في ظل ما تشهده الساحة الليبية من صراع اقتصادي على مراكز مالية ووظائف سيادية مشفوعة في بعض الأحيان بأحكام قضائية تستمر المصفوفة التراتبية، لاستثمار نفوذ الصلاحيات الممنوحة في أعمال تعود على صاحبها بالربح من منطلق استغلال الوظيفة المشين، وعلى المواطن بالفقر باعتباره الحلقة الأضعف ودائما رهينا لكمين، ليس أولها نزاع السلطات والعيش على الأزمات ولن يكون آخرها استغلال مدير إدارة النقد بمصرف ليبيا المركزي منصبه في تصرفات تندرج تحت الوساطة والمحسوبية ومحاباة لشركات بعينها باعتمادات مستندية .
ديوان المحاسبة يوقف الطويل احتياطيا
أصدر ديوان المحاسبة قرارا يوقف بموجبه مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد بمصرف ليبيا المركزي “مختار الطويل” ونائبه عن العمل احتياطيا، وذلك لقيامه بإساءة استعمال سلطاته الوظيفية للإضرار بمصالح الدولة، ومتهما إياه بعرقلة عمل ديوان المحاسبة ورفضه تقديم المستندات المطلوبة لعمليات الحصر والمراجعة .
حيث قام “الطويل” بحسب قرار ديوان المحاسبة الموقع في 20 نوفمبر 2017 بتحريض المصارف التجارية بعدم التعاون مع الديوان .
الطويل يطعن أمام محكمة استئناف طرابلس
قدم مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد “مختار الطويل” طعنا ضد قرار ديوان المحاسبة أمام محكمة استئناف طرابلس ، حيث أصدرت دائرة استئناف طرابلس حكمها في 19 فبراير 2018 بشأن إلغاء قرار ديوان المحاسبة ممثلا في رئيسه والقاضي بإيقاف الطويل ونائبه عن العمل .
وذيل الحكم الصادر عن المحكمة بتعليق من “المركزي” يقول إن صدور الحكم يبرئ ساحة الموقوفين ويفند الشائعات والافتراءات .
تقرير ديوان المحاسبة يثبت الاتهامات بالأدلة والمجلس الأعلى للقضاء يطالب بالتحقيق
أصدر ديوان المحاسبة تقريره السنوي عن سنة 2017 والذي أورد فيه كم التجاوزات والانتهاكات والفساد في معظم دوائر الدولة، ولم يغفل التقرير قضية “الطويل” فقد أماط اللثام عن أدلة وحقائق تثبت تورط الطويل في استغلال الوظيفة بتصرفات تندرج تحت الوساطة والمحسوبية ومخالفة التشريعات والنظم المالية والمصرفية، ومشددا على أن المعني تجاوز صلاحياته وسلطاته بالإضافة إلى ممارسات تتعارض مع طبيعة عمله الرقابي .
ونوه التقرير أن “الطويل” قام بتنفيذ اعتمادات لصالح شركات محددة بالمخالفة، اتضح فيما بعد أنها استعملت في تهريب الأموال بعد أن تبين أن فواتير النقل المرفقة بملفاتها مزورة .
وذكر التقرير كشفا بأسماء الشركات التي قدمت لها تلك الاعتمادات مشفوعة بقيمة الاعتماد والتي بلغ قيمة إحداها 20 مليون دينار تونسي وأخرى 15 مليون دولار .
وعلى الفور أصدر المجلس الأعلى للقضاء أوامره للنائب العام بفتح تحقيق شامل حول كل الملابسات والتهم والتجاوزات الواردة في التقرير والتي ترقى في كثير منها إلى مصافي الجرائم الاقتصادية .
4000 شركة ليبية وهمية ترتع في تونس والطويل يفتح اعتمادات بالدينار التونسي
في الوقت التي طالعتنا فيه بعض الصحف التونسية بتقرير يتحدث عن ما يناهز 4000 شركة ليبية وهمية ترتع فوق التراب التونسي منذ 2011 لها علاقة بتبيض الأموال وتهريبها يصدر “الطويل” قراراً يأذن فيه بفتح اعتمادات مستندية بالدينار التونسي .
ونص قرار “الطويل” على السماح بفتح الاعتمادات المستندية أو غيرها من عمليات التحويل المسموح بإجرائها لاستيراد السلع والخدمات من دولة تونس، مشترطا أن تكون البضاعة أو الخدمة منشأها تونس .
لترسم كل تلك التحركات حول دائرة صنع القرار صورة قاتمة من النهب والفساد واستنزاف الموارد وسرقة العوائد، وليعيش المواطن آثارها اليومية في الشارع بين شح في السيولة وغلاء في المعيشة، ولتستمر أجهزة الدولة بين السقم والموت تاركة وراءها واقع يصرخ فيه المواطن “الغوث .. الغوث”.