ذكر محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير من خلال مقابلته مع مجلة” جلوبال فاينانس” الانجليزية أمس الأربعاء أن النفط يشكل أكثر من 96٪ من صادرات ليبيا ويمول 95٪ من الميزانية وبالتالي فإن الاضطرابات في الأسواق الدولية تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الليبي .
وأضاف: كان للأزمة الروسية الأوكرانية تأثير سلبي على أسعار السلع الأساسية ، لكن ارتفاع أسعار الطاقة زاد من عائدات صادرات النفط وسينعكس هذا بشكل إيجابي على ميزان المدفوعات والميزانية في ليبيا في هذا العام كما أنه سيساعد الحكومة ومصرف ليبيا المركزي على احتواء التضخم ورفع القوة الشرائية والإصلاحات الاقتصادية لا سيما إصلاح سياسة دعم الوقود والتي سترفع تدريجيًا أسعار المحروقات في السوق المحلي وتعويض المواطنين بعلاوة نقدية.
جلوبال فاينانس: ما هي التحديات المرتبطة بتوزيع عائدات النفط؟
الكبير: أنه منذ عام 2013 ، هناك تحديات سياسية بشكل أساسي نتيجة الانقسامات وعدم الاستقرار الذي تمر به ليبيا كما أن سياسة النظام في توزيع عائدات النفط هو إرث من النظام السابق يستبعد القطاع الخاص وتدار عائدات النفط من قبل القطاع العام ، الذي يهيمن إلى حد كبير على الاقتصاد ويوفر الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم ومعظم الوظائف تمثل رواتب موظفي الخدمة المدنية أكثر من 50٪ من إجمالي الإنفاق العام في السنوات السابقة وتم تمويل الميزانية من خلال العجز مما يعني أن الإيرادات لم تكن كافية .
لتجنب أي غموض حول موضوع التوزيع العادل لإيرادات النفط ، اعتمد مصرف ليبيا المركزي سياسة جديدة للشفافية والإفصاح في أبريل 2022 ويشمل ذلك الكشف الكامل عن الإيرادات الشهرية للدولة وتفاصيل الإنفاق العام ونفقات النقد الأجنبي نعتقد أن هذا يمكن أن يغير النظرة السائدة بين المراقبين المحليين والدوليين.
جلوبال فاينانس: كيف تدير هذا التضخم ؟
الكبير: أن المكون الرئيسي للتضخم هو التضخم المستورد الناتج عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية تعتمد ليبيا بشكل كبير على الواردات الأجنبية أما بالنسبة للعوامل المحلية فهي محدودة خاصة بعد تعديل مصرف ليبيا المركزي لقيمة الدينار الليبي مطلع عام 2021 ومع استقرار سعر الصرف لا يتجاوز التضخم حاليًا 5.7٪ .
جلوبال فاينانس: بدأت المؤسسات المالية في طرابلس وشرق ليبيا أعمال التوحيد في عام 2020 للمصارف ما هي خارطة الطريق وما هي التحديات التي مازلتم تواجهونها؟ ماذا يعني ذلك للمصارف التجارية ؟
الكبير: تم وضع خطة مفصلة لإعادة التوحيد بدعم من شركة الاستشارات الدولية” Deloitte” وتم الاتفاق عليها ومن وجهة نظرنا ، سيعزز ذلك قدرة المصرف المركزي للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي حيث كان مصرف ليبيا المركزي ملتزمًا بتحقيق عدة أهداف لكن عملنا توقف مؤقتا بسبب التطورات السياسية الأخيرة تشكل الانقسامات السياسية أهم تحدي لنجاح عملية إعادة التوحيد .
وأكد الكبير أن عمليه إعادة التوحيد تعني قدرًا كبيرًا للمصارف التجارية لأنها الأكثر تضررًا من انقسام المصرف المركزي في أوائل عام 2021 ، وبدأنا في منح قروض على أقساط للمقرضين بناءً على قوة أرصدتهم في بنك البيضاء وساهم هذا الإجراء بشكل كبير في توفير النقد الأجنبي وخفض عدد الشيكات المرفوضة في نظام المقاصة إلى 8 ٪ من 25 ٪ سابقًا .
جلوبال فاينانس: كيف تطور موقع ليبيا في النظام المالي الدولي خلال السنوات القليلة الماضية؟ ما هي احتمالات المستقبل القريب؟
الكبير: على الرغم من الظروف الصعبة التي واجهها مصرف ليبيا المركزي في السنوات الماضية فقد تمكنا من الحفاظ على مكانتنا في النظام المالي العالمي من خلال التواصل المستمر مع المؤسسات المالية الدولية والامتثال للمعايير الدولية بما في ذلك جميع اللوائح المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب كما احتفظ مصرف ليبيا المركزي باحتياطيات من العملات الأجنبية عند مستويات تتجاوز المتطلبات الدولية.
تمتلك ليبيا إمكانات اقتصادية وموارد طبيعية قوية يمكن أن تساعد في تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستقرار السياسي وتحقيق الرخاء في المستقبل حيث أن توفر احتياطيات هيدروكربونية ضخمة وقربنا من الأسواق الدولية هو أحد الأهداف لجذب رأس المال والخبرة الأجنبية خاصة في ظل أزمة العرض الحالية.
ومضى قائلا أن احتياجات إعادة الإعمار بعد سنوات من الصراع تعد أيضًا فرصة جذابة للشركات الدولية العاملة في قطاعات البنية التحتية والإنشاءات والطاقة في ظل وجود إطار سياسي مستقر يمكن لليبيا أن تلعب دورًا رائدًا في التكامل الاقتصادي لشمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى ويمكن أيضًا أن يكون بوابة بين أوروبا وأفريقيا وبدلاً من أن تصبح ليبيا مصدرًا لانعدام الأمن لجيرانها يمكن أن تصبح عضوًا نشطًا في المجتمع الدولي .