عندما تتكلم المصالح يصبح الرئاسي جسمًا شرعيًا كامل الأهلية عند منتقديه، وكذلك الحال يصبح مجلس النواب بطبرق الجهة التشريعية ذات الصفة القانونية، مركزي بنغازي أثنى أخيرًا على ملاحظات الرئاسي وأكد على وجوب الأخذ بها من طرف مركزي طرابلس، وخاصة في فتح الاعتمادات ومراعاة العدالة في توزيعها ، مع توحيد مصرف ليبيا المركزي .
كانت البداية من مطالبة عضو مجلس إدارة بالبنك المركزي البيضاء “مراجع غيث” أعضاء مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي توحيد الصفوف ومواجهة ما وصفه بالخطر الداهم والمتمثل في انتشار فيروس كورونا المستجد وغض النظر عن الاختلافات في وجهات النظر وأن أية أسباب سياسية وتوجهات .
ودعا غيث لتغليب مصلحة الوطن لعقد اجتماع مجلس الإدارة بشكل رسمي واتخاذ خطوتين أساسيتين تتمثل الأولى في تعديل سعر الصرف حسب الدراسات السابقة والمعاملات وإلغاء كافة القيود والإجراءات التي لا تدعم إلا السوق الموازية والثانية وهي تخصيص مبلغ بالعملة الصعبة لمواجهة احتياجات مواجهة فيروس كورونا المستجد من معدات ومستلزمات لكافة المستشفيات في البلاد.
و من جهته أصدر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي بالبيضاء بياناً أكد فيه عدم رد محافظ مصرف ليبيا المركزي “الصديق الكبير” على رسالة لتوحيد المركزي ومطالبتهم باتخاذ إجراءات من قبل الكبير لفتح الاعتمادات وغيرها من إجراءات لمواجهة الأزمة، وتوحيد سعر الصرف وإعادة تفعيل منظومة المقاصة الإلكترونية والتي أقفلت منذ 2014 على المنطقة الشرقية لتقديم أبرز الخدمات الصحية مع الفيروس المتفشي “كورونا”.
و بحسب مصادرنا بمركزي البيضاء فقد أكدوا أن اجتماعات اللجنة المشكلة لمعالجة إشكالية المقاصة والمصارف المتضررة جراءها لم تصل إلى أي حل أو نتائج ، رغم وجود ممثلي مركزي طرابلس فيها .
سببَ فصل منظومة المقاصة الإلكترونية أزمة كبيرة جداً لدى المصارف، حيث أنها قد ساهمت في انخفاض أرصدتها لدى مركزي طرابلس بالإضافة إلى عدم توفير سيولة للمصارف التابعة إدارتها للمنطقة الشرقية أي سيولة إلى حد الآن، رغم أن هذه المصارف تلتزم بمنشورات مركزي طرابلس وضوابطه كالتجارة والتنمية والوحدة .
لجأت المنطقة الشرقية في فترة معينة لتمويل ميزانياتها عبر طباعة العملة في روسيا وذلك بسبب امتناع محافظ مصرف ليبيا المركزي بطرابلس “الصديق الكبير” عن إرسال سيولة لمدن المنطقة الشرقية منذ سنة 2015 .
ويرى بعض الخبراء الماليين أنه لا يمكن توحيد “المركزي” دون أن يسبقه توحيد الحكومة والنواب، لأنه في كافة دول العالم المصرف المركزي يسمى مصرف الحكومة أو الدولة، بالإضافة إلى رؤية آخرى تتمثل في أن التوحيد سينتج تمويلاً للجيش الليبي بالمنطقة الشرقية بقيادة “حفتر” وهذا ما لا يريده “الكبير” وسبب في فصل المنظومة.
يقول وزير الاقتصاد بالحكومة الليبية التابعة لنواب طبرق “منير عصر” لصدى الاقتصادية أنه لو تم توحيد البنك المركزي واستلامه من مجلس إدارة فعال يراعى فيه الكفاءة والمهنية وتوحيد السياسة النقدية سينجم عنها توحيد السياسة التجارية وكذلك السياسة المالية التوحيد لا يعني أن تنطوي تحت المحافظ الحالي أو المحافظ الذي ينتظر تتويجه وتسليمه البنك في “عرس شعبي” وهو خارج البلاد و كأنه مطالب بعرش من المهجر.
و أضاف بالقول: يجب أن يكون التوحيد بتكليف مجلس إدارة فعال بعيد عن الجهوية والتقسيم والمحاباة بأن يتم فتح باب الترشح ويتم تقديم خطة مقاسة بالزمن قابلة للتنفيذ ويتم عرضها ويتم مناقشتها وطرحها بحضور اقتصاديين ورجال أعمال وأكاديميين ومكاتب دولية تقيم خطة المترشح وتناقشه في آليات التنفيذ.
و تابع بالقول: البرلمان يكون له القرار الكاشف ولكن القرار الفني يجب أن يخضع للتقييم والاجازة وبالنقاط وغير هذا يجعل من المركزي وظيفة إدارية فبعض دول العالم استعانت لصناديقها وبنوكها بخبراء دوليين و نحن لم نصل إلى هذه الثقافة.
و أفاد وزير الاقتصاد بالقول: إذا علينا أن نفتح باب الترشح وعلى المرشح قبل دخوله قاعة البرلمان يكون قد اجتاز امتحان فني يعرض به خطته وبحضور خبراء محليين ودوليين ومختصين ويتم تقيم خطته ومناقشتها وآليات التنفيذ أما إن يتحول المركزي إلى “دكان” لاستلام عوائد النفط فإذا باع اعطى اعتمادات و إذا شح البيع أدخلنا في أزمة فانخفاض النفط شل عمله للبنوك المركزية وظائف أخرى غير توزيع دخل النفط وتحول من بنك الدولة إلى حاكم مستبد هذا لا يأتي إلا في اطار زيادة الفرقة والتقسيم.
ومن جهتها أعربت البعثة الأممية للدعم في ليبيا عن أسفها لعدم انعقاد مجلس محافظي مصرف ليبيا المركزي طوال سنوات عدة، مؤكدةً أن توحيد المؤسسات المنقسمة في ليبيا، وبينها المصرف المركزي يأتي في صميم عملها وهو هدف رئيسي من أهداف البعثة.
وأكدت البعثة أنه في ظل تهديد جائحة عالمية تقف على أعتاب ليبيا، يتوجب على القادة الليبيين والمجتمع الدولي أن يتصرفوا بشكل يتناسب مع الظرف الحالي وأن يعملوا معاً لتجنيب الشعب الليبي المزيد من التعاسة.
ختاماً .. هل تتغلب لغة الاقتصاد على لغة السياسة؟ وهل تتوقف الحرب لتدور العجلة الاقتصادية ؟ وهل يلامس صراخ المواطنين آذان المسئولين؟