Skip to main content
"المانع": تصنيف SWFI يكشف بوصلة الاقتصاد العالمي
| ,

“المانع”: تصنيف SWFI يكشف بوصلة الاقتصاد العالمي

كتب المستشار “مصطفى المانع”: تصنيف SWFI يكشف بوصلة الاقتصاد العالمي

أصدر “SWFI”-وهو معهد صناديق الثروة السيادية
‏Sovereign Wealth Fund Institute ومقره لاس فيغاس بالولايات المتحدة الأمريكية-أحدث تصنيفاته لأكبر البنوك المركزية في العالم من حيث حجم الأصول، كاشفًا عن موازين القوة الاقتصادية وأدوار العملات الكبرى في النظام المالي الدولي. وجاء التصنيف ليؤكد استمرار هيمنة الولايات المتحدة عبر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي تصدر القائمة بأصول بلغت 7.11 تريليون دولار، بينما أظهر في الوقت نفسه صعودًا لافتًا للاقتصادات الآسيوية وتراجعًا نسبيًا لبعض القوى الأوروبية.

“التفوق الأميركي والصعود الآسيوي”

تصدر الاحتياطي الفيدرالي التصنيف بفارق كبير عن أقرب منافسيه، ما يعكس استمرار قوة الاقتصاد الأميركي ودور الدولار كعملة الاحتياط الأولى عالميًا. وفي المرتبة الثانية حل بنك الشعب الصيني بأصول تفوق 6 تريليونات دولار، مدعومًا بالنمو السريع لثاني أكبر اقتصاد في العالم. وجاء بنك اليابان ثالثًا بحجم أصول بلغ 5.257 تريليون دولار، وهو يؤشر بوضوح إلى حجم العملاق الصيني، واستمرار طوكيو كقوة مالية كبرى رغم تحديات الانكماش والدين العام المرتفع.

أما أوروبا، فبرز دويتشه بوندزبنك الألماني في المرتبة الرابعة بأصول قدرها 2.776 تريليون دولار، لكنه يظل بعيدًا عن مستويات البنوك الثلاثة الأولى، ما يوضح الفجوة بين الاقتصادات الأميركية والآسيوية من جهة، ونظيرتها الأوروبية من جهة أخرى.

والمفاجأة الكبرى تمثلت في تقدم نورجس بنك، البنك المركزي النرويجي، إلى مراتب متقدمة بأصول بلغت 1.788 تريليون دولار، رغم صغر حجم الاقتصاد النرويجي مقارنة بالدول الكبرى. ويعود ذلك إلى الفوائض النفطية والغازية الضخمة التي تديرها النرويج بفاعلية مالية عالية.

في المقابل، جاء البنك المركزي الأوروبي في المرتبة الثالثة عشرة، وهو ترتيب يعكس الطبيعة الموزعة للسلطة النقدية في منطقة اليورو بين البنك المركزي الأوروبي والبنوك الوطنية للدول الأعضاء، وهو ما يفصح عن المركزية التي تميز السياسة النقدية في الولايات المتحدة أو اليابان خلافاً لأوروبا.

ورغم كون الهند من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، لم يتجاوز بنك الاحتياط الهندي المرتبة الحادية عشرة، ما يكشف أن النمو الاقتصادي لا يتحول تلقائيًا إلى قوة نقدية ما لم يُدعَم بإصلاحات في السياسة المالية وتوسيع قاعدة الاحتياطيات النقدية.

"المانع": تصنيف SWFI يكشف بوصلة الاقتصاد العالمي
المستشار مصطفى المانع والسيدة كريستالينا جورجيفا رئيس صندوق النقد الدولي في اجتماع صندوق النقد الدولي 2023

“حضور محدود للاقتصادات العربية”

لم يظهر أي بنك مركزي عربي ضمن قائمة العشرة الكبار أو حتى الخمسة عشر الأوائل، وفق بيانات SWFI، ويعود ذلك إلى حجم الاقتصادات العربية مقارنة بالاقتصادات العالمية الكبرى، كما نرجع ذلك بحسب رأينا إلى أن الفوائض المالية العربية غالبًا ما تتجه إلى صناديق الثروة السيادية مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) وجهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA)، التي تركز على الاستثمارات طويلة الأجل بدلاً من توسيع ميزانيات البنوك المركزية.

“ما هي بوصلة الاقتصاد العالمي وفق تصنيف SWFI؟”

برأينا أن Swfi أكد استمرار الهيمنة الأميركية عبر حجم أصول غير مسبوق ودور مركزي للدولار، وعزز حقيقة الصعود الآسيوي المتسارع بقيادة الصين واليابان ما يعيد تشكيل موازين القوة الاقتصادية عالميًا، كما أثبت Swfi تراجع أوروبي نسبي ظهر في التصنيف المتأخر للبنك المركزي الأوروبي أمام بنوك وطنية مثل الألماني والفرنسي، كما بين التصنيف أن حجم الاقتصاد ليس العامل الوحيد لتكوين الاحتياطيات الضخمة، وتفوق حجم أصول البنك المركزي النرويجي على حجم اقتصاد النرويج أوضح مثال على ذلك.

ختاماً؛
أن قوة الاقتصاد تقاس بمدى صلابة السياسة النقدية وحجم الأصول التي تديرها البنوك المركزية، وليس بالناتج المحلي الإجمالي وحده.

وبينما تواصل الولايات المتحدة قيادة النظام المالي العالمي، يتضح استمرار الصعود الآسيوي والتراجع الأوروبي والغياب العربي عن بوصلة النفوذ الاقتصادي العالمي.

مشاركة الخبر