Skip to main content
الطويبي: بيان وزارة الاقتصاد بشأن المحروقات يحوي بيانات ناقصة و"مخفية" والدعم يجب إستبداله تدريجياً
|

الطويبي: بيان وزارة الاقتصاد بشأن المحروقات يحوي بيانات ناقصة و”مخفية” والدعم يجب إستبداله تدريجياً

كتبت المحامية ثريا الطوييي مذكرةً بشأن استيراد وبيع المحروقات وتوزيع مقابل الدعم قالت فيها:

بالاطلاع على بيان ديوان وزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية بشأن استيراد وبيع المحروقات وتوزيع مقابل الدعم؛ والذي نجد فيه الكثير من نقص البيانات وإخفاء بعضها وعدم صحتها وخطأ حساباتها وذلك للآتي:

أولاً: نقص البيانات:

أورد التقرير في مقدّمته “أن مصدر المعلومات المؤسسة الوطنية للنفط لسنة 2019”. ولا شك أن هذا البيان قد مضى عليه ما يزيد على السنتين (2020 و2021 و الخمسة أشهر الاولى من سنة 2022) وكان يتعين تحديد سنة 2021 أو الخمسة أشهر من سنة 2022 كمرجع وليس سنة 2019.

لم يورد البيان كمية الوارد من المحروقات من الخارج أو الكميات المنتجة في الداخل؛ بل اقتصر على بيان قيمة الكمية المستوردة والكمية المباعة من المحروقات بالدينار، دون بيان الكميات المستوردة والكميات المباعة وهذان البيانان من ألأهمية بمكان حيث يجب بيان الكميات المستوردة والمُصنّعة محلياً، وطرحها من الكمية المباعة للمواطنين، والكميات المباعة لأجهزة الدولة المختلفة من إدارات حكومية وشرطة وجيش وطيران وشركة الكهرباء، وغيرها من مستهلكي المحروقات، ونحن نعلم بأنّ أغلب أجهزة الدولة لا تسدد ثمن أغلب مسحوباتها من هذه المحروقات، وذلك يؤدي الى نتيجتين أولهما تحميل المواطن كل استهلاك مبيعات المحروقات دون وجه حق، وثانيهما تغطية مسحوبات الدولة من هذه الكميات حيث أنّ أغلب السرقات والتهريب يتم من الكميات المُسَلّمة لهذه الأجهزة.

استند البيان على “مصدر المعلومات المؤسسة الوطنية للنفط عن سنة 2019″، وبالاطلاع على تقرير المؤسسة الوطنية للنفط، فإننا نجد أن لدى شركة البريقة التابعة لمؤسسة النفط قاعدة بيانات سنوية، من سنة 2017 الى الربع الأول من سنة 2022، عن استيراد كميات المحروقات المستوردة من الخارج والمنتجة محليا. وتبلغ الكمية المستوردة والمنتجة محليا في سنة 2019 9,172,885 طنا بقيمة إجمالية قدرها 5,372,883,655 دولار مضروبة في( 4.48) فيكون المجموع 24,070,518,775 بينما اوردت وزارة الاقتصاد أن “إجمالي المبلغ الخاص بتكلفة المحروقات هو 3 مليارات دولار مضروباً في 4.48 سعر الصرف للدينار فيكون مجموع قيمة التكلفة 13,440,000,000 مليار د.ل، بينما أوردت شركة البريقة أن إجمالي السعر مضافاً إليه تكلفة المناولة والتخزين بالدينار الليبي هو 7,961,094,832 دل (سعر الصرف 1.39) فإذا استعملنا نفس سعر الصرف المستخدم من الوزارة أي 5,372,883,652 دولار x .(4.48)= 24,070,518,760.96دل هذا الفارق البالغ 55.8.% لا نجد أي تبرير له. وبالاطلاع على بيان شركة البريقة في سنة 2021 فنجد ان الكمية الموردة والمحلية تقدر ب 9,416,060 طن مضروبة في سعرها بالدولار= 6,088,300,379 دولار X 4.8 = 27,275,585,697 يدل ذلك على خطأ حسابات وزارة الاقتصاد وعدم صدقيتها فيما أوردته للمواطنين. (سنرفق في هذاالبيان كشف شركة البريقة وتفاصيل الحساب الخاص بذلك.)

إغفال بيان الكمية المستوردة من المحروقات خارجياً وداخلياً ومقارنتها بالكمية المباعة يظهِر أحد الأمرين:

أنّ هناك كمية محروقات متبقية لم يتم بيعها، وحُسِبت على المواطن كأنّها كمية مدعومة، وكان يجب أن يتم طرحها من الكمية المُباعة.

أنّ هناك كمية مسروقة أو مُهرّبة الى الخارج وهذا ما يحاول المسؤولون إخفائه ” لأمر في جيب يعقوب.”


ثانياً: تضارب البيانات المقدمة في التقرير مع بيان مصرف ليبيا المركزي لنفس السنة (2019) والميزانيات اللاحقة لها وبيان ذلك:
جاء في التقرير الصادر من ديوان وزارة الإقتصاد والتجارة أن عائد المبيعات بالاسعار الجديدة مضروبة في 2 دل هي 13,713,864,222 يعني أن العائد بالأسعار القديمة (15 مليم) هي 6,856,932,111 دينار بينما نجد أن تقرير مصرف ليبيا المركزي في نفس السنة (2019) نصّ على أنّ “ايرادات بيع المحروقات بالسوق المحلي 300 مليون دينار” وأن ايرادات بيع المحروقات في السوق المحلي عن سنة 2020 هي 225 مليون، و60 مليون عن الخمسة اشهر الأولى لسنة 2022، وبالإطّلاع على ميزانية الدولة عن سنة 2022 نجد ان حصة الخزانة العامة من بيع المحروقات بالسوق المحلي هو (350,000,000) ثلاثمائة وخمسون مليون دينار.

إنّ هذا الفرق الشاسع بين هاته التقارير لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، ولابدّ أنّ أحدها خاطئ تماماً؛ وأنّه لا يمكننا الإعتماد عليه.
وهنا يثور التساؤل الثلاثي لماذا وكيف وأين ولصالح من؟. وهل ذلك عمداً لتغطية أمرٍ في “جيب يعقوب” أم تقصيرٌ يجب المحاسبة عليه؟.
ثالثاً: مغالطة حسابية وبيان ذلك

نبدأ بتعريف الدعم قانونياً: وهو قيمة التكلفة النقدية الفعلية للسلع أو الخدمات التي تتحملها الدولة، مطروحاً منها القيمة النقدية التي يدفعها المواطن للحصول على تلك السلع أو الخدمات.
وقد جاء في تقرير الاقتصاد أنّ عائد المبيعات بالاسعار الجديدة مضروبة في 2 دينار أي الاسعار القديمة مضروبة في 2 دل وهذا خطأ حسابي، ذلك أنّ ما جاء بجدول المقترح هو عائد المبيعات بالأسعار القديمة متضمنةً سعر البيع المدعوم وقدره (15) مليم، وكان يجب خضم هذا المبلغ من قيمة السعر الجديد فيكون (1,85) دينار و 85 مليم وليس 2 دل ( في هذه الحالة أصبح 2.15 د.ل)، وتصحيحاً لذلك يجب أن يكون “عائد المبيعات بالأسعار الجديدة غير المدعومة” على فرض صحتها: 6,856,932,111×1.85=12,685,324,405 قيكون صافي ارباح بيع المحروقات هي: 12,685,324,405-13,440,000,000=754,675,594 وليس 273,864,222.
رابعا: قامت لجنة ديوان وزارة الاقتصاد بخصم الدعم المخصص للكهرباء وقدره 5,520,000,000

إنّ الدعم المُخصَّص للكهرباء ليس مخصصاً للمحروقات المستعمله للكهرباء فحسب؛ بل يتضمن دعماً لأفشل إدارة شركة في التاريخ، فالدعم البالغ قدره أكثر من خمسة مليارات دينار في السنة يتضمن دعماً لعددٍ من مشاكل الشركة من بينها:
أ . الفائض في العمالة الزائدة بالشركة والتي أسمّيها “العمالة النائمة”.
ب . دعم سرقة الاسلاك النحاسية التي تسرق أمام بصر وسمع الكثيرين، ودون حسيب أو رقيب!
ج . الآلات الوهمية أو الفاسدة التي تُشترى وتُخزّن لتُسرَق مرةً أُخرى ويُعادَ دفع ما يُسمّى بالدعم لشراءها وهلُم جرا..؛ ويحمل كل ذلك للمواطن الذي يعيش ويتعلم ويعالج في ظلام دامس، و يجب عدلاً وقانوناً وإنسانيةً عدم تحميل المواطن تبعة هذه السرقات؛ بل يجب أن يُخصَّص مقابل الدعم لصالحه وتحسين معيشته، أمام غول التضخم الناشئ عن بيع الدولة للدولار بسعر يوازي بل ينافس تجار العملة، وهكذا تحولت الدولة إلى اكبر تاجر عملة، وذلك موضوع آخر سنتناوله في مناسبة أخرى.

خامساً: تقوم الدولة بقسمة المخصص لدعم المواطنين على أساس أن تعداد المواطنين 7.6 مليون نسمة، وهذا الرقم مبالغ فيه فليس لدينا تعداد رسمي بعدد سكان ليبيا منذ عشرات السنين مما يعده الكثيرون بما يقدر بستة ملايين نسمة. وكان يتعين بيان اساس وزارة الاقتصاد سند تقديرها.
سادسا: ضخامة مبالغ الدعم التي تنفقها الحزانة العامة والتي بلغت في ميزانية هذا العام 18,950,000,000 (ثمانية عشر مليار وتسمائة وخمسون مليون) أي ما يعادل 21.13% وهذا الدعم المبالغ فيه أحد الاسباب الرئيسة في زيادة نسبة التضخم التي لم تتمكن وزارة الاقتصاد من تحديده نظرا لعدم وجود أو صحة قاعدة البيانات الاقتصادية اللازمة، كما يؤدي حجم مبلغ الدعم إلى ضخامة الدين العام كأحد أسبابه.


ويبين مما سلف بيانه أن تقرير وزارة الإقتصاد معيب في كاملهِ من حيث الشكل والمضمون:

من حيث الشكل:

تعارض وتناقض التقرير مع الكثير من التقارير الاقتصادية الصادرة من الجهات المختصة فالتقرير يتعارض مع تقرير المصرف االمركزي وتقرير شركة البريقة التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط كما يتعارض مع الميزانية العامة للدولة.

عدم صحة بياناته فقد اورد التقرير في تقدير عدد السكان 7.6 دون أساس علمي يستند على إحصائية علمية.

تعمد التقرير عدم ذكر الارقام الصحيحة لمبلغ الدعم ، حجم الوارد وأنواع المنتج من المحروقات وثمنها وكميتها، وذلك لغرض انقاص حصة الفرد من مبلغ الدعم.

من حيث المضمون:

أنّ الاغراض المتعددة من إلغاء الدعم تختلف من بلد إلى آخر فالغرض من الغاء الدعم بصفة عامة منها القضاء على الفساد ووقف اهدار الموارد والمال العام، خفض عجز الميزانية وزيادة معدلات النمو وتحقيق الاستدامة البيئية، وخفض معدلات التضخم بتقليل الاستهلاك.

وتنتهج الدول عدة اساليب عند إلغاء الدعم، فتارةً يكون إلغاء الدعم بصورة تدريجية حتى لا يشعر المواطن بنتيجة هذا الإلغاء وتقوم بعض الدول بدفع مقابل مالي لتعويض المواطن عن فقده ميزة هذا الدعم.

تخصيص مبلغ 832 دينار سنويا للفرد أي مبلغ حوالي دينارين في اليوم هو مبلغ زهيد للغاية بالنظر إلى ارتفاع ثمن اللتر إلى دينارين.

دفع 200 دينار شهرياً للباحثين عن العمل سيصبح دخلاً غير مشروع خاصة أن الدولة تفتقر إلى إحصائيات دقيقة عن البطالة والعاطلين عن العمل؛ نتيجة غياب قاعدة معلومات في كافة جهات الدولة.

إنّ تحديد سعر المحروقات بـ 2 دينار لا يمنع عمليات التهريب، لأنه ترك للمهربين مجالاً للربح على حساب المواطن، حيث أنّ سعر اللتر الواحد من البنزين دولياً يساوي حوالي 0.71 $ × 4.48 د.ل= 3.18 د.ل. فإذا كان الغرض من استبدال الدعم بالنقدي هو تجفيف منابع الفساد فيجب بيع اللتر بـ 3.18 وهو سعر التكلفة لعام 2022 حسب بيانات شركة البريقة وليس طِبقاً لسعر 2019 0.52$.

وهنا نقترح تبعاً لذلك أن يتم تخفيض الدعم تدريجياً لأسباب عدة:

  • تعوّد المواطن على السعر الجديد دون تعرضه إلى الصدمة المفاجئة برفع الدعم مرة واحدة وليعتاد المواطن على تخفيض استهلاكه “بتعديل السلوك الاستهلاكي” كما عبر عنه أحد المتخصصين في أمور النفط.
  • توفير الدولة لمبالغ باهظة كانت تذهب أغلبها لأيدي المهربين والمختلسين، ولعلّ أهم مصدر للتهريب والاختلاس مصدرهُ الكميات التي توجه إلى المؤسسات العامة.
  • يجب أن يصاحب رفع الدعم واستبداله بعض الإصلاحات منها تعديل سعر الصرف والعودة بالسعر لما كان عليه يقيمة 1.25 _30 حتى تنخفض الأسعار وترتفع القوة الشرائية للدينار الليبي، مع معالجة أحد أسباب التضخم.
  • إنشاء شبكة طرق وتوفير وسائل نقل عامة.
  • العمل على وضع قاعدة بيانات علمية لكافة الأنشطة الاقتصادية، والتعداد السكاني، وكافة قطاعات الدولة حتى نتجنب تضارب البيانات والمعلومات بين جهات الدولة الرسمية، ونتمكن من الحصول على بيانات دقيقة، تمكننا من وضع سياسة اقتصادية سليمة، ووضع خطة وآلية لرفع الدعم واستبداله نقداً طبقاً لبيانات إيرادات المحروقات محلياً وخارجياً مبنية على أرقام وكميات صحيحة، للمُصنّع محلياً والمستورد، والمُباع فعلياً، ليكون لدينا حاصل حقيقي صحيح يمكن توزيعه على المواطن بما يخدم ذوي الدخل المحدود.
مشاركة الخبر