Skip to main content
انعدام السيولة يؤجج ظاهرة التسول
|

انعدام السيولة يؤجج ظاهرة التسول

ظاهرة التسول هي ظاهرة قديمة حديثة فقد عرفها المجتمع الليبي قبل عشرات السنين، ثم بعد ظهور النفط بليبيا وتحسن الأحوال المعيشية للمواطن الليبي صارت هذه الظاهرة لصيقة بالوافدين على ليبيا بالنظر ربما لتدني مداخليهم او عدم وجوده أصلاً، إلا أن ما يلاحظ هو عودة هذه الظاهرة للسطح بأرقام كبيرة ومظاهر متعددة وما عادت تشمل الوافدين فقط بل أيضاً شاركهم فيها الليبيون بأعداد كبيرة نسبياً.

انعدام السيولة يؤجج ظاهرة التسول

فهل لغياب السيولة دور؟ أم لانعدام فرص العمل؟ أم لكونها وسيلة للكسب السريع؟ أم للتغطية على أمور ما يتجه البعض إليها؟

للإجابة على كل هذه التساؤلات لملمنا أوراقنا واتجهنا إلى حيث هؤلاء لنستطلع آرائهم ونظرتهم لهذه المهنة “بنظر البعض” وأسباب تحولهم إليها، وكانت لنا هذه الوقفات:

امرآة تتسول لشراء مخصصات ال 500 دولار..

في لقاء مع إحدى المتسولات المواطنة “لطفية” أمام إحدى المصارف التجارية..

قالت ما يدفعني للتسول هو عدم قدرتي على توفير السيولة ولا وجود لفرصة عمل لمراة بعمري، فأنا أريد سيولة لدفع مستحقاتي فأنا ك مواطنة ليبية لم أتحصل إلى الآن على 400 أو 500 دولار لسد احتياجاتي لعدم قدرتي على توفير المبلغ المطلوب ، وعلى الأقل لو وفر لي المصرف هذا المبلغ سأقوم بعمل أي مشروع صغير يسد لقمة العيش لي ولأطفالي..

انعدام السيولة يؤجج ظاهرة التسول

نقص السيولة سيدفعنا للتسول. 

لقاء مع مواطنة أخرى من أمام المصرف قالت :

المتسولون يملكون كامل الحق في ذلك، فحتى أنا أجد أن عدم حصولي على السيولة سيدفعني إلى التسول مما لأوفر احتياجات عائلتي، فالمصارف لا تأتي بالسيولة إلا بعد وقت طويل، وحتى عندما تتوفر فإن هناك مواطنين لا يحصلون عليها أو أحياناً يقومون بإعطائا مبلغا قليلا من المال لا يوفر احتياجاتنا في بلاد ارتفع فيها حتى ثمن رغيف الخبز..

وأضافت قائلة :

نحن هنا أمام المصارف نتعرض للإهانة أكثر بكثير من إهانة المتسولين، ففي العديد من المرات يقوم بعض أفراد الأمن بضرب أو شتم المواطنين، وأحيانا نضطر للمبيت أمام المصارف وفي الصباح التالي يقولون أن توزيع السيولة انتهى وعودو إلى بيوتكم!
فالمتسولين لهم الحق ونحن لنا الحق أيضاً في أن نلجأ للتسول، فالتسول الآن أفضل من مهنة حكومية.. طالماً المصارف والحكومة عاجزة عن توفير السيولة والأمن لنا معاً.

بيع المناديل على الرصيف مهنة وليس تسول :

مواطن قال : التسول لم يصبح ظاهرة بل أصبح فكرة في ذهن كل مواطن حتي بائعي المناديل بالطرق يصنفهم المواطنون على أنهم من المتسولين، رغم أنها تتصف بالمهنية ويرفض العديد من بائعيه إعطائهم صدقة أو إعطائهم أكثر من ثمن المناديل التي يبيعونها.

انعدام السيولة يؤجج ظاهرة التسول

التسول: هل من سبب وراء رواجه؟

مواطن آخر أبدى رأيه بالخصوص وقال :

بالنسبة لي ألاحظ كذلك في الفترة الأخيرة انتشار لظاهرة اخرى وهي استغلال حاجة الناس، من خلال التباهي والمن بالصدقة، بمعنى أن من يقدم شيئاً على سبيل الهبات والتبرع يسارع للتباهي بما قدمه.

وتختلف صور المباهاة فبعضها يتمثل في تغطيات إعلامية مختلفة الصور والاطياف ، والاخر عن طريق اعلانات ظاهرها الشكر لمن قدم الاعانة وباطنها التفاخر بما تم تقديمه وهذه الاعلانات في معظمها تكون مدفوعة الاجر من المتبرع ناسياً او متغافلاً ان هذا قد يذهب بما فعله ويجعله بلا آجر.

وهناك ايضاً هبات عينية تكون احيانا مغلفة بملصقات الجهة المانحة وهو امر يفسد أيضاً معنى الهبة ويجعلها صدقة بنية الحمد والثناء لتلك الجهة او الشخص الواهب.

هذه الافعال التي تجتاح اعمال الخير بجعلها اعمالاً غير خيرة بل ويلقي ظلال الشك والريبة عليها فما هى الا ستار اُريدَ من وراءه مقاصد دنيوية قريبة فقد تكون طمعاً بمناصب او هروباً من تسليط الاضواء على مصدر تلك الاموال ولهثاً وراء شكر او احيانا مقدمة لاعمال نصب واحتيال.

التسول مهنة وإستغلال معاً

وفي مقابلة مع احد أفراد الأمن :

قال لنا أن تسول لم يعد ظاهرة فقط بل أصلح مهنة للعديد من المواطنين في ليبيا أو غيرها وأكد قائلا إنه من فترة تم القبض على 3 متسولين، طفلان وامرأة، واتضح أنهم ليبيين، وعند التحقيق في القضية، اكتشفنا أن المرأة تقوم بهذا العمل لقلة السيولة وسوء المعيشة، لذلك لجأت للتسول بأطفالها، وتبنتها كوظيفة بدون علم أقاربها.

وأضاف أنه من فترة ليست بالقليلة تم القبض والتحقيق مع الكثير من المتسولين وبعض كانوا يملكون الكثير من المال حيث انهم يتحصلون يومياً على ما يقارب ألف دينار وورائهم شركات يستغلون أوضاعهم ويجازفون بهم..

بعد هذه الوقفات والاستطلاعات يمكن القول بأن ذهاب الكثيرين نحو التسول كانت دوافعه مختلفة فمنهم من كان دافعه الاحتياج الفعلي ومنهم من كان بداعي التعيش من مردوده ومنهم من استهواه العائد المادي مقارنة بالجهد والوقت.

مشاركة الخبر