لا يلتقيان رغم أن ذلك هو واجبهما الوظيفي اتجاه المواطن .. متخاصمان رغم علمهما أن المواطن أكبر المتضررين من هذا الخصام.
نعم نحن نتحدث عن مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية، جناحيْ السياسة النقدية والمالية للدولة، والتي تشهد شهرياً خلافات على صرف المرتبات، تحولها المالية فيرجعها المركزي، ليست هذه المرة الآولى ولن تكون الأخيرة، وسيتكرر المشهد ذاته طالما غابت عنهما تنفيذ النصوص واللوائح .. هل هي لغة المزاج؟ أم لغة المصالح والمنافع؟ وهل كُتب على المواطن أن يكون ضحية الخلافات في هذه البلاد؟
تواصلت صحيفة صدى الاقتصادية مع أحد مصادرها بوزارة المالية بحكومة الوفاق الوطني والذي أكد أنه لم يتم تنفيذ أذونات صرف مرتبات شهر يناير إلى حد الآن و ذلك بعد إرجاع المركزي لحوالة شهر يناير.
ومن جهته أوضح مصرف ليبيا المركزي أن سبب إرجاع الحوالة المالية يكمن في عدم اعتماد ميزانية سنة 2020.
و كانت صحيفة صدى الاقتصادية قد تواصلت مع مصدر مسؤول بالمركزي والذي أوضح أن صرف المرتبات يخص وزارة المالية، وبند المرتبات يتم الاتفاق عليه مسبقاً في ما يسمى الميزانية التقديرية لعام 2020، بمعنى أن الرقم الخاص بالمرتبات مخصص مسبقاً وسيمرر على أي حال بعد مشاورة ديوان المحاسبة.
و تابع قائلاً: حتى ولو تأخرت المرتبات ستصرف في كل الأحوال، فالقيد الدفتري يختلف عن ما يتم إنفاقه.
إنها ليست المرة الآولى التي يرفض فيها مصرف ليبيا المركزي طرابلس صرف المرتبات، وتكرر ذلك مع بداية شهر ديسمبر وخلالها أفاد مصدر مسؤول لصحيفة صدى الاقتصادية أن سبب رفض صرف مرتبات ديسمبر هو وجود محافظ مصرف ليبيا المركزي “الصديق الكبير” خارج البلاد.
وأفادنا بأن إدارة العمليات بالبنك المركزي لم تستطع تمرير إجراءات الصرف إلا بعد موافقة محافظ البنك المركزي، ولن يتم الموافقة عليها إلا حين عودته.
وعلى حد علم الجميع فمحافظ مصرف ليبيا المركزي “الصديق الكبير ” الآن خارج البلاد كذلك، حيث أجرى مقابلات مع وكالتي “رويترز وبلومبيرغ” في لندن .. فهل تكرر ذات المشهد وإلى حين عودته ستصرف مرتبات يناير !!!!؟
ومن جهته علق الخبير القانوني “طه بعرة” بأن ما يتم تقاذفه بين أجهزة الدولة هي مرتبات شهرية مستحقة تنفق من المال العام لموظفي القطاع العام، وهي بالتالي منظمة بموجب قانون، وأن القانون قد رسم كافة الحلول لكل ما قد يعترض صرفها من معقوات وإشكاليات، وعلى رأسها عدم اعتماد الميزانية العامة عند بداية العام الجديد، حيث نصت المادة (8) من القانون المالي للدولة ولائحة الميزانية والمخازن وتعديلاته على أنه إذا لم يتم إقرار الميزانية الجديدة قبل بدء السنة المالية، تفتح اعتمادات شهرية مؤقتة على أساس جزء من اثنى عشر من اعتمادات السنة السابقة، وهذا ما جرى العمل به منذ عشرات السنوات عندما يتأخر ميلاد قانون الميزانية، فتسرع وزارة المالية بإعداد مقترح للصرف يقدم لرئاسة الوزراء.
فهل ستنتهى خلافات وزارة المالية والمصرف المركزي قريباً؟ أم أن نار الاختلاف ما تزال تشتعل ببقاء هرميْ السلطة المالية والسلطة النقدية؟ وهل هو صراع نفوذ؟ أم صراع حدود؟