كتب مدير فرع التأمين التكافلي بشركة النماء الليبية للتأمين “أكرم عبدالله الغزيوي”، سؤال يطرح لي كثيراً ، ما الفرق بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري ؟
أولا شخصياً لا أحبذ تسمية التأمين التقليدي بالتأمين التجاري ولماذا ؟!!!.
لأن جميع شركات التأمين تسعى إلي الربح سواء كان تقليدي أو تكافلي، يعني جميعها شركات تجارية مع إختلاف الأدوات والطريقة لكل منها ،فإذا كان لا يوجد ربح في مجال التأمين التكافلي فلن تجد أي شركة تمارس أعمال التأمين .
ولذلك أرى من وجهة نظري تسميته بالتأمين التقليدي لأن منتجات التأمين التكافلي حديثة وتم ابتكارها لتكمل مؤسسات الاقتصاد الإسلامي في شق المؤسسات المالية ،والتي تتكون من المصارف والتأمين وأسواق الأسهم والسندات .
وبالرجوع إلى السؤال المطروح ما الفرق بين شركات التأمين التقليدي وشركات التأمين التكافلي وهو الآتي :-
ما يميز التأمين التكافلي عن التأمين التقليدي هو العقد وهو أساس الاختلاف في شق شريعته وإنسجامه مع أسس الشريعة الإسلامية .
ولكن مايتم تداوله عبر العديد من المختصين في مجال التأمين التكافلي والدراسات وورقات العمل الأكاديمية في هذا المجال فإن عقد التأمين التكافلي هو عقد تبرع وأن عقد التأمين التقليدي هو عقد معاوضة .
هنا وجه الاختلاف من جانب عقد التأمين التكافلي بأنه عقد تبرع مع الاتفاق معهم بأن عقد التأمين التقليدي عقد معاوضة وبه شبهات شرعية من حيث جانب الغرر والجهالة .
لذا قبل أن نسمي عقد التأمين التكافلي عقد تبرع لزم علينا معرفة ماهي القواعد الفقهيه في التبرع وهل يجوز لمن تبرع بماله أن يطالب بإرجاعه عن طريق إلغاء الوثيقة أو عن طريق الفائض من الصندوق ؟!! لا يجوز الرجوعُ في الصَّدَقةِ، بعد أن يقبِضَها المتصدَّقُ عليه والأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((مثَل الذي يرجِعُ في صَدَقَتِه، كمثَلِ الكَلبِ يَقيءٌ، ثم يعودُ في قَيئِه فيأكُلُه ))
2- عن عبد اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّاب تصدَّقَ بفَرَسٍ في سبيلِ الله، فوجَدَه يُباعُ، فأراد أن يَشتَرِيَه، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاستأمَرَه، فقال: لا تعُدْ في صَدَقَتِك. فبذلك كان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، لا يَترُكُ أن يبتاعَ شيئًا تصدَّقَ به، إلَّا جَعَلَه صدقةً ))
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عن عُمَرَ بنِ الخطَّاب رَضِيَ اللهُ عنه قال: (مَن وهَبَ هِبةً لِصِلةِ رَحِمٍ، أو على وَجهٍ صَدَقةٍ، فإنَّه لا يَرجِعُ فيها)
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على عَدَمِ جوازِ الرُّجوعِ في الصَّدَقةِ: ابنُ حَزمٍ، وابنُ حَجَرٍ العسقلانيُّ
رابعًا: أنَّها خرجَتْ عَن مِلكِه على طريقِ الثَّوابِ، وابتغاء وَجهِ الله تعالى، ولا يصلُحُ الرُّجوعُ عن ذلك
والله اعلم …
لذلك فإن تسمية عقد التأمين التكافلي بعقد التبرع غير صحيحة فمن المفترض للمشترك في صندوق التكافلي أن يكون له الحق في إلغاء الوثيقة في أي وقت ولأي سبب مادام لم تنتهي السنة التأمينية وإرجاع ماله ، ومن أسس التأمين التكافلي إرجاع الفائض في صندوق التكافلي بعد خصم المصروفات والتعويضات والاحتياطيات والاخطار السارية للمشتركين .
ومما سبق فإن تسميته عقد التأمين التكافلي بعقد تبرع غير صحيحة .
ويتضح لنا أن التسمية الصحيحة لعقد التأمين التكافلي هو عقد مشاركة بنية التبرع عند حدوث التعويض .
أي بمعنى أن مجموعة من المشتركين يتكافلون فيما بينهم في جبر الضرر للأخطار المتوقع حدوثها (التعويضات) وذلك بدفع اشتراكات في صندوق يتم تأسيسه عن طريق شركات التأمين التكافلي وتكون أهم شرط في الاشتراك قناعة المشترك قناعة تامة بأن هناك نية سليمة من جانبه بالتبرع عند حدوث تعويض لأحد المشتركين بجزء من اشتراكاته لجبر ضرر هذا المشترك ، لدى عقد التأمين التكافلي عقد اشتراك بنية التبرع
وهو أول أختلاف واضح بين التأمين التكافلي والتأمين التقليدي .
الاختلاف الثاني:
وهو يقتصر علي الأقساط المدفوعة من قبل المشتركين
حيث أن الاقساط المدفوعة في التأمين التقليدي تعتبر ملك لشركة التأمين ولايحق للمؤمن له أن يطالب بها في حالة انتهاء الوثيقة ولم يحدث تعويض، وبالعكس لو حدث تعويض بقيمة أكبر من الاقساط المدفوعة فإن العقد يمنع شركات التأمين التقليدي من مطالبة المؤمن له بدفع مبلغ إضافي لسداد التعويض بل شركات التأمين التقليدي تلتزم بدفع التعويض مهما كانت قيمته .
أما في التأمين التكافلي فإن الشركة لا تملك الأموال المدفوعة من قبل المشتركين بل هي وكيلاً عليها فقط عن طريق عقد وكالة بينها وبين المشترك وأن الأموال ملك للمشتركين وهي تأخد أجر وكالة معلوم حسب التعاقد ويشترط ذكره في العقد، أما إذا كان التعويض أكبر من قدرة الصندوق التكافلي المالية من حق شركة التكافل (مدير النظام ) مطالبة المشترك بزيادة نسبة إشتراكه .
الاختلاف الثالث :
الجانب المالي حيث أن هناك حسابين مختلفين حساب خاص بالمشتركين (حساب الصندوق ) وحساب خاص بمدير النظام (شركة التأمين التكافلي ) ولكل منهم دفاتر وقيود حسابية منفصلة.
الاختلاف الرابع :
الاستثمار حيث يقتصر الجانب الاستثماري في شركات التأمين التكافلي علي وجود فائض وتكون بأحد الأدوات الشرعية (المضاربة أو الوكالة ) .
أما وجه التشابه بين شركات التأمين التكافلي وشركات التأمين التقليدي في الأسس العلمية و الجوانب الفنية من احتساب القسط وقياس الخطر والتعويضات والتغطيات والاستثناءات .