| مقالات اقتصادية
العيساوي: حرب لا مبرر لها أفشلت برنامج الأصلاح الاقتصادي وخلقت بيئة خطيرة لحرب موارد طويلة الأجل
ذكــــر وزير الأقتصاد والصناعة بحكومـــــــة الوفاق الوطني الدكتور ” على عبد العزيز العيساوي ” في تصريحات نشــــــرها موقع ( Euronews ) بتاريخ 6 يونيو ” أن اقتصاد ليبيا الهش أحبطته حرب قائمة لا لزوم لها ” .
حيث أشار الوزير في حديثه إلى أن المكاسب الاقتصادية التى حققتها البلاد تم إحباطها وضياعها في حرب لا لزوم لها ، وأنه وعندما تشكلت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً في ديسمبر 2015 كانت تواجه قدراً هائلاً من العمل لاستعادة النسيج الاجتماعي للبلاد وإعادة بناء هيكلها الاقتصادي المدمر.
وأضاف :
لقد أدت أعمال العنف التي تلت الإطاحة بمعمر القذافي إلى تقويض إنتاج النفط الليبي ، وألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية للبلاد وأخذت في الاعتبار احتياطياتها من النقد الأجنبي التي انخفضت من ذروتها البالغة 124 مليار دولار في عام 2012 إلى 79.4 مليار دولار في عام 2017 وذلك لتغطية النفقات الأمنية الناشئة عن صراع طويل ومعقد و لم يتبق سوى القليل لدعم التنمية أو لإعادة تأسيس أسس النمو.
وعلى الرغم من ذلك حققت حكومة الوفاق الوطني تقدماً اقتصاديًا مهما لكنه هشٍ لليبيا والتي أصبحت مهددة بالهجوم المفاجئ الذي تتعرض له العاصمة منذ الشهر الماضي على يد ميليشيات ( حفتر).
وأكد “العيساوي” أنه وفي الوقت الذي عُين فيه وزيراً للاقتصاد في أكتوبر الماضي ، كانت النظرة المستقبلية للبلاد “وهي العضو الدائم في أوبك والتى لديها أكبر أحتياطيات نفطية مثبتة في أفريقيا ” غير مؤكدة في أحسن الأحوال.
وكانت مؤسسات الدولة الليبية ضعيفة وقد أصبح استغلال الموارد الحكومية أمرًا شائعًا في جميع أنحاء البلاد ، كما ارتفع التضخم إلى 32.8% في عام 2018 وبلغ الدين العام أعلى مستوى له وهو 63 مليار دينار (45 مليار دولار) في ديسمبر 2018.
وكان من الواضح جدًا أنه لكي يكون هناك أي أمل في التوصل إلى قرار سياسي وأمني ، يجب أن يتزامن ذلك مع تقدم اقتصادي حقيقي في جميع أنحاء ليبيا والذي من شأنه توفير سبل معيشة بديلة للعديد من الشباب الليبي المسلح في جميع أنحاء البلاد.
وفي أيلول (سبتمبر) 2018 اتخذ المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ومصرف ليبيا المركزي عدة خطوات فورية وصعبة لتصحيح مشاكل الاقتصاد وتوجيهه نحو بند التنمية .
وكان من أهمها فرض رسوم بنسبة 183٪ على معاملات العملة الصعبة في سبتمبر 2018 والتي قللت فعليًا من انخفاض قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية ، مما أدى إلى سد الفجوة بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار السوق السوداء.
وهذا فتح باب الوصول إلى العملات الأجنبية لمجموعة واسعة من المشاركين في السوق في حين جعل الحياة صعبة بالنسبة للجهات الفاعلة الشنيعة والذين استغلوا تباين السعر لتحقيق مكاسبهم الخاصة بالإضافة إلى كبح جماح التضخم ، وقد ولدت هذه الخطوة إيرادات إضافية لميزانية الدولة بلغت 12 مليار دولار وهو مبلغ من المتوقع أن يتضاعف تقريباً بحلول نهاية عام 2019.
وأضاف ” العيساوي “:
أن الحكومة قد أعادت هيكلة وتعزيز العديد من مؤسسات الدولة الرئيسية بما في ذلك وزارة الاقتصاد والتجارة ، لضمان أن تكون مجهزة بشكل أفضل لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية.
ولقد تم إنشاء إطار داعم لتحفيز تنمية القطاع الخاص وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص وذلك بهدف أساسي وهو تشجيع تنويع الاقتصاد الليبي وجذب الاستثمار إلى قطاع البنية التحتية الخاص به وفي الوقت نفسه شرعت الحكومة في إنشاء المجلس الليبي للمنافسة ومكافحة الاحتكار لضمان المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص في السوق الليبية.
وبحلول أوائل عام 2019 كانت السياسة الاقتصادية الجديدة قد أظهرت نتائج مشجعة وكان دعم الحركة الإصلاحية للحكومة هو الاستقرار النسبي مع تحسين الأمن في النصف الثاني من عام 2018 والذي أدى إلى زيادة طال انتظارها في إنتاج النفط. تجاوزت مستويات الإنتاج مليون برميل يوميًا بحلول نهاية عام 2018 ووصلت إلى 1.2 مليون برميل في شهر مارس من هذا العام وكانت هذه الخطوات على الطريق الصحيح من أجل تحقيق نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بنسبة 7.2 % في عام 2019.
ولكن العدوان العسكري غير المبرر ضد طرابلس والمنطقة الغربية قد غير كل شي وأوقف برنامج الإصلاح الحكومي وخلق بيئة خطيرة لحرب موارد طويلة قد تؤدي إلى دمار اقتصادي واسع النطاق.
وأشار ” العيساوي ” بأن هذا التجميد المفاجئ للتقدم الاقتصادي الهش في ليبيا يجب أن يكون مثيراً للقلق بالنسبة للمجتمع الدولي الذي يحتاج إلى ليبيا مستقرة لعدة أسباب أهمها النفط ، لأن المصافي الأوروبية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على النفط الخام الليبي وأن الدول الأجنبية لها مصالح اقتصادية كبيرة في صناعة النفط في بلدنا ويمكن أن يؤثر ذلك إلى تعطيل إنتاج ليبيا بسرعة وبشكل سلبي على أسعار المستهلكين في جميع أنحاء العالم و أن الأعمال المتهورة مثل عسكرة المطارات وموانئ النفط قد تعرض إنتاج ليبيا من النفط للخطر وهى الدولة التى تساهم رئيسياً في إنتاج أوبك.
إن التدمير الاقتصادي لا يؤثر فقط على النظام العالمي حيث أن عائدات النفط هى شريان الحياة الحرج لشعب ليبيا و لقد تسبب عدوان حفتر بالفعل في خسائر مادية كبيرة قد فرضت ضغوطًا إضافية على الميزانية الليبية وتعطل بعدها طرق الإمداد بالسلع الضرورية إلى البلاد.
والأهم من ذلك أن الضربات العسكرية قد أودت بحياة مدنيين ليبيين أبرياء حيث تجاوز عدد الضحايا 500 وخلف عدد الجرحى فاق الـ 2000 جريح وأن من بين التطورات الجديرة بالترحيب أن نرى المحكمة الجنائية الدولية تتدخل ويدعو أعضاء مجلس النواب الأمريكي ووزارة العدل إلى التحقيق في جرائم حفتر.
وفي الوقت المناسب ستساعد الموارد الطبيعية الكبيرة وفرص الاستثمار الضخمة في تمويل التحول الديمقراطي والانتعاش الاقتصادي في ليبيا مما يفتح البلاد أمام الاستثمار الأجنبي المباشر ومشاركة القطاع الخاص وقد تم بالفعل وضع الأساس الأولي لهذا.
لكن في الوقت الحالي يعد وضع حد فوري لمحاولة الانقلاب الدموية التي قام بها حفتر هو المسار الأكثر إلحاحًا ، كما أنه ضروري لجميع أصحاب المصلحة الليبيين المحليين والدوليين.
وأشارت ” Euronews ” إلى التغريدة التى أطلقها العيساوي عبر تويتر قائلاً :
إن العدوان العسكري غير المبرر الذي تم شنه في 4 أبريل الماضي ضد طرابلس والمنطقة الغربية قد سبب في توقف برنامج الإصلاح الحكومي وخلق بيئة خطيرة لحرب موارد طويلة قد تؤدي إلى دمار اقتصادي واسع النطاق
ترجم حصرياً لصدى الأقتصادية