كشفت صحيفة اندبندنت عربية اليوم السبت تقريرا أوردت من خلاله أن القطاع الصحي الخاص في تونس يترقب تسوية ملف الديون العالقة مع الجانب الليبي منذ أكثر من 13 عاماً وهي تمثل ديون المرضى والجرحى الليبيين الذين تدفقوا على المصحات التونسية بعد الأحداث الأمنية والمواجهات التي شهدتها ليبيا بعد سقوط نظام القذافي علاوة على أعداد كبيرة من المرضى خلال الفترات الموالية .
وأشارت الصحيفة إلى أن المصحات التونسية لم تتمكن طوال هذه المدة من الحصول على مستحقاتها على رغم الوعود المتتالية من الجانب الليبي كان آخرها عندما جدد وفد ليبي ضم رئيس جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية أحمد مليطان خلال لقائه الأخير بوزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني التزامه بتسوية الملفات العالقة المتعلقة بديون المؤسسات الصحية التونسية في حين أفادت المديرة العامة لتصدير الخدمات الصحية ودعم الاستثمار بوزارة الصحة التونسية بشيرة رحيم بأن المسؤولين الليبيين أبدوا استعدادهم لتسوية هذا الملف وحلحلة الإشكاليات العالقة وأنه وقع الاتفاق على ضرورة غلق الملف وخلاص الديون في أقرب الآجال على أن يُشكل خلال الأيام القليلة المقبلة فريق عمل مكون من ممثلين عن وزارة الصحة التونسية وممثلين عن وزارة الصحة الليبية للنظر في هذه الإشكاليات .
60 مصحة متضررة:
وكشف رئيس الغرفة النقابية الوطنية للمصحات الخاصة بتونس هيئة مستقلة بوبكر زخامة أن ليبيا مدينة بمبلغ يتجاوز 112 مليون دولار للمصحات التونسية وهي ديون تراكمية غير مدفوعة لمصلحة 60 مصحة تونسية خاصة يُستقبل فيها الليبيون .
وقال إن الجانب الليبي لم يتمكن من سداد هذه الديون المتراكمة مع فشل الحكومات المتعاقبة في الوفاء بوعودها بتسوية الديون التي لم تسدد منذ عام 2011″، مشيراً إلى أن الديون المتراكمة على الدولة الليبية تمثل عبئاً مالياً كبيراً على قطاع الصحة في تونس وأنه على رغم الالتزامات التي تم التعهد بها فإن هذه المشكلة التي تعود إلى أكثر من عقد لا تزال من دون حل إذ ظلت هذه الديون معلقة، مما أثر بصورة خطرة على التدفق النقدي للمصحات الخاصة التونسية وقدرتها على تقديم خدمات عالية الجودة حيث أن الليبيين يشكلون نحو 70 في المئة من المرضى الأجانب الذين يتلقون العلاج في تونس .
وأوضح زخامة أن القطاع الصحي التونسي يؤمن للمرضى الليبيين نحو 1.5 مليون عيادة طبية سنوياً مما يقتضي التحرك بأقصى سرعة لمعالجة المعضلة القائمة من أجل ضمان الاستمرارية والجودة إذ تعذر الحصول على المستحقات على رغم تشكيل لجنة تدقيق في الديون عام 2018 والتي أنهت مهامها منذ عام 2023 من دون التمكن من تسوية الديون .
وأضاف أن غالبية المرضى الليبيين يتحملون الكلفة الكاملة للعلاج في المصحات التونسية الخاصة وتقبل المصحات التونسية ملفات التكفل بالمرضى الليبيين الذين يحصلون على تأمين صحي شامل من المؤسسات التي يعملون فيها والتي من المفترض أن تتولى لاحقاً تسديد فواتير المصحات .
تشكيك في الفواتير:
وبحسب الصحيفة وصف أصحاب مصحات وممثلون عن مؤسسات صحية في حديثهم إلى “اندبندنت عربية” ملف مستحقاتهم لدى المرضى الليبيين بـ”المعقد” وذكر الصحبي بن عياد صاحب إحدى المصحات الخاصة أن المؤسسات الصحية التونسية اضطرت إلى التعامل مع لجان متنوعة ممثلة للمرضى الليبيين في غياب لحكومة موحدة وحال التشتت والتقسيم خصوصاً قبل عام 2017 إذ يتم الاتصال بهذه اللجان كل على حدة لتدارس الفواتير وطلب سدادها علاوة على رسائل التغطية الصحية من القنصلية والسفارة الليبية
إضافة إلى شركات التأمين التي كان من المفترض أن تسدد فواتير منظوريها وتم التعامل معها على حدة ثم الشركات الوسيطة التي منحها الجانب الليبي ملف الفواتير لتلعب دور الوسيط بين المصحات والسفارة .
وأوضح بن عياد أنه باستثناء بعض شركات التأمين الكبرى التي كانت وفية لسمعتها وسددت المستحقات فإن بقية الأطراف أخلت بالتزاماتها خصوصاً المتعلقة بإيواء ومعالجة مرضى وجرحى ليبيين في المدة الممتدة ما بين عامي 2011 و2017
وأشار إلى أن التعامل مع الملف لدى مصحته شهد تحسناً منذ عام 2017 وخصوصاً خلال عام 2020 بحكم الاستقرار النسبي الذي شهدته ليبيا والتمكن من التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية فإن بعض الديون لا تزال عالقة والتي تخص الشركات الوسيطة بين السفارة والقنصلية والمصحات وشركات تأمين ليبية .
وقال بن عياد إن الديون تجاوزت حاجز 400 مليون دينار (131.2 مليون دولار) في أقل تقدير بحكم سعر الصرف الذي لم يتجاوز 1.6 دينار تونسي مقابل الدولار خلال تلك الفترة وهو في الوقت الراهن يتجاوز ثلاثة دنانير .
فيما ذكر طارق عبيد ممثل إحدى المصحات أنه ينتظر تسديد الفواتير التي تم التعاطي معها بالطريقة نفسها خلال فترة اللجان أو بعدها أي خلال الفترة الممتدة بعد عام 2017 مع حكومة الوحدة الوطنية واستُقبل المرضى بمقتضى ملفات التكفل بالمرضى التي يقدمونها وعلى تأمين صحي شامل من المؤسسات التي يعملون فيها وحصلت المصحات على بعض المستحقات الضئيلة من إجمال الخدمات الصحية المسداة والفواتير الصادرة من قبلها، إذ أبدت شركات التأمين والشركات الوسيطة بعض التعاون أول الأمر ثم أخلت بالتزاماته ولم تحصل المؤسسات التونسية على غير الوعود من الشركات الوسيطة والتأمينات والقنصلية على حد السواء في المدة اللاحقة واضطرت المصحة للتظلم لدى النقابة ولم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لكن توقع عبيد تظلم عدد من المصحات لدى القضاء التونسي وأثر حجم هذه الديون في أداء المصحات الصغرى خصوصاً بعد أن انعكس بالسلب على مداخيلها واستثماراتها وتواصل استقبال المرضى الليبيين مما زاد الأمر تشعباً .
ويتجاوز عدد المصحات الخاصة في تونس الـ120 مصحة ويمثل المرضى الليبيون الجزء الأوفر من الوافدين من خارج تونس إضافة إلى الجزائريين والموريتانيين .
ونفت غرفة المصحات الخاصة التونسية خلال فترات سابقة ما روج حول رفض استقبال المرضى الليبيين على خلفية ملف الديون وعبرت عن حرصها على تقديم الخدمات للوافدين من دون تمييز .