Skip to main content
"الوحش": تحليل أولي للآثار المباشرة لسحب بعض الإصدارات من التداول على سعر الصرف والسيولة
|

“الوحش”: تحليل أولي للآثار المباشرة لسحب بعض الإصدارات من التداول على سعر الصرف والسيولة

كتب: الخبير الاقتصادي “صابر الوحش” مقالاً

يُعد قرار مصرف ليبيا المركزي بسحب بعض الإصدارات من التداول خطوة في إطار تنظيم “البيت الداخلي” للمركزي ومعالجة التشوهات التي خلّفها الانقسام المؤسسي خلال السنوات الماضية. ومن المتوقع أن تترتب على هذا القرار آثار مباشرة على الصعيدين الاقتصادي والنقدي، خاصة على مستوى سعر الصرف في السوق الموازي والسيولة النقدية.

فعلى مستوى سعر الصرف في السوق الموازي، من المرجح أن يؤثر القرار من خلال دفع جزء من الكتلة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي – خصوصًا تلك المتأتية من أنشطة غير مشروعة أو من عمليات فساد – إلى التحول نحو شراء العملات الأجنبية، بهدف استبدال الإصدارات المسحوبة، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي في السوق الموازي خصوصاً وأن القيمة المستهدفة كبيرة والزمن محدود والتزام المركزي بالمدة دون تمديد وهو ما تم في سحب ورقة الخمسين سابقاً.

وما دفعنا لهذا التوقع هو التتبع للأحداث خلال سحب ورقة الخمسين، حيث تشير البيانات المنشورة إلى أن استخدامات النقد الأجنبي للأغراض الشخصية سجلت ارتفاعًا سنويًا بنسبة 26% في عام 2023 مقارنة بعام 2022، أي خلال عام كامل، بينما بلغ معدل الزيادة 63% عند مقارنة الفترة من 1 يناير إلى 31 مايو 2025 مع نفس الفترة من عام 2024.

ويُعتقد أن جزءًا كبيرًا من هذه الزيادة يعود إلى قرار سحب فئة الخمسين دينارًا الذي تم في بداية عام 2025، حيث لجأ حائزو هذه الفئة إلى تحويلها إلى عملة أجنبية، مما ساهم في رفع حجم الطلب في السوق الموازي.

وقد ساعدت الزيادة في مخصصات الأغراض الشخصية على تعزيز جانب العرض من النقد الأجنبي في السوق الموازي، وهو ما ساهم في احتواء الضغوط على سعر الصرف ومنع وصوله إلى مستويات مرتفعة.

وانطلاقًا من ذلك، نوصى بأن يتزامن تنفيذ قرارات السحب الحالية مع صرف الحصة الثانية من مخصصات الأغراض الشخصية، وذلك كأداة لتقليص الأثر السلبي المتوقع على سوق الصرف.

وعلى الرغم من أن هذا الإجراء قد يضيف عبئًا على الاحتياطيات من النقد الأجنبي، إلا أن المحافظة على الاستقرار النقدي في هذه المرحلة تُعد أولوية تتقدم على اعتبارات الحفاظ على مستوى الاحتياطي.

أما فيما يتعلق بتأثير القرار على مستوى السيولة النقدية، فمن المتوقع أن يكون الأثر محدودًا، في ضوء ما شهده السوق خلال الفترة الماضية من توزيع لكميات من العملة المطبوعة حديثًا.

ويشير ذلك إلى أن مصرف ليبيا المركزي قد استبق تنفيذ القرار بخطوات عملية تضمن توفر السيولة البديلة، بحيث تتم عملية سحب الإصدارات المستهدفة بالتوازي مع ضخ كميات معادلة من العملة الجديدة.

مشاركة الخبر