Skip to main content
الفيتوري يكتب: عودة على قرار المصرف المركزى بتخفيض قيمة الدينار
|

الفيتوري يكتب: عودة على قرار المصرف المركزى بتخفيض قيمة الدينار

كتب: عطية الفيتوري – أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي

في اتخاذ القرارات المهمة المتعلقة بالشأن الأقتصادى عادة ما يتم اللجوء، في الدول المتقدمة وحتى بعض الدول النامية، إلى رأي مستقل عن الحكومة أو الجهة التنفيذية، ليس بسبب أن الحكومة أو الجهة التي تريد اتخاذ القرار لا يوجد بها خبراء فى الموضوع، ولكن من باب الشفافية واستقلال الرأى يلجأون إلى أخذ رأي خبراء مستقلين عن الجهة.

نحن في ليبيا وفيما يتعلق بتغيير سعر الصرف، وكما يقولون جاء ذلك بناء على رأي لجنة فنية، ولكن أى لجنة فنية؟!، لجنة فنية كما علمت مشكلة من موظفين يعملون بالمصرف المركزى، لا أظن أن أى واحد منهم يحمل درجة الدكتوراة في الاقتصاد، وهم غير مستقلين في قرارهم حيث هم متأثرين برأي رئيسهم سواء كان المحافظ أو نائبه، بالإضافة إلى أنهم من غير ذوي الاختصاص الأكاديمي في السياسات الاقتصادية وأنظمة الصرف الأجنبي، بحيث يعرفون الآثار الإيجابية والسلبية لتخفيض قيمة العملة الوطنية على جميع قطاعات الاقتصاد ويحاولون المفاضلة بينها، وبالتالي اتخاذ التوصية المناسبة لأتخاذ القرار بشأنها.

قبل اتخاذ هذا القرار الذي يؤثر على شرائح المجتمع الليبي وخاصة منهم ذوي الدخل المحدود المنخفض، كان على المصرف المركزى الأستعانة برأي أساتذة مستقلين ومتخصصين في الاقتصاد وتحديدا في السياسات الاقتصادية وأنظمة الصرف الأجنبي (الآن الكل فى ليبيا يدعي أنه خبير اقتصادى: المهندس والمحاسب والتاجر وموظف المصرف والطبيب.. إلخ).

فى مصرف ليبيا المركزى أنا أعلم أنه كانت هناك لجنة للسياسة النقدية قبل عام 2011، تساعد مجلس الإدارة في اتخاذ القرارات، كان أغلب أعضاء تلك اللجنة هم أساتذة مستقلين، أي بمعني لا يعملون فى المصرف المركزى، تلك اللجنة هي من أوصت بخفض سعر الخصم وتحرير سعر الفائدة المدين والدائن واستحداث شهادات الإيداع كأداة من أدوات السياسة النقدية، مما نتج عن ذلك انخفاض معدل التضخم إلى أقل من 2.5%.

مسألة استقلالية الخبراء مسألة مهمة على مستوى الدولة وحتى على مستوى الوحدات الاقتصادية، مثل الشركات والمصارف، مبدأ الشفافية في اتخاذ القرار يطلب وجود أعضاء بمجالس الإدارة مستقلين عن المؤسسة وليس كلهم من تابعيها.

فى أمريكا مثلا هناك مجلس يسمى “مجلس المستشارين الأقتصاديين” يتبع الرئيس الأمريكي، كل أعضائه مستقلين وهم من أساتذة الجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة ليس لأن وزارة الخزانة الأمريكية أو الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي لا يوجد بهما خبراء اقتصاديين ولكن لتحقيق استقلالية الرأى والحصول على مشورة محايدة.

كان على مجلس إدارة المصرف المركزى تشكيل لجنة من المستقلين وهم المتخصصين في الاقتصاد بالجامعات الليبية لإبداء الرأي العلمي الذي يأخذ في الاعتبار كل المتغيرات الاقتصادية التي تتأثر بتغيير سعر الصرف وما كان عليه أن يشكل لجنة من داخل المصرف.

استطلعت اليوم أسعار بعض السلع الغذائية، وجدت ارتفاع في بعض الأسعار بحوالي 20%، هذا قبل تطبيق القرار، ما بالك بعد!

مشاركة الخبر