استبشر الليبيون خيرا مع اعلان مجلس النواب اعتماده تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ولغرض استكمال متطلبات المرحلة حسب تفاهمات (ابوزنيقة)، شكل مجلس النواب لجنة من بين أعضاءه لفرز ملفات المرشحين لشغل وظائف المناصب السيادية، وتهاطلت ملفات السير الذاتية لعدد كبير من المترشحين ، ومع قرب انتهاء اللجنة لأعمالها بدا لافتاً استبعاد بعض الأسماء المترشحة ممن تملك المؤهلات العلمية والعملية المؤهلة لشغل تلك الوظائف وبدون وجه حق وذلك حسب مصادرنا.
بدأت القضية عندما كشف أحد أعضاء مجلس النواب عن استبعاد عدد من المرشحين لعدة مناصب بدون سبب محدد ، كما أفصح عن قيام رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح” بإزالة اسم المترشح لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي “حسام الشهيبي” وذلك بعد تصويت عدد كبير من النواب على ترشيحه لمنصب محافظ والاتفاق عليه.
ووفقاً للمصدر فقد تحجج عقيلة صالح بأن الشهيبي لا يملك الخبرة المصرفية الكافية لمدة 15 سنة رغم تواجد أسماء بقائمة المرشحي لمنصب المحافظ من هم أقل خبرة سنوات مقارنةً بالشهيبي مع وجود العديد من الأشخاص الذين لا يملكون حتى خبرات مصرفية ومع ذلك تم اعتماد أسمائهم وإحالتهم للأعلى للدولة .
وقال المصدر بالمجلس أنها ليست المرة الأولى التي يقوم بها عقيلة صالح باستبعاد حسام الشهيبي فقد قام بإلغاء جلسة انتخاب نائب المحافظ بعد أن أجمع النواب على انتخاب حسام الشهيبي سنة 2017.
كما تُفيد مصادر من داخل مجلس النواب أن القوائم التي تم قبول ترشحها للمنصب ليست النهائية بل هناك أشخاص تم إزالتهم كمنصب نائب محافظ مثلاً كان لدى مصباح العكاري الحظ الأكبر ليتمكن من الفوز بهذا المنصب كما أنه أحد المساهمين بتوحيد سعر الصرف ، وشغل عدة مناصب قيادية داخل مصرف ليبيا المركزي وشارك في عدة ندوات ونظمها كذلك ويشهد له الكفاءة بالقطاع المصرفي وفقاً للمصدر ولكن تم استبعاده من القائمة متسائلاً بلماذا لم تكن مثل هذه الشخصية المصرفية المعروفة لدي الجميع ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة ونظافة اليد ضمن القائمة بل على رأسها !؟
كما كشف بمصدر النواب استبعاد “أبوبكر شريعة” من الرقابة الإدارية رغم أنه مؤهلاته العلميية ممتازة ويعد برفيسور ، مؤكداً المصدر أنه قد تمت إضافة أسماء مرشحي للمناصب دون الإعلان عنهم للعامة .
القائمة المعلن عنها لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي

من جهته قال عضو لجنة فرز ملفات مرشحي المناصب السيادية وعضو بمجلس النواب “عبد المنعم بالكور” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية حول عدم قبول عدد من مرشحي للمناصب السيادية إن عمل اللجنة مسألة تقديرية ، حسب قرار مجلس النواب .
وأفاد بالقول: إن افترضنا أن من تقدم إلى الوظيفة عددهم 50 شخص ونحن اختارنا 10 فبالتأكيد سيتم اختيار أفضل 10 ، وهي مسألة تقديرية للجنة وفقاً للشروط التي وضعتها والمتمثلة في الخبرة العملية ومؤهلات علمية والمناصب التي تم تقلدها وبالتالي حتى مراعاة الجغرافيا والاختيار من عدة مدن مختلفة وليس مدينة وحدة فقط.
وتابع “بالكور” إن القوائم التي تسربت عبارة عن ورقة “درافيك” لعمل اللجنة ولكن القائمة النهائية هي التي سربت لمجلس الدولة بالأمس .
وكشف عن تواصل عدة مرشحين لم يتم قبولهم وقلنا لهم أنها مسألة تقديرية ووفقاً لمعايير معينة وهذه المعايير قمنا بتطبيقها مع مراعاة حتى شهادة مجلس النواب به ومؤهلاته والشهود له بالكفاءة والبعد الجغرافي وغيره.
وتابع بالقول: موعد اعتماد كافة المناصب السيادية يتوقف على المجلس الأعلى للدولة وعند رده سنصوت فوراً على مخرجاته لأننا أحالنا القوائم لهم لاستبعاد جزء من المرشحين ويبقى على تلاثة أو أربعة وفقاً لإرادتهم .
وحول ميزانية 2021 قال عضو مجلس النواب أنه لا يوجد رد رسمي من قبل الحكومة بالخصوص وأجل تسليم الميزانية ينتهي الأحد ولا نعلم أخذهم بالاعتبار الملاحظات أم لا وحسب ما تداول في الإعلام شُكلت لجنة لهذا الغرض وإذا كان تم تحويل الميزانية غداً أو السبت سيكون هناك جلسة الإثنين ، وإذا لم تحويلها ستبقى إلى ما بعد العيد .
وكعادته دخل المجلس الأعلى على الخط موضحًا ان ماحدث يعتبر إجراء غير قانوني، مؤكداً ان ذلك يستوجب تصحيح المسار .
حيث قال عضو بلجنة اختيار ملفات المناصب السيادية وعضو مجلس الأعلى للدولة “سعد بن شرادة” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية إن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أنسف الاتفاقات المتمثلة في اتفاق بوزنيقة 1 و2 وشكلت لجنة أحدية من البرلمان وأفرزت ملفات المناصب السيادية واستقبلت ،وبعد ذلك تمت إحالتها للأعلى للدولة للاختيار.
وتابع بالقول: ولكن هذه الطريقة لا يمكن أن يتعاطى معها مجلس للدولة ونحن لا شك سنتعامل بموضوعية ونحاول أن يكون قانوني ولا يمكن أن يكون تنفيدها مخالف للاتفاق السياسي ونحاول أن يكون هناك مخرج قانوني ويتم الاختيار بشفافية تامة .
وحول الشكاوي على ملفات فرز المناصب السيادية قال بن شرادة: لا يصح أن يفتي المجلس الأعلى بشكوى ضد البرلمان ولكن هذه الشكاوي تتجه للقضاء، ونريد أن نعمل على الموضوع بشكل قانوني لتكون محصنة ولا توجد شكاوي ، ونحن في خلال هذا الأسبوع سنجتمع مع مجلس النواب ونزودها بالاطار القانوني حسب الاتفاق السياسي إذا أرادو ذلك .
مجلس النواب بدا معارضًا لرؤية المجلس الأعلى للدولة وأن ماقام به هو اجراء يتفق وصلاحياته.
اللافت أيضًا في هذا الخضم تباطؤ ورفض مجلس النواب للميزانية المقترحة من قبل حكومة الوحدة الوطنية بداعي عدم دقة بياناتها وتوسعها في مجالات إنفاق محددة، ولكن المعروف لدى الليبييون عامة أن ذلك ما كان إلا بسبب اصرار بعض النواب على إلحاق وكلاء وزارات مسمين من طرفهم بالحقائب الوزارية.
ومابين هذا وذاك، تتسارع الأحداث ويمضي عداد الزمن قدما باتجاه موعد الانتخابات في نهاية ديسمبر المقبل، وتتصاعد أيضا حدة الانتقادات لتأزم الأوضاع الحالية.
فهل أفرط الليبيون في التفاؤل هذه المرة؟ وهل يمكن لحكومة ذات فترة انتقالية محددة بأشهر إحداث نقلة اقتصادية وتغييرات ينشدها هذا الشعب؟ وإلى متى يظل الصراع على المناصب قائمًا ؟ وهل نحن بحاجة لتغيير عقليات المسئولين والنخب السياسية قبل رسم السياسات؟ ثم أما آن لهذا الشعب ان يهنأ بعيشه؟