اسلامي ميلا فطريا ، و لكن و للاسف استخدم هذا الطابع مؤخرا كشبح استغل مشاعر و عواطف المواطنين بل و حتى جيوبهم و استمالهم .
في عام 1963 افتتح أول مصرف إسلامي في مصر و بعد نجاح فكرة هذا المصرف و انتشارها و تمكنها من الحصول على تأييد المواطنين إنتشر هذا النوع من المصارف في باقي ربوع الوطن العربي فأفتتح مصرف اسلامي في جدة تباعا و من ثم في دبي و أخدت تنتشر .
و لكن الكثير من القفهاء و الخبراء في الاقتصاد وجدوا صعوبة في تحديد تعريف واضح و صريح للصيرفة الاسلامية أو للمصرف الاسلامي و ذلك لصعوبة إيجاد و ادراك ما يميزها عن المصارف التقليدية ، و لكن بعضهم خرج بتعريف ألا و هو ” كونها مؤسسات مالية مصرفية كغيرها غير أنها لا تتعامل بالفائدة و تقوم على قاعدة المشاركة لا الربح و تهدف الى جمع الأموال و توظيفها في نطاق الشرعية الاسلامية ليتشارك فيها البنك و المودع في الاعمال و يتقاسمان الأرباح” .
في عام 1991 تأسست منظمة تعرف بمنظمة الأيوفي و هي احدى أبرز المنظمات الدولية غير الربحية الداعمة للمؤسسات الكالية الاسلامية و مقرها الرئيسي في مملكة البحرين .
و لهذه المنظمة منجزات مهنية بالغة الاثر على رأسها اصدار 98 معيار حتى الان في مجالات المحاسبة و المراجعة و أخلاقيات العمل و الحوكمة ، بالاضافة الى المعايير التشريعية التي اعتمدتها البنوك المركزية و السلطات المالية في مجموعة من الدول باعتبارها الزامية و ارشادية .
و على الرغم من نجاح نظام الصيرفة الاسلامية و انتشار مصارفها في العديد من أنحاء العالم ، الا أن أصوات المنتقدين لهذا النوع من الصيرفة علا و اشتد ، خاصة في بعض الدول و التي اعتبرها الخبراء بيئة غير مناسبة أو خصبة لاستخدام هذا النظام و ذلك بسبب ظروف اقتصادية او قانونية او بيئية ، كما وجهت لهذا النوع من الصيرفة العديد من الانتقادات و التي تمحورت في كونه لا زال يدور في فلك سعر الفائدة و لا يملك نظاما خاصا به ، و أنه اعتمد على النظام التقليدي مع محاولة اضفاء بعض التعديلات عليه ليستجيب لأحكام الشريعة ، فالصكوك على سبيل المثال ما هي إلا عملية تحويل السندات التقليدية بشكل تصبح فيه أداة الدين في السندات أداة ملكية في الصكوك و طبقا لهذا فإن سعر الفائدة يبقى المعيار الأساسي المستخدم حتى في المصارف الاسلامية .
في ليبيا و تحديدا في عام 2013 أصدر المؤتمر الوطني العام قرارا يمنع التعامل بالفائدة في المصارف الليبية و قد أربك هذا القرار القطاع المصرفي و شل حركة الاقراض و التي كان الضعف يملأها اساسا ، مقارنة بباقي الدول في الوطن العربي ، لذا فقد رأى الخبراء بأن الواقع المصرفي في ليبيا يحتاج الى خطط و استراتيجيات للنهوض به بعيدة عن الصيرفة الاسلامية لان دخولها الى المشهد كان بمثابة عاصفة شلت القطاع المصرفي في ليبيا و أرهقته .
فسرعة اتخاد قرار كهذا في ليبيا و تحديد موعد قريب جدا من اتخاد القرار لتطبيقه ، قد أربك المصريفيين و الاقتصاديين ووضع الاقتصاد الليبي في مأزق شديد و موقف حرج نظرا لضيق الوقت ، و هذا ما كان له تأثير مباشر على التنمية الاقتصادية و التي أخدت تتراجع شيئا فشيئا ، فإذا رجعنا الى عام 2013 اي الى تاريخ اتخاد هذا القرار ، سنجد أنه و طبقا للواقع الاقتصادي الليبي و بما أنه فرض فرضا و في فترة وجيزة كان يحتاج على الاقل عشرة سنوات او اكثر لتطبيقه ، لان مثل هذا التحول في مثل هذه الظروف يعتبر تحولا خطيرا يحتاج خططا و استراتيجيات بعيدة المدى ، و تطبيقه في سنة واحدة كان و لا زال سلاح من اسلحة الدمار التي فتكت بالاقتصاد الليبي .
و في ظل هذه الظروف التي نعيشها اليوم يمكن القول بأن نظام الصيرفة الاسلامية ليس سيئا و لكن يجب النظر اليه بزاوية ابعد من مشاعر الدين و تحكيم الشرع و منع الربا ، بل يجب النظر في رأي الخبراء و المختصين و ليس فقط علماء الدين .